“حليمه” التي عاشت سنوات في قرية فلسطينية من اجل دراسة انثربولوجية

“حليمه” التي عاشت سنوات في قرية فلسطينية من اجل دراسة انثربولوجية

قصدت فلسطين في العشرينات من القرن الماضي بهدف انجاز دراسة حول المرأة في العهد القديم، لكن مشاهداتها الميدانية دفعتها لتغيير موضوع بحثها الى دراسة احوال المرأة العربية، وبعد الاقامة لعدة سنوات في فلسطين انجزت الباحثة الانثربولوجية الفنلندية هيلما غرانفيست “Hilma Granqvist” دراستها الشهيرة “احوال الزواج في قرية فلسطينية” مطلع الثلاثينات، ذلك المنجز البحثي لم يجد النور الى العربية حتى العام 2015 حينما تمت ترجمته ضمن سلسلة ترجمان التي يصدرها “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات”.
هيلما غرانفيست المولودة عام 1890 في مدينة سيبو جنوب فنلندا، حاصلة على شهادة البرفيسور من جامعة هلسنكي، كانت طالبة عند استاذ الانثربولوجيا الفنلندي Edvard Westermarck، هيلما تعتبر احد ابرز اساتذة الانثربولوجيا الفنلنديين.
حينما ارادت هيلما انجاز اطروحة للدكتوراه نصحها اساتذتها بدراسة واقع المراة في الديانات القديمة، وهذا ما دفعها للذهاب الى فلسطين، اختارت هناك قرية “ارطاس” التابعة لبيت لحم، عاشت هناك للفترة 1925-1931، وبعد ان باشرت ورشتها العلمية هناك قررت ان تغير موضوع الدراسة معرفة احوال المراة والعائلة العربية. لقد حرصت هيلما على تعلم اللغة العربية، احبها سكان القرية واطلقوا عليها اسم “حليمة” القريب من اسم هيلما، الباحثة الفنلندية ارادت ان تجعل من القرية نواة دراسة انثربولوجية عن المجتمع الفلسطيني.
انجزت دراستها كاطروحة للدكتوراه عام 1930 وقدمتها الى جامعة هلسنكي فرفضت الاطروحة، وبعد عام قدمتها الى جامعة اوبو “Åbo Akademi” الواقعة بمدينة توركو الفنلندية فتم قبولها.
نشرت ايضا عام 1939 كتاب “حياة العائلة العربية” هذا الكتاب حاز على جائزة معروفة على مستوى بلدان الشمال. ثم لاحقا عام 1947 نشرت كتابا بعنوان “الولادة والطفولة عن العرب”. نشرت ايضا في مطلع الخمسينات كتابا اخر بعنوان “”مشكلات الطفولة عن العرب”. هيلما ايضا اقامت لفترة في الاردن باحدى القرى وانجزت عام 1965 آخر كتبها الموسوم “الموت والدفن عن المسلمين”.
كانت حليمة تنوي نشر الصور التي التقطتها في فلسطين لكن الاجل وافها قبل انجاز ذلك الحلم، اذ توفيت في هلسنكي عام 1972. وهذا دفع كتابا اخرين الى انجاز هذه المهمة في كتاب باسم “كارن سيغر”، نشر الكتاب عام 1981.
في مقدمة النسخة المترجمة للعربية كتبت شهادة لاحد اهم علماء الانتربولوجيا في القرن العشرين ادوارد ايفانز برتشارد “Edward Evan Evans-Pritchard” بحق كتاب ومنجز هيلما جاء في الشهادة: “ليس من السهل أن يوفي المرء كتاب الآنسة غرانكفست حقه من الثناء، فقدرتها على الوصف واستخدام النصوص فائقة، ومادتها الإحصائية منظمة في شكل جيد. وأساليب عملها الميداني لم يتفوّق عليها أحد من علماء الأنتروبولوجيا. وهي تبرز بوضوح في تدوينها مادتها، كيف تؤثر القواعد الرسمية والممارسات الفعلية بعضها في بعض، وكذلك العلاقات بين سلوك الفرد والبنية الاجتماعية. لقد عرّفت العلاقات الاجتماعية المتبادلة وشرحتها بإسهاب كبير. وفسّرت القواعد الاجتماعية بكلمات مخبريها، وكذلك بالاستشهاد بفيض من المواقف الواقعية التي استدعت تطبيقها. والى ذلك، فإن هذه الدراسة لا تقتصر على طقوس الزواج، أو حتى على علاقات الزواج، بل تعالج أحوال العائلة وعلاقات ذوي القربى في شكل عام. وينبغي أن نهنئ المؤلفة على عملها المتميز”.
جمال الخرسان

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here