ما هي الحلول التي اقترحتها المرجعية للحد من تسرّب الإرهاب؟

ما هي الحلول التي اقترحتها المرجعية للحد من تسرّب الإرهاب؟ وما موقفها من الأزمة الخليجية؟ وما هو الأسلوب الذي اقترحته لردع منفذي الهجمات الإرهابية في لندن وطهران؟

حسين الخشيمي

في البدء.. منذ شبابه وحتى بدايات عام 2016، كان المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي، دام ظله، أبرز علماء الشيعة ومرجعياتها في كربلاء المقدسة، يصدر جملة من التوصيات الدينية والسياسية والاجتماعية وحتى الاقتصادية أحياناً عبر محاضرته الأسبوعية التي يلقياها كل يوم خميس في مدينة كربلاء بحضور حشد غفير من مقلديه، مضافاً إليها الأحاديث الخاصة مع المسؤولين والسياسيين وأصحاب القرار في العراق والمنطقة بشكل عام خلال استقباله لهم في مكتبه.

لكن تسارع الأحداث السياسية وتشابكها دعا سماحته إلى تخصيص “بيان أسبوعي” يتطرق إلى العديد من التوصيات والنصائح المركزة فيما يرتبط بهذه الاحداث وتهتم بشكل أكبر بثلاثة عناوين مهمة وهي:

1-    المحافظة على القيم والثوابت الدينية والوطنية.

2-    حث الشعوب الإسلامية على مواجهة التحديات وأداء دورهم إلى جانب الحكومات.

3-    تدويل مواجهة الإرهاب كخطر عالمي.

العراق وسوريا والزلزال

هذا الأسبوع، بينما تشهد منطقة الخليج العربي توتراً وتصعيداً سياسياً متسارعاً أبرز أقطابه السعودية وقطر والبحرين والإمارات، يستعد كل من العراق وسوريا للخلاص من شبح تنظيم داعش الإرهابي الذي استحوذ على مدار أعوام على أجزاء واسعة من الأراضي العراقية والسورية.

وحيث يواصل كل من القوات العراقية والجيش السوري تحقيق الانتصارات على مسلحي هذا التنظيم الإرهابي، يستعد الغرب لتحدٍ قد يكون الأكبر والأخطر في تاريخه، يكمن هذا الخطر في هجمات ارهابية منظمة بطابع مختلف غير الذي شهدناه في العراق وسوريا.

وقد استهل المرجع المدرسي بيانه هذا الأسبوع بالإشادة بجهود كل من هاتين الدولتين واعتبر بحسب البيان أن “مناهضة الإرهاب في العراق وسوريا أحدثت زلزالاً عظيماً في بنيان التكفيريين”.

منظمة دولية لمنع تسرّب الإرهاب!

لكن أهم محاور بيان هذا الأسبوع، هو التحذير من “تسرّب الإرهاب” إلى باقي دول العالم، وهو ما حدث فعلاً قبل أيام بعد أن استهدف تنظيم داعش الإرهابي كل من لندن وإيران وأفغانستان والفليبين وغيرها من الدول الأخرى، إضافة إلى هجمات أخرى سابقة ضربت كل من روسيا والمانيا وفرنسا وبروكسل.

وبعد الخسائر الكبيرة التي لحقت بالتنظيم المتشدد، وباقي التشكيلات التي تضم مسلحين تكفيريين، أجبرتهم على تغيير نمط الهجوم استراتيجياً وجغرافياً، فهم الآن يعتمدون أسلوب الهجمات الفردية غير المتوقعة كالدهس والطعن بالسكاكين، وهو ما حدث على جسر لندن مؤخراً، وعلى بدائية هذه الأساليب يصعب السيطرة عليها او توقع وقت حدوثها، وهو ما يستحق التحذير كما ورد في البيان الأسبوعي للمرجع المدرسي.

لهذه الأسباب وغيرها، دعا سماحته إلى “تشكيل منظمة عالمية تحت إشراف الأمم المتحدة ومجلس الأمن وتحت البند السابع، مع مشاركة  فاعلة من كل القوى الإقليمية”، وهي ليست المرة الأولى التي يدعو فيها سماحته إلى مثل هذا التشكيل، بل تطرق إليه في محاضرات وبيانات سابقة منذ بدايات ظهور تنظيم داعش الإرهابي.

لكن ما يميز دعوته اليوم هو “التحذير” لا مجرد “الاقتراح” إذ اعتبر سماحته أن عدم تسرّب الإرهاب إلى باقي المناطق الأخرى مرهون بتشكيل هذه المنظمة لأن الخطر يهدد الجميع.

قطر والسعودية والإمارات

هذه البلدان الثلاثة الغنية نفطياً تجمعهم مصالح متشابكة، أبرزها “الحرب اليمنية” التي سقط ضحيتها حتى الآن عشرات الآلاف من الأبرياء، وخسرت أيضا أغلب البنى التحتية لها، لكن ما يجري الآن هو أن خلافاً فيضيعاً جداً بدأ يطفو على سطح هذه المصالح والعلاقات الخليجية بشكل عام، لدرجة ان دول الخليج قررت بعد زيارة ترامب الاخيرة للسعودية والمشاركة في القمة الإسلامية الامريكية التي حضرها رؤساء وممثلي البلدان العربية والإسلامية، قررت عزل قطر لكونها الداعم “الوحيد” للإرهاب في المنطقة.

ويقدم سماحة المرجع المدرسي في هذا الصدد تحليلاً لهذا التحول المفاجئ أورده في بيانه لهذا الأسبوع وهو ما جاء في قوله: “إن الهزائم التي لحقت بالجماعات التكفيرية جعلت الداعمين لهم يتبادلون التهم وكل يحاول أن يتنصل من مسؤولية دعمه بمليارات الدولارات النفطية والغازية ويحاول أن يبرأ نفسه من مسؤولية تحطيمه للبنى التحتية في البلاد الإسلامية ولوحدة الشعوب المسلمة”، وهي إشارة واضحة للخلاف القطري الخليجي الذي اشرنا له، والتلميح للتحالف العربي الإسلامي الذي يشن حرباً عبثية -كما يصفها سماحته دائماً- على اليمن.

تحوّل جديد في  قوانين الغرب

ليلة من الرعب في لندن أجبرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على التصريح مؤخراً بأن بلادها بحاجة إلى أن “تكون أكثر صرامة في القضاء على تطرف الإسلاميين”، وذلك بعد أن دهس المارة على جسر لندن، لكن الملفت هو أن ماي اعترفت بصراحة في وقت يرمي الجميع بمسؤولية مواجهة “داعش” على غيره بـ “أن بريطانيا كانت متسامحة أكثر من اللازم مع التطرف”، لكن أكثر ما يجدر ذكره هنا هو التحول الكبير في نمط التفكير لدى الغرب وخصوصاً لندن التي قررت الخروج من منطقة اليورو وأمنها، إذ تنوي ” تغيير قوانين حقوق الإنسان إذا كانت (تعترض طريق) التعامل مع المشتبه في كونهم إرهابيين.

وتقول أيضاً: “وإذا كانت قوانين حقوق الإنسان تعترض طريق فعل ذلك، سنغير القانون كي نتمكن من انجاز ذلك”.

وقد أشار سماحة المرجع المدرسي إلى هذا التحول المفاجئ عبر بيانه لهذا الأسبوع حيث يقول مشيراً إلى القوانين التي بدأ الغرب يفكر بسنّها ضد الإرهاب، “إن الحزم الحكيم هو الوسيلة المثلى لمواجهة الإرهاب وإن ما يسمى بمبادئ حقوق الإنسان يجب أن لا تكون مانعاً من إلحاق الهزيمة بالإرهابيين ومن ردع المجرمين بعقوبات كافية”.

وقد تكون كلمات سماحة المرجع المدرسي هذه إشادة ضمنية إلى مثل هذه القرارات، فالتنظيمات الإرهابية التي تستخدم أبشع وسائل القتل والعنف ضد المدنيين، لا يمكن للسجن أو أي عقوبة اخرى غير الإعدام ان تكون رادعة بالنسبة لهم، واستخدم سماحته تعبيراً دقيقاً للأسلوب الرادع وهو”الحزم الحكيم”، وربما يشير سماحته عبر هذا التعبير إلى تطبيق الحدود الإسلامية الرادعة والضامنة للحد من اتساع الجرائم في العالم.

#التحليل_الأسبوعي

#البيان_الأسبوعي_لسماحة_المرجع_المدرسي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here