التفجيرات تضع “الرابسكان” و”صقر بغداد” فـي دائرة الاتهام

بغداد / وائل نعمة

محافظ بغداد: نشر أجهزة جديدة في مداخل العاصمة قريباً

يشهد مركز العاصمة بغداد، مؤخرا، إجراءات أمنية مشددة فرضتها الجهات الامنية على خلفية موجة الهجمات الاخيرة التي وضعت عجلات كشف المتفجرات (الرابسكان) في دائرة الشك.
وتنوي الحكومة المحلية والسلطات الامنية نشر نوع جديد من اجهزة جديدة لكشف المتفجرات تعمل بتقنيات أعلى من تلك المستخدمة حاليا.

لكن المدافعين عن (الرابسكان) يعزون الخلل باكتشاف السيارات المفخخة الى المشغلين، الذين يقولون انهم لم يخضغوا لتدريب كافٍ.
الجهاز المرتقب، كشف عنه محافظ بغداد الجديد. وتتهم كتلة دولة القانون في مجلس بغداد المحافظ السابق علي التميمي برفض نشره على الرغم من وجوده في المخازن.
وأثار التصريح الاخير لرئيس لجنة الامن البرلمانية حاكم الزاملي، حول مجيء مفخخة الكرادة الاخيرة من قضاء القائم، لغطاً كبيرا في الشارع البغدادي.
وبعد ساعات قليلة من التفجير الدموي الذي طال مثلجات الفقمة في الكرادة، قال الزاملي ان “السيارة المفخخة في منطقة الكرادة اليوم جاءت من القائم ومن خلال سيطرة الصقور”، لافتا الى أن “هناك معلومات بشأنها لكن لم تتم السيطرة عليها وكان يقودها
انتحاري “.
بدوره لم يؤكد أو ينفي محمد الكربولي، عضو لجنة الامن في البرلمان، ما ذهب إليه الزاملي. لكنه قال لـ(المدى) “إذا سلمنا بذلك فيعني ان السيارة المفخخة تجاوزت عددا كبيرا من السيطرات، ونحن لانستطيع التشكيك بعمل السيطرات”.
وعلى الاغلب، يمكن للانتحاري قيادة سيارة مفخخة من اقصى شمال البلاد الى جنوبها دون ان تنفجر، بحسب خبير امني.ويقول اللواء عبدالكريم خلف، قائد العمليات السابق في وزارة الداخلية، في تصريح لـ(المدى) امس، “ليست هناك مشكلة في قيادة سيارة مفخخة على طول تلك المسافة، اذا لم يكن هناك فتيل اشعال”، مبينا ان “الفتيل يمكن ربطه بعد ذلك بسهولة، كما ان اخفاءه ليس صعباً لانه
بحجم الاصبع”.
لكن الخبير الامني يعترف بوجود مجازفة في نقل السيارة كل هذه المسافة بوجود السيطرات.
بالمقابل يؤكد النائب الكربولي ان “لا مشكلة في اجهزة كشف المتفجرات (الرابسكان)”، لكنه اشار الى “وجوب متابعة مضافات داعش في المدن، وضرورة شق صفوف الخلايا
“النائمة”.
ما بعد الرابسكان
وبعد تفجير الكرادة الدامي في تموز الماضي، قرر رئيس الوزراء حيدر العبادي، سحب الجهاز القديم من السيطرات، ونشر عجلات لكشف المتفجرات تعرفت بـ(الرابسكان).
واتهم التيار الصدري، الذي كان على خلاف مع كتلة بدر التي تدير وزارة الداخلية وقتها، الوزير محمد الغبان بمنع نشر العجلات الموجودة في المخازن.
وعلى وقع الانتقادات التي وقف وراءها التيار الصدري، قدم الغبان استقالته على الرغم من نفيه الربط بين خروجه من الوزارة وبين تفجير الكرادة. وقال الغبان، في لقاء متلفز قبل اسبوع، بانه “استقال بعد مكالمة مع العبادي في وقت التفجير اكتشف خلالها ان لا حل في الافق”.
بعد شهرين من نشر (الرابسكان)، انفجرت سيارة حمل وسط الكرادة. ولم يعرف حينها ما اذا كانت المفخخة الثانية قد اجتازت السيطرات الجديدة.
ويلفت النائب محمد الكربولي الى ان “السيطرات هي الحلقة الثانية بعد اجهزة الاستخبارات”، مؤكدا بالقول “لايمكن للسيطرة ان تمنع الانفجار بدون معلومات مسبقة”.
وفي اغلب التفجيرات التي تشهدها بغداد، كانت هناك معلومات استخباراتية تسبق الهجوم، لكنها في العادة تكون معلومات مجملة وعامة من دون تفاصيل.
ويعترف محافظ بغداد عطوان العطواني بوجود قصور في عمل الاجهزة الاستخباراتية، التي تعمل داخل محيط العاصمة.
وقال العطواني، في اول تصريح يدلي به لـ(المدى) امس، “يجب ان تكون المعلومات قبل حدوث الانفجار وليس بعده”، داعيا الى “تحليل نوع المواد التي استخدمت في السيارات المفخخة وجعلتها غير مرئية للسيطرات”.
ويعتقد محافظ بغداد بان “التنظيم قد طور من اساليبه بحيث لايمكن كشف السيارات الملغمة في نقاط التفتيش”. ويضيف “قد يكون داعش استخدم مواد عازلة حجبت الرؤية عن جهاز الرابسكان، لاسيما وان الجهاز يعاني من بعض القصور الفني”.
وكان مفتش عام وزارة الداخلية اصدر، قبل عامين، بياناً حول صفقة (الرابيسكان)، قبل دخولها الى العراق. وأشار الى أن “النتائج الأولية للتحقيقات أظهرت وجود خلل في الجوانب الفنية المستندة إلى توصيات لجنة فنية عليا”. واكد أن “التجارب العملية بيّنت ضعف كفاءة الأجهزة”.

دورات سريعة
لكن اللواء عبدالكريم خلف، المسؤول السابق في وزارة الداخلية، يقول “لايمكن ان تمر السيارة المفخخة على الرابسكان دون كشفها. نسبة الخطأ أقل من 1%”.
ويؤكد الخبير الامني ان “الجهاز يظهر السيارة بشكل هيكل، وأي قطعة حديد او بلاستك ستظهر على الشاشة حتى لو كانت هناك عوازل”. لكنه يشير الى ان “الامر يتعلق بالمشغل او الشخص الذي يراقب الجهاز، فيجب ان يكون من ذوي الخبرة”. ويتفق سعد المطلبي، عضو لجنة الامن في مجلس محافظة بغداد، مع ما ذهب إليه اللواء عبدالكريم خلف، اذ يقول ان “المشغلين هم ضباط في الشرطة، وخضعوا لتدريب سريع لمدة اسبوع واحد”.
واضاف المطلبي، في تصريح لـ(المدى) امس، ان “الاتفاق مع الشركة المصنعة للرابسكان يتضمن ابقاء مشرفين لتدريب المشغلين العراقيين، لكن هذا لم يحدث”.
ولإنهاء الجدل حول مدى فعالية (الرابكسان)، يقول محافظ بغداد بانه “سيتم نشر اجهزة جديدة في بغداد”، يؤكد أنها “اكثر فعالية من الجهاز الحالي”.
ويؤكد العطواني ان “الاجهزة الجديدة موجودة منذ فترة في مخازن المحافظة ولم يتم استخدامها”.
بالمقابل يؤكد المطلبي، الذي ينتمي الى كتلة المحافظ، ان “الجهاز الجديد يستخدم بالاساس في الموانئ لكشف الحاويات، ويعطي ألواناً مميزة على المواد المشبوهة ومن السهل تمييزها”.
ويتحدث عضو لجنة الامن عن “وجود لجنة مع الاجهزة الامنية لفحص الجهاز تمهيدا لنشره في مداخل العاصمة او في مكان آخر بحسب رأي الجهات المختصة”، مشيرا الى ان “هناك 5 أجهزة في مخازن المحافظة، والمحافظ السابق لم يستخدمها لأسباب لانعرفها”.
وكان محافظ بغداد السابق ومن ورائه كتلة الاحرار وجهت عقب تفجير الكرادة الاول، انتقادات لاذعة لوزير الداخلية المستقيل لعرقلته نشر 40 عجلة رابسكان
في عموم العاصمة.
وكانت انتقادات مماثلة لاحقت محافظ بغداد السابق علي التميمي بعد إعلانه اطلاق مشروع (صقر بغداد) لنشر كاميرات المراقبة في بغداد، مطلع العام الحالي.
ويقول المحافظ عطوان العطواني “هناك 610 كاميرات في بغداد، ونريد زيادة العدد ليشمل اطراف العاصمة”. لكنه يشير الى ان “كل الكاميرات الموضوعة في العاصمة هي كاميرات مراقبة وليست بحثية”.
ويوضح محافظ بغداد ان “كاميرات البحث تقوم بملاحقة السيارة مثلا، عن طريق رقم اللوحات”، كاشفا عن “مشروع قريب لاستخدام الكاميرات البحثية الدقيقة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here