المرأة والنزاعات المسلحة…..5

محمد الحنفي

إهداء إلى:

ـ كل امرأة تكدح من أجل أن ترفع رأسها إلى السماء.

ـ كل امرأة تصر على ممارسة حريتها، في إطار تمتع جميع أفراد المجتمع بحريتهم.

ـ كل امرأة تحرص على أن تتمتع بكامل حقوقها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في إطار تمتع جميع أفراد المجتمع بكافة الحقوق.

ـ القطاع النسائي في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي عليه أن يقوم بدوره، كاملا، في اتجاه تحرير نساء المجتمع المغربي، من هيمنة الدونية على عقولهن.

ـ موقع الحوار المتمدن، الذي يتيح لنا الفرصة، في كل سنة، من أجل الخوض في موضوع المعاناة المتنوعة، التي تعيشها المرأة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

ـ المرأة العاملة / الأجيرة / الكادحة / العاطلة / ربة البيت، التي يرجع إليها الفضل في تقدم المجتمع البشري، وتطوره.

ـ كل من يساهم من قريب، او بعيد، في تحرير المرأة من أغلال التخلف.

محمد الحنفي

إيجابيات النزاعات والحروب في تعزيز مشاركة المرأة:…..1

إننا، يمكن أن نتكلم عن مشاركة المرأة، وتمكينها، وتمرسها في العمل العام، وفي العمل السياسي، وفي العمل الاجتماعي، وفي العمل العسكري، في بلد تتم فيه تنشئة المرأة، على أساس إشراكها في جميع مجالات الحياة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وعلى أساس تمتيعها بكافة الحقوق الإنسانية، في إطار تمتيع جميع أفراد المجتمع بتلك الحقوق، وإلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، وتحقيق المساواة الكاملة بين النساء، والرجال في المجتمعات العربية، وفي باقي مجتمعات المسلمين، بما في ذلك المساواة في الإرث، خاصة بعد هذه التحولات العميقة، التي صارت تعرفها المجتمعات البشرية، بما فيها مجتمعات البلدان العربية، ومجتمعات باقي بلدان المسلمين.

وما هي إيجابيات النزاعات المسلحة، والحروب، في تعزيز مشاركة المرأة؟

إن مشاركة المرأة في الحياة العامة، وخروجها إلى العمل، واشتغالها ف مختلف المجالات، لم يأت نتيجة رغبة المتطرفين الدينيين، الذين يسمون أنفسهم {مجاهدين}، في تحديث المجتمع، وتطويره، وتطوره، ولكن عندما يجدون أنفسهم أمام أحد أمرين:

الأول: إما أن يعمل هؤلاء المتطرفون الدينيون {المجاهدون}، على إعالة جميع أفراد الأسر، التي تفقد من يعيلها، أي إعالة المجتمع برمته؛ لأن الأسر في المجتمع، إما أنها فقدت من يعيلها في الحروب، والسجون، وإما أن من يعيل تلك الأسر ،مشغول بالنزاعات المسلحة، والحروب، خاصة وأن هؤلاء المتطرفين الدينيين، يرغمون جميع الرجال، مهما كان سنهم، وجميع الشباب، والأطفال، على حمل السلاح إلى جانبهم، وتحت إشرافهم، في إطار ما يسمونه ب {الجهاد الإسلامي}، وبدون أجور، في معظم الأحيان، مما يجعلهم عاجزين عن إعالة أسرهم باسم {الجهاد}، الذي يقودهم إلى المحرقة، التي لا ترحمهم.

وإما أنهم يضطرون لأن يسمحوا للنساء بالعمل، في مختلف مجالات الحياة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. وهو ما يعني، في العمق، أن هلاك الرجال في النزاعات المسلحة، والحروب، أو انشغالهم بها عن أسرهم، يضع المسؤولية، بالدرجة الأولى، على النساء، اللواتي يصبح من مسؤوليتهن، الخروج إلى الحياة، للعمل في مختلف المجالات، لإعالة أسرهن. وهو ما يعني، في عمق الأشياء، أن تهميش المرأة، في الأحوال العادية، يعد انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان؛ لأن المرأة، عندما تهمش، تفقد القدرة على التأهيل، من أجل مواجهة متطلبات الحياة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.

وإذا استحضرنا معاناة النساء في مجتمعات البلاد العربية، وفي مجتمعات باقي بلدان المسلمين، من تكريس دونيتهن، فإننا نستطيع أن ندرك مضاعفة هذه المعاناة، في ظل سيطرة المتطرفين الدينيين، على مناطق معينة من البلاد، التي تعرف النزاعات المسلحة، والحروب، وقد تصير المرأة موظفة، في مختلف التفجيرات التي يقوم بها الإرهابيون، بعد القيام بغسل دماغها، وتخديرها، بأي نوع من انواع المخدرات، ليفقد بذلك الأطفال من يعيلهم.

والشروط القائمة في الواقع، تفرض خروج المرأة إلى العمل، أو إلى امتهان أي مهنة، أو احتراف أي حرفة، شاء ذلك المتطرفون الدينيون {المجاهدون}، أم أبوا. وهو ما يعني أن الحداثة، تفرض نفسها، سواء كان ذلك في حالة السلم، أو في حالة الحرب؛ لأن الحداثة، بمعناها الواسع، أصبحت شرطا لدخول المجتمعات البشرية، التي تتفاعل فيما بينها، في إطار تبادل الخبرات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، إلى درجة أن وجود المجتمعات، بعيدا عن التفاعل فيما بينها، أصبح مستحيلا.

ونحن، في معرض حديثنا، عن تعزيز مشاركة المرأة، وتمكينها، وتمرسها في العمل العام، والعمل السياسي، والاجتماعي، والعسكري، نجد:

أولا: أن مشاركة المرأة، في حد ذاتها، هو قرار سياسي، بالدرجة الأولى، ولا علاقة له، لا بالنزاعات المسلحة، ولا بالحروب، التي يخوضها المتطرفون الدينيون {المجاهدون}، ضد الدول التي تعتبرها كافرة، وملحدة، أو علمانية؛ لأن هؤلاء، كباقي الأنظمة الرجعية الاستبدادية، في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، لا تعترف للمرأة بالمشاركة، في أبعادها المختلفة، إلا إذا أرغمت على ذلك، وفرضت عليها شروط معينة، أن تشرك المرأة شكليا، في مجالات العمل المختلفة، وفي العمل السياسي، في الوقت الذي نجد فيه: أن الدساتير المختلفة، والقوانين المعمول بها، بما في ذلك القرءان، الذي يعتبره المتطرفون الدينيون دستورهم، تكرس دونية المرأة، ولا تعترف لها بكافة حقوقها، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات، الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، بقدر ما تعتبرها دون مستوى الرجل، وتابعة له، كما تقول بذلك الآية الكريمة: {وللرجال عليهن درجة}.

والمشاركة الفعلية للمرأة، في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، لا يمكن أن تتم إلا ب:

1 ـ إلغاء كافة الفوارق القائمة على الجنس، والتي تقف وراء تكريس أفضلية الرجل على المرأة، تفعيلا لاتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة.

2 ـ مواجهة كافة التوجهات القائمة على أساس أدلجة الدين الإسلامي، والتي تجمع على تكريس دونية المرأة، وتبعيتها للرجل، والعمل على فضح ممارسات أفرادها، التي تتناقض مع ادعاءاتهم، حتى يتبين المجتمع الإنساني: أن مؤدلجي الدين الإسلامي، لا يعيشون إلا في إطار تكريس التخلف، على جميع المستويات، ولا يجمعهم بالدين الإسلامي، إلا استغلاله، من أجل الوصول إلى السلطة، والعمل على فرض {شريعتهم}، التي من سماتها: تكريس دونية المرأة، واحتقارها، بالإضافة إلى احتقار جميع أفراد المجتمع.

3 ـ إلغاء كافة الفوارق اللغوية، والعرقية، التي تعتمد في تكريس الطائفية المقيتة، التي تضر كثيرا بوحدة الشعب، أي شعب، ووحدة المجتمع، أي مجتمع، كما تضر كثيرا بالوحدة الوطنية، في أي بلد، وتقف وراء افتعال النزاعات المسلحة، والحروب، بين مختلف الطوائف العرقية، واللغوية، وحتى بين الجماعات الدينية المتطرفة.

4 ـ إقرار كافة الدول، في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، بحقوق الإنسان، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، في مختلف الدساتير، وملاءمة كافة القوانين المعمول بها، في كل دولة، بالإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، حتى تصير القوانين المعمول بها، أو ما في حكمها، وسيلة لتمتيع جميع أفراد المجتمع، في كل بلد من البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين، بكافة الحقوق الإنسانية.

5 ـ اعتماد دساتير ديمقراطية شعبية، علمانية، متلائمة مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية، المتعلقة بحقوق الإنسان، تمنع، وتجرم تأسيس أحزاب سياسية، على أساس أحد المعتقدات، وتجرم استغلال الدين، أي دين، في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، وعلى المستوى الأيديولوجي، والسياسي، حتى يحافظ في كل البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، على طبيعة الأديان، والمعتقدات، وحتى تصير الأديان لله، والأوطان للشعوب، ومن أجل أن نتجنب أن يصير الدين للأحزاب، التي تسمي نفسها {دينية}، والأوطان للنزاعات، والحروب الطائفية، ومن أجل تجنب الخوض في تكفير المخالفين لرأي المنتمين للأحزاب التي تسمي نفسها {دينية}.

وفي حالة توفر الشروط المذكورة أعلاه، فإن المشاركة الفعلية للمرأة، في مختلف المجالات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، تصير ممكنة، نظرا لكون المناخ، سيكون مناسبا لاتخاذ قرار سياسي بذلك.

ثانيا: وفي ظل غياب هذا القرار السياسي، بغياب إنضاج شروطه، فإن إشراك المرأة، يأتي تحت يافطة أنظمة غير ديمقراطية، وغير دستورية، ولا تضمن للشعوب التمتع بكافة الحقوق، وتلجأ إلى توظيف الدين، أي دين، أيديولوجيا، وسياسيا، وفي إطار ديمقراطية الواجهة، التي تكرس فيها دونية المرأة، بشكل فج، بأن أجل الظهور أمام العالم، بأن المرأة فيها، تشرك في جميع مجالات الحياة، وبعقلية النظام الرجولي، ودون تمتيع جميع النساء، بكافة الحقوق الإنسانية، وفي ظل غياب قرار سياسي، بإشراك المرأة، ورفع الحيف عنها، وتجنب تهميشها.

ثالثا: أما إشراك المرأة، في ظل النزاعات، والحروب، فإننا نجد أن التوجهات المتطرفة، التي تقود حروبا معينة، ضد الدول، التي تعتبرها كافرة، وملحدة، ترغم على السماح باشتغال المرأة، من أجل إعالة أسرتها، وفي ظل خضوعها لشروط قاسية، وتحت مراقبتهم الصارمة، حتى لا تزيغ المرأة عن الطريق، وحتى تلتزم بما يسمونه ب: {التوجيه الديني} الصارم، الذي لا يتعامل مع المرأة، إلا من منطلق اعتبارها عورة، مع أن لفظ {المرأة عورة} غير وارد في القرءان، وإذا ورد في الحديث، فذلك شأن الرواة. والذين يحرصون على أن تصير روايتهم للأحاديث، في خدمة الأنظمة القائمة.

وما نعرفه أن ما ورد في القرءان، هو الذي يمكن اعتماده في الدين الإسلامي، بالخصوص. ولذلك نجذ قول الله في كتابه القرءان: {قل للمومنين يغضوا من ابصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم، إن الله خبير بما يصنعون، وقل للمومنات يغضضن من ابصارهن ويحفظن فروجهن، ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}. وما سوى ذلك، ما هو إلا تضليل، ودجل، ولا علاقة له بالدين الإسلامي.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here