حلم ومتصل وسحور

بقلم/ اسعد عبدالله عبدعلي

كان يوما متعبا حيث العمل الوظيفي وساعات النهار الحارة, فقد أهل علينا شهر حزيران بارتفاع ملحوظ لدرجات الحرارة, عندما رجعت للبيت كان التعب قد اخذ مني الكثير, فقررت كحل وجيه, أن أنام مبكرا لأعوض الإجهاد الذي يعاني منه جسدي, وأمرت أهلي بان اصحوا للسحور وليس قبل موعده, ونسيت أن أغلق الموبايل واستسلمت للنوم.

كأني في عالم الحلم وأنا رئيس الوزراء, لكن لست في قصر بل اسكن  في حي النصر, وقررت ان احل مشكلة السكن, فأمرت وزارة الدفاع بشق عشر قنوات مشابه لقناة الجيش, ثم وزعت الأراضي على ضفافها على الناس بالمجان, وكأن البيوت أكتمل بنائها, وأصبح كل مواطن يملك بيت, والكل مطمئن وسعيد, تتراقص إمامي وجوه الناس فرحة مبتسمة, لكن فجأة علا صوت شديد, جعلني اخرج من الحلم.

فجأة رن الموبايل ليبدد مشروع النوم, ويحيله لكابوس مرهق, حاولت تجاهل رنين الهاتف الى أن صمت, لكنه كرر فعلته وعاد للرنين من جديد, وكان المتصل رقما غريب, تساؤلات كثيرة تزاحمت في مخيلتي عن المتصل, من يا ترى؟ وهل الأمر مهم؟

كان الحزم بالرد وبصوت معبر عن الانزعاج هو أول كلماتي له ( نعم, من المتصل ألان), فقال بعد برهة من الصمت: ( الحقيقة قرات مقالاتك حول مشكلة السكن, وأنا أتعجب من تأملك الخير من السلطة الحاكمة, أنهم أناس أوباش لا يفكرون بالإنسان العراقي ولا بمعاناته اليومية, بل هم يعملون على استمرار مشكلة السكن, كي يبقى الإنسان العراقي غارق في بحر المشاكل, وتطول أيام حكمهم كلما ازدادت مشاكل الإنسان العراقي, أنهم أبناء ميكافيلي يا أخي, فكنت أريد أن أوصل إليك هذه الفكرة, والسلام), وأغلق هاتفه.

مع أني أول الأمر انزعجت من توقيت المتصل, وخسارة فرصة النوم, لكن بالحقيقة فرحت كثيرا من هذا المتصل المجهول, فيعني أن هناك من يقرأ, ويهتم بالأطروحات التي اطرحها في كتاباتي, وفكرته جيدة نعم أنهم أوباش الخضراء, ممن تسلطوا علينا واغتصبوا قصور العراق, وكل همهم دوام بحبوحة حياتهم, بالمقابل كان كل جهدهم تعظيم الأزمات ومنها أزمة السكن, حيث عمدوا الى إهمالها وعدم تقديم خطوة واحدة للحل فقط لأنهم أوباش.

نعم أن حل أزمة السكن يحتاج لثورة جماهيرية, ومظاهرات وحراك فيسبوكي وعمل جماعي, حتى يضطر سكان قصور الجور للرضوخ لمطلب الجماهير, وأنا لو أعطيت الفرصة والصلاحيات فاني ساحل مشكلة السكن في ظرف سنتين.

فجأة علا صوت الطبل, بدقات منتظمة وصوت “المسحراتي” وهو ينبه النائمين لوقت السحور, عندها اضمحلت صور الساسة وكياناتهم العفنة, لتتراقص بدلها صور البيض المسلوق والتمر والبطيخ, وووو… ورمضان كريم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اسعد عبدالله عبدعلي

كاتب وأعلامي عراقي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here