سيف هاشمي

علي الحسيني.
انتشرت في اغلب مناطق العراق، ظاهرة الفجور وعم الجهل في كل مكان تقريبا، وظهر حتى في المناطق الريفية منه، تلك المناطق المحتشمة والتي يغلب عليها العرف العشائري الشديد، هناك بدأت تغني أم كلثوم، وطربت أغلب البيوت على صوتها، وتغزل وغنى عبد الحليم وغيره، ووصل كأس الخمر لأيدي الرجال، بدأت الثورة العفلقية بالنصر، يساندها الثقافة العلمانية في السبعينات، التي غزت العراق، وطمس الدين والأخلاق شيئاً فشيئا والأمر أصبح مرعبا.
هناك أنتفض رجال الأباء، وأخذوا من الحسين منهاجهم، وانطلقت رحلتهم الطويلة نحو الخلود، كان شعارهم هيهات منا الذلة، صارعتهم الظروف، اشتدت عليهم كل نواحي الحياة، فلم يزدادوا إلا ثباتا وصلابة دفاعا عن منهجهم القويم، إنه المنهج الحسيني الشريف، فأبوا الذلة واقتحموا الميدان حاسرين، سنذكر شبل من اشبال بني هاشم، وبطن من بطون العلويين، انبرى للميدان صغيرا وفارقه كهلا قد خطه الشيب، لكن كان فراقه له وهو محمول على نعش الشهادة، إنه السيد صالح البخاتي الموسوي رحمه الله.
ولد الشهيد عام 1967 في قضاء المشرح في ميسان الرجولة ميسان الفداء، خرج من العراق عام 1982 إلى ايران، عاد إلى العراق بعجالة لترتيب شتات أموره بسرعة، لكنه اعتقل عام 1984 في سجن الفيلق الرابع، لكنه تمكن من الهروب من المعتقل بذكائه وفطنته، وعاد إلى إيران ليبدأ رحلته الجهادية الطويلة سائرا نحو الخلود، حيث أستقر في قصب الأهوار، وسط عبق الحرية والشجاعة، وشحذ همته العالية، لِيُعِدَها لطريق طويل، لن تكتمل أجزائه إلا بالشهادة، ذلك الحلم الذي بحث عنه طوال عمره.
كان إسما لامعا في عمليات حاج عمران ضمن فيلق بدر، التي أشترك فيها بشراسة مع شقيقه الشهيد محمد البخاتي الموسوي، كانت تلك العمليات عام 1986، صنديد المقاومة وسيفها البتار في عمليات الاهوار، ضمن حركة حزب الله، التي أفقدت البعث وصدام صوابه، قائدا ميدانيا في الانتفاضة الشعبانية عام1991، كان مسؤول محور الجزيرة وهي جزيرة الكميت، وقائدا لمجاهدي حركة حزب الله في تلك المناطق العصية التي انتشر فيها أزلام صدام بكثافة، لكنه تجاوز كل الصعاب برأيه الثاقب وتوقعه ورسمه للخطط الناجحة بأستمرار.
بعد ذلك جرد سيف الفداء ليرعب به الظالمين، فدخل بغداد بكل عصمتها وتحصينها الصدامي العفلقي، ليدق فوق هامات أولئك الجبارين، ويحطم غرورهم وجبروتهم وطغيانهم الكافر، فزعزع أركانهم بضربه مديرية الأمن العامة عام 1998 تلك المقبرة السوداء، التي لطالما وقفت على بابها أم فقدت ابنها او زوجة تبحث وسط المجهول عن شريك حياتها الذي ذهب بلا عودة، تقف النساء على ذلك الباب اللعين الذي كان طريقا نحو الموت نحو العذاب، يجلدن بالسياط ويسمعن أنواع السب والشتم،
اعتقل عام 2004 من قبل الأمريكان، اشترك في الدفاع عن حرم عمتهِ الحوراء زينب عام2013، قائد عمليات حزام بغداد في الحشد الشعبي المقدس، أشترك في تأسيس عدد من الألوية الجهادية في سرايا العقيدة، اشترك في معارك الشاخات والضابطية، قائدا في عزيز بلد وجرف الصخر وسامراء، لم ينم له جفن في صلاح الدين وجبال حمرين والثرثار ومنطقة ذراع دجلة، سيف بتار وقائدا يدير العمليات في الصقلاويه وبيجي والكرمة والفلوجة، مؤسس لعدد من الافواج في سرايا الجهاد.
لا أنسى في أحد الأيام عندما اشتد الحصار على مرقد عقيلة الطالبيين في سوريا، كان السيد صالح أبا مهدي رحمه الله، يحمل مبلغا من المال لشراء سيارة له، وقد طلب من أحد السادة الأفاضل مساعدته على شراء تلك السيارة فهو لا يمتلك الخبرة الكافية في هذا المجال، وهو يتجول في معارض السيارات، رن هاتفه وقد أجاب مسرعا، وقال أن الشيخ الفلاني يريدني وبسرعة، أحد شيوخ الدين والزعماء الكبار في بغداد، فلما دخل على الشيخ قال له إن مرقد عمتك زينب في خطر ونحتاج إلى رجال ليهبوا دفاعا عنه وبسرعة، خرج السيد متغير اللون قال له السيد الذي يساعده في شراء السيارة انذهب إلى معارض السيارات، قال لا انا قد طلقت الدنيا، احتفظ بالمبلغ معك وانا سأذهب إلى عمتي زينب، وفي صباح اليوم التالي سألنا عنه قالوا هو الآن في سوريا.
وقف في الصلاة، وقد كان إمام لمجموعة من المجاهدين، بكى في القنوت وقال ربي متى سترزقني الشهادة، يردد دعائه بكل شوق للقاء ربه، فاستجاب الله له دعائه ورزقه الشهادة، بعد عمر طويل من الجهاد والكفاح والتضحية، استشهد في الساعة الثالثة عصرا في منطقة الصقلاوية، في 2016/6/21 المصادف 15 من رمضان، قد نال الشهادة صائما عطشانا تماما مثل جده الحسين عليه السلام.
فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here