فوكس نيوز: داعش سرّح مليون طالب وأغلق 990 مدرسة في الموصل

بعد ان سيطرت مجموعة داعش على الموصل منتصف عام 2014، أغلق المتطرفون 990 مدرسة في المدينة، وإستبدلوا المناهج الدراسية بأخرى موالية لفكرهم المتطرّف، ثم أعادوا إفتتاح المدارس لزرع عقيدتهم في التعليم الأكاديمي. وبهذا فقد تم تدمير التعليم في ثاني أكبر مدن العراق من مستوى رياض الأطفال الى المستوى الجامعي.

وتمكنت القوات المشتركة من تحرير الجانب الشرقي للمدينة في كانون الأول الماضي، بينما ما زالت معركة الجانب الغربي متواصلة.
وستتطلب جهود إعادة الإستقرار في الموصل فيما بعد خطة لإعادة بناء التعليم علاوةً على إستعادة البنية التحتية المتضررة في المدينة.
ويقول الكثير من المسؤولين العراقيين، ان ستراتيجية التعليم مهمة كأهمية الستراتيجية الاقتصادية والسياسية والأمنية من أجل تحقيق الإستقرار وإعادة السلام للمدينة.
وينبغي تعويض سنوات الدراسة لطلبة الموصل وإلغاء تلقين داعش. وخلال سنتين ونصف من حكمها في الموصل ألغت مجموعة داعش مواضيع التاريخ والجغرافيا والأدب والفن من المنهاج الدراسي، وإستبدلتها بمناهج عن التطرّف لتلاميذ بعمر 6 سنوات وملأت الكتب الدراسية بصور لأطفال يستخدمون السلاح.
قبل وصول داعش كانت الدراسة في المدارس الحكومية مجانية، إلّا ان المجموعة أخذت تفرض رسوم دراسية – 10 – 20 دولاراً شهرياً – حسب المرحلة الدراسية، وهذا مبلغ كبير بالنسبة للعائلات العراقية. وبسبب قلقهم بشأن التكاليف والمناهج المتطرفة المدسوسة، توقف الكثير من أولياء الأمور عن إرسال أطفالهم للمدارس.
في الموصل وغيرها من المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش هناك مليون طفل عراقي تركوا الدراسة أو جرى تلقينهم منهاج داعش.
وفي أحد مخيمات النازحين القريبة، تحدّث عمال الإغاثة عن أطفال مصابين بالصدمة أو أنهم إكتسبوا تلقين داعش، حيث قالوا ان أحد الأطفال يعاني من كوابيس متكررة نتيجة إجباره من قبل مسلحي داعش على مشاهدة عملية قطع رأس أحد الضحايا، كما ان بعض الأطفال يتجولون ببراءة وتلقائية في المخيم وهم ينشدون أغاني موالية لداعش كانوا قد تعلّموها في المدرسة.
كما أضرت المجموعة بالدراسة الإبتدائية والثانوية بصورة غيرمباشرة، فعندما هرب أهالي الموصل من المدينة تم إسكان الآلاف منهم في مدارس في أماكن أخرى من البلاد ما زاد من الإضرار بالتعليم في تلك المناطق لأن الدراسة توقفت فيها بسبب النازحين.
بالاضافة الى ذلك، أغلق تنظيم داعش جامعة الموصل، بما فيها كلية الطب التي كانت ذات يوم من أرقى الكليات في الشرق الأوسط. وفيما بعد أعادت إفتتاح أقسام الطب والهندسة في الجامعة، لكنها إستمرت بغلق الأقسام التي تتحدى أيديولوجيتها كالفلسفة والتاريخ، كما أعدمت أساتذة على خلفية صلات مزعومة بالغرب، بينما هرب الباقون. بالتالي حوّلت المجموعة بعض مباني الجامعة الى معامل للأسلحة وثكنات لمقاتليها.
وإستعادت القوات العراقية جامعة الموصل، لكن الحرم الجامعي كان مدمراً نتيجة القصف خلال القتال وبسبب إحراق داعش للمباني بما فيها المكتبة التي كانت تضم العديد من الأعمال النادرة المهمة، وتركت فيها بطاقات الكتب ملغومة بالشراك.
مع كل هذا مازالت هناك بارقة أمل، فبعد إستعادة الجانب الشرقي للمدينة أعيد إفتتاح 30 مدرسة ومازالت 40 مدرسة أخرى تخضع للتفتيش من أجل الأمان. وهذه المدارس يمكن ان تستوعب 40 ألف طفل.
ان إصلاح الدمار الذي أصاب المدارس والجامعات سيتطلب الكثير من الإستثمار والجهد.
ويعتبر كسب المعركة العسكرية في الموصل وغيرها من أجزاء العراق هو مجرد البداية. الإهتمام بمن بقي من السكان ومساعدتهم على التعافي سيكون أمراً مهماً، وستكون ستراتيجية التعليم أساسية في ذلك.
وسيتطلب إعادة بناء النظام التعليمي في الموصل عدداً من الخطوات تتجاوز إعادة إفتتاح المدارس وتوفير الكوادر لها؛ فالصفوف الدراسية بحاجة الى ترميم خاصةً للأطفال الذين أضاعوا عدة سنوات من الدراسة كي يستطيعوا البدء من حيث توقفوا واللحاق بركب التعليم. كما ستحتاج الموصل الى نهج لمساعدة الأطفال في استمروا بالدراسة في ظل داعش وهذا يتطلب إلغاء تلقينهم من خلال تعليمهم حقوق الإنسان والتسامح مع المكونات الأخرى، كما يحتاج المعلمون الى التدريب على كيفية التعامل مع التلاميذ المصابين بالصدمة.
وإستثمرت الولايات المتحدة مبالغ طائلة في العملية العسكرية ضد داعش، الّا ان الحفاظ على السلام على المدى البعيد سيتطلب خلق ظروف يستطيع العراقيون ان يعيشوا فيها حياة طبيعية. الإستثمار في هذه الخطة التعليمية يجب ان يكون من أولويات الولايات المتحدة. التعليم العام يمكن ان يكون جسراً الى الحياة الطبيعية في العراق، كما يمكن ان يساعد في الحدّ من التوترات الطائفية وتهيئة الأطفال والشباب على المهارات المهنية المطلوبة لمجتمع فاعل، ومساعدة جيل على التخلص من صدمة الحرب المستمرة.

ترجمة: المدى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here