عمليات الانتقام تلاحق عوائل داعش في جنوب الموصل بعد أشهر من التحرير

ترجمة/ حامد أحمد

جثث معصوبة الاعين وموثوقة الايدي، ملقاة على الارض وهي تتعفن تحت الشمس الحارقة على بعد 20 ميلاً جنوب الموصل.الدليل الوحيد على معرفة كيفية قتل هؤلاء الرجال ــ البالغ عددهم احد عشر رجلاً ــ هي ظروف الاطلاقات الفارغة المنتشرة بجانب جثثهم.

وإدعى عدد من المدنيين تحدثت معهم (تلغراف) في ناحية حمام العليل القريبة، بان الجثث تعود لأعضاء من تنظيم داعش الارهابي. والبعض الآخر قال بانهم كانوا أبرياء ووقعوا ضحية عدالة غوغائية.
وبعد ستة اشهر من تحرير ناحية حمام العليل من تنظيم داعش بدأت قوات العشائر المحلية والأهالي من الذين عانوا كثيرا على ايدي مسلحي داعش خلال حكمهم الوحشي على امتداد سنتين ونصف بتسوية الحسابات.
وبدأ هذا النشاط من خلال حالات الاعدمات الجلية التي جرت على امتداد الطريق الصحراوي. وفي أواخر شهر ايار الماضي نشرت مجموعة فيسبوك تطلق على نفسها اسم (ثورة حمام العليل) اسماء وعناوين عوائل مسلحي داعش المقتولين والمسجونين.
ودعت المجموعة اتباعها البالغ عددهم 650 عضواً على ان “يحرقوهم في بيوتهم”.
وجاء في التعليق الاول للمجموعة على فيسبوك بتاريخ 28 أيار: “قريبا سنبدأ بحملتنا قمنا الآن بتحديد اماكن عوائل الدواعش، سنجعلهم يندمون على انتمائهم.. حظا موفقا للجميع”.
وتعليق أخر ظهر بعد مرور ايام قليلة، ويبدو انه جاء بعد حصول هجوم نفذه أحد عناصر المجموعة، حيث قال: “اليوم استهدفنا محمد الأطرش.. ألقينا رمانتين وهاجمنا العائلة باطلاقات نارية كما فعلوا لنا”. ورافق التعليق صورة توضح قنبلة يدوية وقد انتزع منها مسمار الامان.
وأصيب علي حميد أحمد بالذعر عندما قرأ اسمه على صفحة التواصل الاجتماعي السبت. وفي وقت لاحق من ذلك اليوم وقبيل منتصف الليل بقليل ألقت مجموعة مسلحين متفجرات أمام باب بيته.ويعتقد أحمد، وهو سائق سيارة اسعاف سابق يبلغ من العمر 65 عاما، انه تم استهدافه لأن ثلاثة من اولاده كانوا مسلحين لدى تنظيم داعش. الابن الاكبر قتل في معركة اما الاخران فقد نصحهما والدهم أحمد على تسليم نفسيهما للقوات الامنية في وقت لاحق من العام الماضي.
الوالد أحمد كان نائما مع زوجته وبناته وأحفاده عندما وقع الهجوم. لم يصب احد بجروح، ولكن الاطفال الصغار اصيبوا بالذعر.
وتقول التلغراف انه كشف لمراسل الصحيفة بقايا القنبلة اليدوية وآثار التفجير المتروكة على الباب التي كان يحاول اصلاحها بالعلكة والشريط اللاصق.وقال أحمد “كنت خائفاً جدا وما يزال يراودني الخوف من انهم سيرجعون. عائلتي تتلقى العقاب بسبب اخطاء ابنائنا، ونحن خجلون جدا ازاء ما فعلوه، لكنهم ليس هنا الآن وهذا بيتنا، هذا ليس عدلا”.وأستهدفت عائلة اخرى في الشارع المجاور في ليلتين متتاليتين. ففي ليلة الجمعة رمى اربعة مسلحين يستقلون دراجات نارية قنبلة يدوية على باب منزل ليلى علي صلاح، وفي ليلة السبت عادوا واطلقوا النار على بيتها من بنادق الكلاشنكوف التي كانوا يحملوها.
ليلى البالغة من العمر 65 عاما التي قتل زوجها وابنها وهما يقاتلان مع داعش في الموصل في وقت ما من عام 2016، تعيش الآن في البيت مع بناتها وحفيديها.
الكثير من الذين ألتقت بهم (التلغراف) إدّعوا بان حشد الجبور، ومجموعة مليشيات مشكلة من رجال عشيرة الجبور السنّية المتنفذة، هم المسؤولون عن هذه الاحداث.ويسيطر حشد الجبور الآن على عدد من نقاط التفتيش حول حمام العليل برفقة الشرطة المحلية والاتحادية. تحدثت صحيفة (التلغراف) مع احد اعضاء مجموعة الفيسبوك، الذي يبدو بانه مرتبط بحشد الجبور، والذي عرف نفسه بالاسم عمر فقط.قال ان ابن عمه قتل من قبل داعش خلال الايام الاخيرة من سيطرتهم على حمام العليل. وبينما كانت القوات العراقية تقترب اكثر من حمام العليل في تشرين الثاني الماضي نفذ تنظيم داعش أحد اكبر عمليات القتل الجماعي ضد السنّة في المنطقة. حيث تم تجميع مايقارب من 300 مدني في مكان واحد وطبقت بحقهم احكام الاعدام الفوري. وقد عثر على جثثهم في وقت لاحق في مقبرة جماعية وهي تحمل آثار تعذيب.قال عمر “انه الرد بالمثل، انهم آذوا عائلتي والآن سنقوم بالرد بالمثل ضد عوائلهم”. وأضاف ان الهدف من الهجمات بالقنابل اليدوية هي أخافة العوائل لمغادرة بيوتها.وعندما سأله مراسل التلغراف ماذا سيفعل اذا لم يغادروا البيت، قال بانهم سيتسببون بتصعيد العنف.
وأضاف عمر قائلا “لم يترك للناس شيئا يعتمدون عليه سوى العرف العشائري. لقد فقدنا ثقتنا بامكانية الحكومة في ان تجلب الحق للناس”.
ويعم الاستياء ناحية حمام العليل التي كانت في يوم ما احد اهم معاقل تنظيم داعش جنوب الموصل. الكثير من أهالي الناحية وحتى افراد قوات جهاز الامن الوطني المتواجدين خارج البلدة لهم قصص عن أقارب قتلوا على ايدي مسلحي داعش. وأخبر أحد افراد جهاز الأمن الوطني الصحيفة بانه يعرف من يقف وراء الهجمات المنظمة الاخيرة وانه رغم انها تقع في مناطق تحت سيطرة القوات الامنية فانهم لايتدخلون.
بينما تفرض قوات حكومية وشرطة محلية سيطرتها المشددة على حمام العليل ومناطق محررة اخرى من الموصل فانها تشاهد السكان وهم ينتزعون حقهم الانتقامي بالرد بالمثل على المتهمين بارتباطاتهم باعدائهم السابقين.
وقالت لمى فقيه، نائب مدير هيومن رايتس ووتش لمنطقة الشرق الاوسط “اذا أرادت السلطات العراقية من المدنيين الذين قضوا اكثر من سنتين تحت حكم داعش ان يشعروا بالامان والحماية، فعليها ان تضمن جلب اي شخص متورط بقتل هؤلاء الناس الى العدالة”.
عن: تلغراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here