ثلاث روبوتات على جسر “لندن برج”

مرة أُخرى يهاجم الروبوت ليقتل بشكل عشوائى بلا تميّز بين الضحايا سواء كانوا رجالا ام نساء أو حتى صغار العمر ما داموا جميعا كفارا و مشركين, و الأرض بعد ذلك هى أرض الكفر و حيث ( فأقتلوا المشركين حيث وجدتموهم و خذوهم وأحصروهم وأُقعدوا لهم كلَّ مرصد) .  فى الحادث الإرهابى الأخير الذى وقع ليلة السبت, الثالث من حزيران, على جسر ٌلندن برجٌ, إرتفع عدد الروبوت الى ثلاث من روبوت واحد فى حادث جسر ويستمنستر الذى وقع فى شهر آذار من هذا العام.  و كان هنالك أيضا روبوت واحد قد شُحّنَ بالبرنامج الإرهابى و اُرسل من مسرح القتال العبثى فى ليبيا الى مسرح الفن و الغناء فى مدينة مانجستر فى بريطانيا ليقتل (22) إنسان برئ معظمهم صغار العمر لم يكن يعرفهم من قبل. كان ذلك فى (22) من الشهر الماضى , مايس.  و يبدو مع جريمة ليلة السبت الماضى أنّ مسلسل القتل المجانى للأبرياء مستمر ليس فى بريطانيا وحدها فحسب بل, و كما هو أمر واقع أمام أنظار الإنسانية جمعاء, فى أماكن عديدة من العالم, إنّه مسلسل دوليّ سوف يستمر بلا توقف إن لم يقرّر العالم أن يضع بشكل حاسم حدّاً نهائياً له. إنّ مسألة المحاباة و المجاملات و غضّ النظر لسبب او لآخر عن الدوافع الحقيقية وراء جرائم هذا الإرهاب يجب أن تنتهى إحتراما لأرواح الضحايا أولا و حفظاً على أرواح البقايا ثانيا.  قالت رئيسة وزراء بريطانيا (تيريزا مَي) فى اول تصريحٍ لها إزاء هذا الحادث الإرهابى الأخير بلهجة غاضبة (كفى تعنى كفى) مشيرةً بأصبع الإتهام لأول مرة بشكل صريح نحو (الآيديولوجية الإرهابية للإسلام المتشدّد), مستدركة فى الوقت نفسه بأنّ هذه الآيديولوجية لا تمثّل الإسلام الحقيقى!.  لكن ما هو الإسلام الحقيقى؟  و هل يمكن ان يكون هنالك أصلاً دينٌ إسمه الإسلام بدون نصوص القرآن؟  أليست نصوص الجهاد و التحريض على قتال الكفار و المشركين تؤلف جزءً مهما فى القرآن؟  لكلّ من يريد أن يعرف الإسلام الحقيقى عليه أن يقرأ القرآن فهو المصدر الأساسى الحاسم لشريعة الإسلام, و هو بالتالى مصدر الجهاد الإرهابي.  و فى حديثها أعلنت (مسز مَي) رئيسة وزراء بريطانيا عن أربع خطوات لإيقاف هذه الجرائم الجهادية, و هى خطوات تقليدية قد تقّلل بلا ريب من نسبة الإرهاب فى البلد لكنها لن تنهيها طالما بقى المصدر الحقيقى للآيديولوجية الإرهابية (القرآن) بعيداً عن أية شبهات محتفظا بقدسيّته التى تبدو أنّ أحداً لن يتجرأ على لمسها كي لاتخدش مشاعر المسلمين, و لا ننسى طبعا وجود قانون الإزدراء بالأديان الذى سنّهُ الغرب نفسه لحماية معتقدات الأفراد الدينية و إحترام قدسيّة رموزهم و نصوصهم الدينية و منع الإساءة عليها.  إنّ العالم بأسره يعانى اليوم من هذا الإرهاب الدينى, و بالتحديد الإسلامى, و نحن لانسمع أنّ هنالك إرهاب آخر فى العالم وراءه دين آخر غير الإسلام الذى يغذى من خلال نصوصه موجة الإرهاب الذى يعمّ العالم بأسره.  إنها آيات الجهاد و التحريض على قتال الكفار و المشركين أينما كانوا و وجدوا.  إنها آيات القرآن الذى يؤمن ملايين المسلمين فى أنحاء العالم بانّه كتاب منزّلٌ من الله, منهم من يستظهر آياته عن ظهر القلب, و منهم من يحتفظ به فى جيبه أو فى بيته و محل عمله, و هم يقرؤون آياته كلّ يوم خمس مرات فى أثناء صلاتهم, ناهيك عن وجود نسخ القرآن فى جميع المساجد فى أنحاء العالم.  و السؤال هو , كيف تستطيع أن تمنع الناس من أن يقرؤوا الآيات التى تحرّض على كراهية الآخر فى بيوتهم او فى مساجدهم مثل الآية (51) من سورة المائدة ( يا أيّها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود و النصارى أولياء بعضهم أولياء بعض و مَن يتولّهم منكم فإنه منهم إنّ الله لا يهدى القوم الظالمين)؟  ألا ترى كيف ينأى المؤمن بنفسه عن اليهود و النصارى و لا يصادقهم بصدق و حميمية خوفاً من أن يحسب عند الله واحداً منهم ؟  و كيف تستطيع أن تمنع الناس بأن لا يؤمنوا بهذه الآيات وهى تشكل جزءً مهماً من كتابهم المقدّس؟  البعض يقول تضليلاً للآخرين بأنّ آيات الجهاد و أوامر قتال الكفار و المشركين جاءت فى وقتها و إنتهت مفعولها فى زماننا الذى نعيشه مع الآخرين, و هم فى هذا إما منافقون, أو أنهم يجهلون حقيقة دينهم الذى يأمر بقتال كلّ من لا يؤمن بالله و لا يحرّم ما حرّم الله و رسوله و يرفض الإسلام الذى هو دين الحق الوحيد فى نظر إله الإسلام.  هؤلاء المنافقون , او الجهلة, يعتقدون أنّ كلمات إلههم أكل عليها الدهر و شرب و أصبحت بقايا داينصور غير صالحة لروح العصر, و هذا صحيح بلا ريب, لكنّهم لا يقولونها بهذه الصراحة و إلّا توجّب عليهم التسليم أنّ إلههم لم يستطع قراءة المستقبل و لم يعرف أنّ الإنسان سيتطوّر نحو الرقيّ فى فكره و السمو فى سلوكه و سوف يسنّ لولئح و قوانين هى أرقى من شريعته, و أنّ مفرداتٍ مثل قتل المرتدّ, و رجم الزناة, عقوبة قطع الأيادى, و ضرب الرقاب, و أُخرى كالصلب و قتل الأسرى و تعذيب الإنسان تشفياً حتى الموت, و ملكات اليمين و الرّق, ستدعو الى الإستهجان و الإستنكار و ستفقد هيبتها و قدسيّتها أمام مفردات من إبتكار عبقريّة الإنسان المتمدن و من عصارة تجاربه, مثل قوانين حقوق الإنسان التى ستغزو العالم والتى ستكون البديل الأفضل لجميع القوانين الاُخرى التى تعادى القيم الإنسانية و تحطّ من شأن الإنسان و تذلّه فى كرامته و تشلّه فى إرادته.  الخطأ الأكبر الذى يقع فيه الناس, و هو خطأ يا للسخرية مطلوب حالياً, هو القول بأنّ هذا الإرهاب الذى أصبح السّمة البارزة لعصرنا الراهن, لا يمثّل الإسلام, و بالتالى فهو لا يمثل إله الإسلام و لا تعاليم و سلوك نبيّه محمد.  بينما الصحيح هو أن الإرهاب يمثّل الأداة المُثلى عند إله الإسلام فى شنّ الحرب النفسية على أعداءه لترهيبهم و إلقاء الرعب فى نفوسهم.  و لا تخفى الجماعات الإسلامية إتّخاذها شعاراً لها الآية (60) من سورة الأنفال التى تدعو المسلمين الى إرهاب أعداء الله و أعدائهم (وأعدّوا لهم ما إستطعتم من قوةٍ و من رباط الخيل ترهبون به عدّو الله و عدّوكم) و هم يشعرون بالفخار و العزّ بأن يوصفوا بالإرهابيّن حيث أنّ إلههم هو الذى أمرهم بأن يكونوا إرهابيين!  لكن ما هو الحل من أجل إنقاذ الإنسانية, حاضرها و مستقبلها من شرور هذا الإرهاب؟  إصلاح الإسلام؟  و هل يمكن إصلاحه أصلاً؟
كمال هولير
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here