“” لا تسرف “”.. وأنت جدير بالكرم

فؤاد المازني

في بلد كألمانيا يتوقع الكثيرون رؤية الناس يعيشون في رغد وحياة فاخرة ومترفة حد التخمة ولديهم النزعة الإستعلائية والنظرة الفوقية وإستحقار الشعوب المستضعفة وندرة التعامل الإنساني في العلاقات الإجتماعية … وصلتني هذه من أحدهم
“”يقول احد الطلاب : عندما وصلت الى هامبورغ ..رتب أحد زملائي الموجودين حديثآ في هامبورغ جلسة ترحيب لي في أحد المطاعم .. وعندما دخلنا المطعم لاحظنا ان كثير من الطاولات كانت فارغة وكانت هناك طاولة صغيرة تواجد عليها زوجين شابين لم يكن أمامهما سوى اثنين من الأطباق وعلبتين من المشروبات ..
كنت أتساءل اذا كانت هذه الوجبة البسيطة يمكن ان تكون رومانسية وماذا ستقول الفتاة عن بخل هذا الزوج .. وكان هناك عدد قليل من السيدات كبيرات السن يجلسن جانبا ..
طلب زميلنا الطعام وكنا جياعا فطلب المزيد .. وبما أن المطعم كان هادئا وصل الطعام سريعا ولم نقض الكثير من الوقت في تناول الطعام وعندما شرعنا بمغادرة المكان كان هناك حوالي ثلث الطعام متبقي في الاطباق ..ولم نكد نصل باب المطعم الا وصوت ينادينا .. لاحظنا السيدات كبيرات السن يتحدثن عنا الى مالك المطعم ..وعندما تحدثوا الينا فهمنا أنهن يشعرن بالاستياء لاضاعة الكثير من الطعام المتبقي .
أجابهم زميلي : ” لقد دفعنا ثمن الطعام الذي طلبناه فلماذا تتدخلن فيما لايعنينكن ..؟؟
احدى السيدات نظرت الينا بغضب شديد واتجهت نحو الهاتف واستدعت أحدهم ..
بعد فترة وجيزة من الزمن وصل رجل في زي رسمي قدم نفسه على أنه ضابط من مؤسسة التأمينات الاجتماعية وحرر لنا مخالفة بقيمة 50 مارك .
التزمنا جميعا الصمت ..وأخرج زميلي 50 مارك قدمها مع الاعتذار الى الموظف.
قال الضابط بلهجة حازمة : ” اطلبوا كمية الطعام التي يمكنكم استهلاكها .. المال لك لكن الموارد للجميع ..ليس لديكم سبب لهدر الموارد ” .
احمرت وجوهنا خجلا ..ولكننا في النهاية إقتنعنا بإجراءاته ..
نحن فعلا بحاجة الى التفكير في هذا الموضوع لتغيير عاداتنا السيئة .
قام زميلي بتصوير تذكرة المخالفة وأعطى نسخة لكل واحد منا كهدية تذكارية .
” المال لك .. لكن الموارد ملك للجميع ” .
إنتهت الرسالة …
نعيش هذه الأيام بركات شهر رمضان .. ونحن اولى بتطبيق هذا الامر ..
“” لا تسرف “”.. “” لا تسرف “”
فهناك آلاف العوائل المتعففة وآلاف من الأرامل وأضعاف هذا العدد من الأيتام إضافة الى المرابطين على جبهات القتال لمواجهة داعش والإرهاب والمجاميع التكفيرية .. وهؤلاء المقاتلين من أبناء وطنك وهم في مواقع المواجهة يحاربون نيابة عنك وهم في هذا الشهر الكريم شهر رمضان المبارك بعيدين عن مدنهم وبالتأكيد أغلب عوائلهم بحاجة الى  مساعدتك .. وأنت جدير بالكرم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here