لماذا التشبث بمفوضية الانتخابات؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مرتضى عبد الحميد

في جلسة ضمت عدداً من الأصدقاء، تساءل البعض منهم عن السر في تشبث الكتل المتنفذة، بمفوضية الانتخابات “المستقلة”، ولماذا هذا الإصرار على عدم إقالتها أو تغييرها، رغم المطالبات الواسعة والمتكررة من الحركات الاحتجاجية والجماهير الغفيرة، واعتراف حتى المنتفعين من بقائها بالفساد الذي عشش فيها، وحرصها الشديد على خدمة أولياء نعمتها من الأحزاب التي ينتمي أعضاؤها إليها، وبالتالي إصابتها بجرثومة التزوير والتلاعب بنتائج الانتخابات البرلمانية ومجالس المحافظات.

أجاب آخرون إنه “الوفاء” الذي يتحلى به هؤلاء لمن جاء بهم، ووضعهم في هذا المكان الهام جداً، والعديد منهم بدون وجه حق، جريا على التقليد السياسي العراقي في وضع الرجل اللامناسب في المكان غير المناسب، أما مصلحة الملايين من العراقيين في انتخاب من يمثلهم حقاً، ويدافع عن مصالحهم، ويؤمن حقوقهم، فلا يعرفون إليها طريقاً، رغم وضوحها، وضوح الصباح بعد ظلام دامس.

إن عملية الإصلاح والتغيير التي أضحت حاجة وجودية للمجتمع والشعب العراقي، لا يختلف اثنان على أن أحد مفاتيحها الرئيسة، هو تغيير المنظومة الانتخابية، سواء ما يتعلق منها بالمفوضية، أو بقانون الانتخابات الجائر حتى العظم، لكن المتنفذين يعملون الان و بحماس يحسدون عليه، لإعادة إنتاج مفوضية لا تختلف كثيرا عن الحالية، من خلال ما يسمى بلجنة الخبراء، المشبعة هي الأخرى بنكهة المحاصصة، والطائفية السياسية.

والطريف في الأمر، بل هو كوميديا سوداء، أن رئيس لجنة الخبراء البرلمانية  صرح وبملء الفم، أن الأمم المتحدة، أبلغته بأن أعضاء المفوضية يجب أن يكونوا مستقلين إدارياً وليس سياسياً! وعلى العراقيين أن يجدوا عرافاً أو ساحراً لتفسير هذا الطلسم، وتفكيك مفرداته، فما الفائدة من هذه الاستقلالية المزيفة، إذا كانوا أسرى لتوجهاتهم السياسية وأحزابهم؟

ثمة تصريحات أخرى حازت على اهتمام هؤلاء الأصدقاء، منها المطالبة بمحاسبة المسؤول عن جريمة سبايكر، الذي يتقلد ألان منصباً عسكرياً رفيعاً، وهو حق وواجب وطني، بل أن عدم محاسبته، تعد جريمة بحد ذاتها، لكن السؤال الذي يصم الأذان، ويغلق علينا منافذ التنفس، هو لماذا لا تشمل المحاسبة والمعاقبة من سلّم ثلث أراضي العراق لـ “داعش” وتسبب في هذه الكارثة الرهيبة؟

وكما تعودنا على ابتكار تبريرات أو ذرائع، هي من الهشاشة، بحيث لا يقتنع بها، حتى المصاب بلوثة عقلية، كلما حصدت التفجيرات الإرهابية أرواح أبناء شعبنا الأبرياء، وأخرها أن السيارة المفخخة التي انفجرت أمام مرطبات “الفقمة” وراح ضحيتها العشرات من الأطفال والنساء والشباب، كانت قد جاءت من القائم، التي تبعد عن بغداد (486) كم، ومرت بإحدى وثلاثين سيطرة، وعدد لا يستهان به من السونرات السيارة! والمشكلة   ان مطلقي هذه التصريحات الخرافية لا يدركون أنها تنقلب عليهم وتكشف ضعف وعدم كفاءة القائلين بها والمسؤولين عنها سوية.

أيها القادة “الاشاوس” أرحموا شعبكم، واصدقوا معه مرة واحدة على الأقل!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جريدة “طريق الشعب” ص2

الثلاثاء 6/ 6/ 2017

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here