بين عمر وعلي رضي الله عنهم حب وتآاف ومصاهرة

علاء كرم الله
بعيدا عن كل المجاملات  والأماني عبر وسائل الأعلام وفي الندوات والمؤتمرات والأحتفالات وقريبا من حقيقة الواقع الذي بتنا نعيش فيه فلا يمكن وفي كل حال من الأحوال أن ننكر بأن اعداء العراق سواء اكانوا في الداخل أم في الخارج نجحوا الى حد كبير في التأثير على وحدة الصف الديني والمذهبي في العراق وأصابوا جداره الديني المتنوع والجميل بالكثير من التصدع وتركوا الكثير من الأثار السيئة عليه ليس من السهولة نسيانها أو ترميمها وحاولوا ولا يزالون ومنذ سقوط النظام السابق في أثارة الفتنة الطائفية، ولو أننا الان في حال احسن بكثير من سنوات الجمر الطائفية الرهيبة التي مرت على العراق سنوات  2005 و 2006 ألا ان الأمر لا يسلم  ولا يطمأن! فلا زالت نار الحقد الطائفي لدى البعض تتقد تحت رماد تلك السنوات  التي مرت. فالعراق ومنذ سقوط النظام السابق يعيش رهان الحرب الطائفية التي لا زال يقرع طبولها ويوقد نارها أعداء الله والأسلام والوطن والشعب العراقي. وعندما أخترت هذا العنوان لمقالي الأسبوعي لم أقصد أن هذا شيعي وذاك سني! كما يفهم الكثير من السذج من عامة الناس! بل لأن عمر وعلي (رض) هم شيعة محمد (ص) في الأول والآخر وموضع ثقته وصفوته المختارة بأمر الله عز وعلا. لقد أنتهج اليهود ومنذ فجر التاريخ سياسة الدس والوقيعة بين الشعوب والأمم بكل أطيافها لتحقيق مآربهم ومصالحهم وأطماعهم التي لا حدود لها. ولقد كان لهم دورهم الخبيث منذ فجر الرسالة المحمدية العظيمة  في كل ما حيك من مؤمرات ضد شخص الرسول العظيم (ص) ورسالته السماوية وأتباعه وصحبه الكرام (رض) من مهاجرين وأنصار. وقد باءت كل خططهم وفشلت كل دسائسهم بأمر الله سبحانه وتعالى وبوعي وأدراك هذه الصفوة الألهية المختارة. يحكى أنه وفي زمن ليس ببعيد ألتقى الحبر الأعظم لليهود مع بعض الكهنة ليتداولوا ويتشاوروا في أمورهم وماهي السبل لأدامة شجرتهم الخبيثة بعد أن تغيرت الأحوال وتبدلت الظروف، فأشار عليهم قائلا:( أن هناك ثلاث مستحيلات لم تقدروا عليها منذ فجر الأسلام ولحد الآن! ألا وهي: لقد حاولتم تحريف القرآن ففشلتم، والثانية أنك حاولتم تبديل القبلتين فبئتم بالفشل أيضا، والثالثة أنكم حاولتم طمس ذكرى واقعة الطف وأستشهاد أبن بنت النبي محمد فلم تقدروا على ذلك منذ 1300 عام!. فأجابوه وما العمل أذن؟ فقال: عليكم بالدسيسة بين المسلمين والأيقاع فيما بينهم وأثارة النعرات الطائفية! فأنها السبيل الوحيد لتدمير كيان المسلمين في كل بقاع الأرض وتحقيق أحلام اليهود!.) الى هنا أنتهى ما قاله الحبر الأعظم لليهود. نعود بالقول: أن العراق الآن يمر بمخاض صعب وعسير بعد أن ظهرت الى السطح الغلواء الطائفية والتعصب المذهبي الأعمى! بأخطر صوره وأشكاله، فكل شيء مقدور عليه ألا هذه الورقة الصفراء والفتنة التي لعن الرسول العظيم محمد (ص) كل من يوقظها، والتي لا بد للجهود أن تتظافر أكثر وأكثر لوئدها.سئل أحد الأئمة الأطهار (ع) عن ماهو التعصب؟، فأجاب: (هو أن ترى شرار قومك أحسن من خيار قوم آخرين!) أن الخوف والحمد لله ليس من المرجعيات العليا الدينية بكل أطيافها لكونهم عرفوا بالتعقل والأعتدال والأبتعاد عن العصبية والأصطفاف مع الحق. أن الخوف كل الخوف يكمن في  بسطاء الناس والسذج منهم الذين جعلوا من الدين مضغة بأفواههم وراحوا يتصرفون ويفرقون حسب أهوائهم وأمزجتهم ونفوسهم المريضة وغوغائيتهم العمياء دون أي فقه أو علم في الدين ومعرفة بالتاريخ. ونقلت لنا كتب السير والأحاديث أن الأمام جعفر الصادق (ع) أنه قال: أن أبو بكر الصديق (رض) قد ولدني مرتين!. حيث أن أم فروة وهي والدة الأمام جعفر الصادق (ع) هي بنت القاسم أبن محمد أبن أبي بكر الصديق (رض) ويعود نسب والدتها الى عبد الرحمن أبن أبي بكر الصديق (رض). ويذكر لنا التاريخ أيضا، ما أصاب الأمام علي (ع) من غم وحزن كبير عندما سمع بنبأ أستشهاد محمد أبن أبي بكر الصديق (رض) وهو في طريقه ليكون واليا على مصر( أستشهد محمد أبن ابي بكر الصديق (رض) بكمين غادر من قبل أتباع معاوية بن أبي سفيان، وبالوقت الذي سمع معاوية بمقتله قال الآن قطعت يمين (علي) تشفيا بمقتل محمد أبن أبي بكر الصديق في حين قال الأمام علي (ع) عند سماعه بنبأ مقتله (لقد فقدنا حبيبا لنا) ،حيث كان محمد أبن أبي بكر الصديق(رض) من أقرب الرجال للأمام علي (ع) واكثرهم أخلاصا وقربا له). وكذلك يحدثنا التاريخ عن مدى حب وتآلف وتصاهر وتماسك الصحابة الكرام وخاصة الخلفاء الراشدين (رض) فهم الصفوة الألهية المحمدية العظيمة التي أختارها الله سبحانه وتعالى لتكون سندا للأسلام ولرسوله العظيم (ص). وقد تجلت تلك العلاقة في أبهى صورها وأعظمها بين الصحابة الكرام (رض) في مواقف كثيرة: فها هو أبو بكر الصديق وعمر وعثمان (رض) يذهبون مسرعين فرحين الى السوق لبيع درع وسيف الأمام علي (ع) ليكون مهرا لفاطمة الزهراء (ع) وليقوموا هم بتجهيز بيت الزوجية البسيط للأمام علي (ع)، وفي قصة اخرى من روائع التماسك الروحي والأنصهار الوجداني بين الخلفاء الراشدين عليهم جميعا أفضل السلام هو في طلب الخليفة العادل عمر بن الخطالب (رض) مصاهرة الأمام علي (ع)، من أبنته أم كلثوم لتكون زوجة له في حب وشوق وفرح كبير لا مثيل له. ومن عظمة ذلك الأنصهار الروحي والوجداني والحب الحقيقي الصادق بين الخلفاء الراشدين أنهم ومن فرط محبتهم لبعظهم البعض كان كل واحد منهم يسمي أبنائه بأسماء الخلفاء (رض)، حيث يذكر أن الأمام علي (ع) سمى خمسة من أبنائه بأسماء أبي بكر وعمر وعثمان (رض). ويذكر التاريخ واحدة من أجمل المواقف الرائعة وكيف كان ينظر الخلفاء الراشدين الى الأمام علي وأبنائه (ع) نظرة الأكبار والأجلال لكونهم آل بيت الرسول العظيم محمد صلى الله عليه وعلى آل بيته وصحبه أجمعين، أنه وفي خلافة الخليفة عمر(رض) المعروف بعدله حدث في أحد المرات وعندما كان يوزع  المال بين المسلمين أعطى للأمام الحسين (ع) أكثر مما أعطى لأبنه عبد الله! مما أغاظ ذلك وأستفز (عبد الله)، فرجع الى الخليفة عمر (رض) يعاتبه على ذلك! وكيف يأخذ مالا أقل من الأمام الحسين (ع)، وهو أبن الخليفة؟ فأجابه عمر (رض) قائلا: كيف تجرأ على ذلك؟ وتساوي نفسك بالحسين (ع)!، أأبيك مثل أبيه أم أمك مثل أمه أم جدك مثل جده أم عمك مثل عمه! أذهب عني وأعرف أنه والله لو أراد بيت المال لأعطيته أياه لأنهم آل بيت الرسول (ص). هكذا أذا كانت العلاقة بين هذه النخبة والصفوة الطيبة، ولا عجب في ذلك فهم التلاميذ الأوائل للمدرسة المحمدية العظيمة والرسالة السمحاء التي تؤكد على الحب والأخاء والمساوات ونبذ الخلاف والفرقة. وعلينا نحن المسلمون أن ننهل من فيض وعلم وأخلاق هذه المدرسة ما أستطعنا الى ذلك سبيلا. هذا هو الأسلام وهذه هي أخلاق المسلمين الأوائل وعلينا أن نتعلم الشيء الكثير والكبير منه أن كنا مسلمين مؤمنين صادقين وأن لا نكون مسلمين بالأسم فقط.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here