مناقشة لرؤية الشيخ قيس الخزعلي حول رئيس الوزراء القادم

احسان جواد كاظم

كثر الحديث عن فترة مابعد داعش, وقد طرحت مبادرات بتسويات سياسية لتوليف محاصصة مُحسنة مُلمعة, لخداع المواطن العراقي بعد ان ذاق الأمرّين من فشل برامج الاسلام السياسي في كل المجالات وما قادت اليه من كوارث.
الشيخ قيس الخزعلي قائد عصائب اهل الحق المشاركة في الحشد الشعبي في التصدي لداعش كان له خطاباً ورؤية لما بعد داعش بوجوب ان يكون رئيس الوزراء القادم حشدياً حصراً.
وقد علل ذلك, لكي يحافظ رئيس الوزراء الحشدي على انجازات وتضحيات الحشد على جبهات القتال مع داعش ومساهمته الفاعلة في تحرير مدن وقرى من براثنها. ولعل هذا التصريح يُبطن عمق الانقسام السياسي الحاد والشيعي منه بالخصوص, حد التصنيف على اساس ” حشدي وغير حشدي “.
لا نريد هنا ان ندخل في مقارنة, مَن من القوى المقاتلة حقق حجم انتصارات اكبر على داعش من غيره, لأنها لن تكون في صالح المطالبين بها, لا ادبياً ولا عملياً, وهو ما يعرفه كل عراقي…والتواضع سيد الاخلاق.
ولأن للنصر آباءاً متعددين والهزيمة يتيمة. فأنه لا يستطيع اي احد ان يحتكر الانتصارات المتحققة ونسبها له, لاسيما وان سير المعارك والتنسيق بين القوى المقاتلة كان تكافلياً.
ونربأ بأنفسنا عن المفاضلة بين دماء المقاتلين من ابنائنا في سبيل الوطن, فالدم العراقي واحد, وهم كلهم اعزاؤنا.
مبدئياً, ليس هناك اعتراض على تسنم اي مواطن عراقي, تفرزه انتخابات نزيهة وحرة حقاً, رئاسة الوزراء, شرط ان يخدم مصالح كل العراقيين بدون استثناء وبدون تمييز ويلتزم بالأطر القانونية والديمقراطية في ادارة الدولة, وان يحمل برنامجاً متكاملاً للبناء, وليس لجني مكاسب ذاتية انانية لتوجهه السياسي.
لكن التأكيد على ان يكون من الحشد الشعبي بالتحديد لكي لا تضيع تضحياتهم, فأن هذا الشرط لن يكون منصفاً. فالمضحون في القتال ضد داعش… كُثر, ولايقتصرون على الحشديين والمنخرطين منهم بفصائل اسلامية شيعية تحديداً. فهناك ابناء قواتنا المسلحة الباسلة بكل صنوفهم, الذين اعطوا دماءاً زكية غالية في تحرير مدن كبيرة عصية على الاختراق, وهناك متطوعو العشائر والبيشمركة والتشكيلات المسلحة المدافعة عن مناطقها من المسيحيين والايزيديين والتركمان.
لابد من الأشارة ايضاً, بأن مفهوم التضحية ليس محدداً بالاستشهاد في سوح الوغى بل ان حتى ابناء شعبنا المنتهكة حرياتهم وحقوقهم, الصابرين على ظلم الفاسدين وسرقاتهم وتسلط ازلامهم والمدنيين المهجرين او الهاربين من همجية الدواعش, الذين يعانون شظف العيش في المخيمات والشباب المؤجلة امانيهم لما بعد القضاء على الدواعش… هؤلاء كلهم مضحون بدرجة ما ويستحقون ان يكون لهم صوتاً عالياً في اختيار من يحكمهم.
عموماً, لا يمكن الرجم بالغيب, بأفتراض ان رئيس الوزراء القادم من خارج الحشد سيفرط بكل هذه التضحيات والمعاناة.
ثم ان مؤسس الحشد الشعبي السيد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ( حسب زعمه ) قبل دعوة المرجعية الدينية للتصدي لداعش, هو متهم أساسي, بحكم مسؤوليته, بتسليم الموصل وغيرها من المدن العراقية للدواعش عام 2014  والتسبب بمجزرة سبايكر التي راح ضحيتها 1700 شاب عراقي بعمر الورد, ومناصبته الحراك الشعبي ضد الفساد ومن اجل الاصلاح والتغيير, العداء. ودعمه للتوجهات العشائرية, بتزويد بعضها بالسلاح, وهي اليوم تتقاتل بهذا السلاح وتهدد السلام الاجتماعي والامن العام وتثلم هيبة الدولة, وهو بنفس الوقت, زعيم اكبر تحالف شيعي – التحالف الوطني العراقي – .
اضافة الى ان التجاوزات الميليشياوية الكثيرة لأطراف تنتمي للحشد او تتستر برداءه على كرامات وحريات المواطنين وتهديد النظام والامن العام. والتي تمر دون اجراءات ردع من قياداته للمعتدين, المسيئين لسمعة الحشد, خلفت ردود فعل سلبية من قبل المواطنين ازاءه.
والتي لن يكون اضفاء القدسية عليه وعلى ممارساته سبباً كافياً لتناسيها.
لهذه الاسباب وبحكم التجربة السابقة, والتجربة أحسن برهان, فأن وجود رئيس وزراء حشدي لا يعتبر ضماناً كافياً, لعدم التفريط بالوحدة الوطنية العراقية مستقبلاً او لعدم استمرار الاحتراب الداخلي على اسس طائفية او عرقية او هضم حقوق المواطنين وتبديد ثرواتهم.
ولمن يتذكر, فأن الميليشيات التي اصبحت فصائل في الحشد بعد الانهيارات الامنية في الموصل, كانت كما غيرها تحت تأثير الصدمة. وقبعت ساكناً في مناطق نفوذها في انتظار قدوم داعش اليها للدفاع عن غيتواتها داخل المدن لولا دعوة السيد علي السيستاني, العراقيين قاطبة للتطوع والدفاع عن بغداد والانطلاق لتحرير المدن والقرى المغتصبة.
التضحية في سبيل الوطن واجب وليس فضلاً او منّة !

للأطلاع :

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here