أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السّنةُ الرَّابِعَة (٨)

                            نــــــــــزار حيدر

   {وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ}.

   أَمَّا في الْعِراقِ [الجديد] فحفلات التَّسقيط وحملات الفضائح ونشر الغسيل القذر قائمة بين السياسيِّين على قدمٍ وساقٍ في الدُّنيا قبل الآخرةِ! وهي تمتدُّ طُوال العام إِلَّا أَنَّها تشتدُّ فترة الانتخابات النيابيَّة!.

   ولقد كان آخرها اليوم عندما فضحت أَحد أَبواق [القائد الضَّرورة] صاحبَها على الهواءِ مباشرةً، بعد خدمةٍ مُتبادَلةٍ على الحقِّ والباطل دامت سنين! ولا أَدري لماذا؟! ربما لانَّها أَيست مِنْهُ وشعرت أَنَّهُ فقدَ الصلاحيَّة ولم يعُد يُرتجى لتحقيقِ مصلحةٍ تُذكر!.

   ولا أَشكُّ في أَنَّ جُلَّ ما يُنشرُ من الغسيل القذِر صحيحٌ وسليمٌ فاللُّصوصُ يعرفُ بعضهُم بعضاً وأَنَّ الفاسدينَ والفاشلينَ يعرف بعضهُم بعضاً! ولذلك فانَّ الفضائح الماليَّة والسياسيَّة التي يكشفها بعضهُم ضدَّ البعض الآخر صحيحةٌ الى درجةٍ كبيرةٍ!.

   ولو جمعناها الى بعضٍ فسنكتشف أَنَّهم جميعهُم متورِّطون بالفسادِ والفشلِ والعمالةِ لِهذهِ الدَّولة أَو تلك والتَّآمر على تدمير البلد وإِنهاكهِ والتَّفريط بخيراتهِ!.

   والغريبُ في الأَمرِ شيئان؛

   الأَوَّل؛ هو أَنَّهم جميعهُم وبِلا استثناء يُميطون اللِّثام يومياً عن فساد بعضهِم وبكلِّ الطُّرق والأَساليبِ الملتوية التي شرعنوها بقانونٍ! وفِي ذات الوقت فانَّهم جميعهُم وبِلا استثناءٍ كذلك يتحدَّثون عن النَّزاهةِ والحربِ على الفسادِ! ويدعونَ الى بناءِ دولة القانون وكيف أَنَّهُ لا ينبغي أَن يفلتَ أَحدٌ من العِقاب إِذا ثبُت أَنَّهُ تجاوزَ على المالِ العام مثلاً أَو أَنَّهُ تسبَّب بإراقةِ دماء العراقييِّن الأَبرياء وهكذا!.

   أُنظروا…شي ما يشبه شي!.

   فمَن هو الفاسدُ إِذن؟! ومَن هو الفاشلُ إِذن؟! ومَن هو الذي تسبَّب بتدميرِ الْعِراقِ إِذن؟! ومَن هو الذي أَضاع البلد ومستقبل أَبنائِنا والأَجيال القادِمة إِذن؟!.

   ولذلك فبعدَ (١٤) عامٍ من الفسادِ والفشلِ لم يتحمَّل أَحدٌ المسؤوليَّة بل أَدنى المسؤوليَّة! والنَّتيجة أَنَّهم جميعهُم فاسدونَ ولُصوص وفاشلون كما يردُ يومياً على لسانِ بعضهُم ضدَّ البعض الآخر! وفِي ذاتِ الوقت فانَّهم كلَّهم يحاربونَ الفساد واللصوصيَّة والفشل!.

   النَّتيجة إِذن صِفر! والتي يحاولونَ تمريرَها على عقولِنا بشرعنتِها بمشروع [التَّسوية التَّاريخيَّة] التي تستند بجوهرِها على فكرة [تصفير المسؤوليَّات].

   وصدقَ الله الذي يقولُ في محكَم كتابهِ الكريم {شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا}.

   الثَّاني؛ عندما يريدُ المواطن أَن يعتمدَ على تصريحاتهِم ضدَّ بعضهِم البعض الآخر! من باب [مِن فمِك أُدينكَ] و {شَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا} فيستنتج بأَنَّهم فاسدونَ وفاشلونَ تصرخ أَبواقهم وذيولهُم بوجههِ بالقول؛

   لا تُعمِّم! لا يجوزُ لكَ أَن تعمِّم! التَّعميمُ حرام! التَّعميمُ يخلُط الأَوراق وهذا ليس لصالحِ الْعِراقِ! والتَّعميمُ يُصيبُ النَّاسَ بالاحباطِ! وهكذا من هذه العبارات الانشائيَّة السَّخيفة التي لا يُردِّدها إِلّا المستفيدونَ من فُتاتِ موائدِ العصابةِ الحاكمةِ!.

   غريبٌ أَمرهم! فعلى ماذا يعتمد المواطن إِذن لتقييم السياسيِّين؟! أولَم يقولوا أَنَّ الاعتراف سيِّد الأَدلَّة؟! فاذا كان إِعترافُ بعضهِم على البعض الآخر ليسَ دليلاً للاتِّهام! وإِذا لم نستطع لحدِّ الآن إِعتقالُ [عِجْلٍ سمينٍ] واحِدٍ على الأَقلِّ ليقفَ خلفَ القُضبان ليواجهَ القضاء لنعرفَ مِنْهُ الحقيقة! وإِذا كانُ القضاءُ فاسداً بدرجةٍ كبيرةٍ باعترافِ القريبِ والبعيد! العالِم والجاهِل! فما العملُ إِذن؟!.

   علِّمونا طريقةً للكشفِ عن الفاسدينَ والفاشلينَ!.

   وبحمدِ الله فكلُّكم بَدأَ من الآن يستعدَّ للانتخابات النيابيَّة القادِمة! فها هي صورَكم بلقطاتٍ مختلفةٍ وأَخبار الانجازات العظيمة التي بدأتم تحقِّقونها لخدمةِ المواطن في الوقت الضَّائع بدأَت تغزو مُختلفِ وسائل التَّواصل الاجتماعي! فمَن الفاسدُ إِذن؟! ومَن الفاشِلُ إِذن؟! {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} خذوا بأَيدينا الى الحقيقةِ! {وَإِنَّا إِن شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ}.

   إِذا كان {يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا} أَوليس من حقِّنا إِذن أَن نتَّهمكم فنسعى لإِسقاطكُم في الانتخابات النيابيَّة القادِمة؟!.

   أَو أَن نستخفَّ بعقولِنا فنعصِبَ المشكلة، مُشكلة الفسادِ والفَشل ومسؤوليَّة كلَّ هذه الدِّماء الطَّاهرة التي أُريقت في الْعِراقِ، برأسِ الجنِّ أَو الملائكة ونُبرِّئكم!. لنستنسخكُم مرّةً أُخرى في صُندوق الاقتراعِ!.     

   ٢ حزيران ٢٠١٧

                            لِلتّواصُل؛

‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com

‏Face Book: Nazar Haidar

‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1

(804) 837-3920 

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here