بيت الدعارة والتكليف الشرعي

بيت الدعارة والتكليف الشرعي

بعد أربعة عشر عاما من بدء الإحتلال وإعلان نظام المحاصصة الطائفية القومية كوسيلة للحكم والتي دمّرت البلد وتسير به الى الهاوية، خرج علينا السيد “سلام المالكي” وزير النقل الأسبق عن دولة القانون بتعريف جريء لما تسمّى بالعملية السياسية لم يسبقه إليه لليوم أحد. لا من أقطاب السلطة ولا من “معارضيهم” من الذين لازالوا يريدون إيجاد تعريفات ما أنزل الله بها من سلطان للعملية السياسية المسخ، ولا حتّى من كتّاب ومثقفين لأسباب مختلفة، قد يكون أهمها هو الخجل من وصف بهذه الصورة كون مجتمعنا مجتمع ” إسلامي وذو أخلاق إسلامية وأعراف إجتماعية” !!

سلام المالكي الذي كان وحزبه وإئتلافه جزء رئيس من خراب البلد توصل أخيرا لما توصل إليه غيره منذ اليوم الأوّل، الى أنّ نظام المحاصصة الطائفية هي أكبر جريمة بحق شعبنا ووطننا وثرواتنا. ليعلن في حديث تلفزيوني من أنّ دخوله “العملية السياسية” كان خطأ كبير في حياته وسوف لن يسامح نفسه عليه، واصفا هذه العملية من أنها “أشبه ببيت دعارة، لا توجد فيها أي أخلاق أو دين”، وليستمر قائلا إلى أن “الوضع في العراق يسير منذ 14 عاما من سيء إلى أسوأ”.

ما جاء به السيد سلام المالكي ليس بجديد، فبعد أربعة عشر عاما من فشل المشروع الإسلامي الذي رعته مرجعية النجف وآثاره الكارثية والتي بدأت تهدد وحدة البلد الجغرافية علاوة على تفتيت نسيجه الإجتماعي، يكون كربّان يرى غرق سفينته ويقفز منها تاركا من عليها تتقاذفهم الأمواج الى حيث مصيرهم المحتوم. لكن المالكي وهو يقفز من السفينة أشار إلينا الى المهندسين الذين مزّقوا أشرعتها لتواجه ومن عليها رياح الموت التي تحيط بها من كل جانب. ومثل ما كان السيد “سلام المالكي” جريئا في وصفه العملية السياسية ببيت الدعارة، فعلينا اليوم أن نكون بجرأته ونشير الى من يريد لهذا البيت أن يفتح أبوابه على الدوام ليدلفه قوّادوا السياسة من إسلاميين وهم الأغلبية وغيرهم من السماسرة والعاهرات وطلاب المتعة.

يقول سلام المالكي من أنّ المرجعية دعت في السابق الى ثلاثة أمور هي “الدستور والأنتخابات وتشكيل إئتلاف يقود البلد”، الّا أنه أشار في معرض حديثه الى أمر مهم جدا وهو أنّها أي المرجعية “لم تتدخل في التفاصيل وإختيار الشخصيات وإنّما أختارت أحزابا”. ووفق تصريحه وما نعيشه من خراب على مختلف الصعد فأنّ الأحزاب هذه وليس أفراد منها هي من أدارت وتدير بيت الدعارة الذي أشار اليه في حديثه. لذا فأنّ مطالبة المرجعية بتبديل المالكي الذي قاد البلد الى الهاوية بغيره من نفس الحزب والأئتلاف والبيت هو غلق باب من بيت الدعارة وفتح آخر جديد. لأن المالكي كما العبادي وكما الأديب وغيرهم يمثلون مدرسة سياسية وفكرية أثبتت خلال أربعة عاما من أنها غير قادرة على إدارة روضة أطفال وليس بلد كالعراق بمكوناته ومشاكله التي ورثها من نظام البعث المجرم.

الإنتخابات على الأبواب وإن كانت مرجعية النجف جادّة في غلق بيت الدعارة الذي يمتلك الإسلاميين أكثر الغرف فيه، فعليها أن تطلب من مريدها وحفاظا على عرض الوطن من أن لا ينتخبوا الأحزاب والكتل التي حوّلت بلدهم الى ماخور كبير. “فالمجرّب لا يجرب” وهو قولها في ” 29/8/2015 ” بعدم أنتخاب اللصوص يجب أن يكون له معناه الحقيقي الشامل وليس الجزئي. أي عدم أنتخاب أي عضو في أية قائمة أو أئتلاف من تلك التي نهبت البلد وثرواته وإن لم يجرّب، لأننا جربنا معلميهم ورفاقهم طيلة أربعة عشر عاما.

يؤلمني أن أرى مرجعية النجف وهي تتدخل بالشأن السياسي لصالح اللصوص أن تكون مساهمة في بيت الدعارة التي أشار إليها أحد مريدها ، والذي وصف دخوله الى هذا البيت سيء الصيت والسمعة من أنّه “تكليف شرعي”. أعيدي يا مرجعية النجف الى الدين صفاءه ونقاءه وأبتعدي عن التدخل بالشأن السياسي، أو كوني جريئة كما مريدك “سلام المالكي” وقولي للناس من أن الإسلاميين ومن معهم من متحاصصين حولوا بلدكم الى بيت دعارة. أطلبي من مريديك عدم أنتخاب الأحزاب الإسلامية وشخوصها وإن غيّروا أسمائهم وجلودهم، كي نغلق الماخور مرّة والى الأبد.

عودة الى أنّ العملية السياسية لا أخلاق فيها ولا دين كما قال المالكي، أذكر هنا قولا للإمام علي مصدر رزق تجار الدين الشيعة وهو يقول “لا زعامة لسيء الخلق”. فهل ستثقف المرجعية الناس بهذا القول؟

زكي رضا
الدنمارك
11/6/2017

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here