المقدمة: يا ليتني كنت بعثياً

تعلموا من علي عليه السلام معنى السياسة
عباس الكتبي
كان هناك بعثي بدرجة عضو فرقة في حزب البعث، مسؤول المنطقة التي أسكنها، أشربت نفسه حب الطاغية صدام، الى حد الجنون، فأصبح مجنون صدام، على غرار مجنون ليلى في العشق!!
هذا الشخص أو المسؤول، سبقه عدة أعضاء في حزب البعث، تولوا المسؤولية الحزبية لمنطقتنا، ولكنهم كانوا أخف وطأة وظلم منه، واحد من هؤلاء في مطلع التسعينيات من القرن المنصرم، أقتحم دارنا عنوة بمفرزة حزبية بعثية، متكونة من عشرين شخصاً تقريباً، يبحثون عن أخي الأكبر مني سناً، وحين لم يعثروا عليه، أنهال هذا المسؤول على أمي العجوز، بالسبّاب والشتم والكلام الجارح.
شرّ البليّة ما يضحك، في العاشر من شهر محرم الحرام من العام الماضي، ذهبت لإحدى المجالس الحسينية، لإستماع قصة مقتل الإمام الحسين علية السلام، كنت جالساً منتظراً بدء قراءة المقتل، جاء رجل كبير وجلس بجواري، عليه علامات المؤمنين من اللحية الطويلة، والسبحة 101، وعندما ركزّت فيه جيداً، علمت انه هو ذلك الرفيق البعثي، الذي هاجم دارنا، وأعتدى على والدتي!!
نرجع الى “سالفتنا” مع مجنون صدام، وكان هذا الشخص آخر مسؤول حزبي على منطقتنا، قبل سقوط حكم السفاح صدام، كان ظالماً ومنافقاً جداً، وقد عانيت منه انا شخصياً الأمرين، قام مرتين بمداهمة البيت لإعتقالي، ومعه مفرزة متكونة من “20-30” شخصاً من البعثيين، تعرضت في احداهما للضرب المبرح في الشعبة الحزبية.
بعد سقوط حزب البعث، أنفصل هذا الشخص الظالم من وظيفته، وفق القرارات والقوانين التي أقرت بكبار البعثيين، لكن المفاجأة أنه بعد مدة أعيد الى وظيفته وبتزكية من أحد الأحزاب الأسلامية!! أيضا نفس هذه الحالة حصلت مع عضو فرقة في حزب البعث، كان معاون المدير في مدرستي، حدثت بيني وبينه مشكلة ظلمني على أثرها، كذلك شمله الطرد من الوظيفة، ثم رجع بعد فترة بتوسط حزب إسلامي آخر، وهلم جرا من هذه القضايا الكثيرة التي حصلت مع البعثيين، والآن هم يتنعمون ويأكلون ويشربون ويتمشون في الأسواق، بينما بقي كثير من المضطهدين والمحرومين في زمن النظام البائد على حالهم، لم يحصلوا على تعيين، بل حتى على راتب العاطلين عن العمل، في حين الأعم الأغلب من أعضاء حزب البعث، هم كانوا نوّاب ضباط في الجيش المنحل، ويستلمون حالياً مرتبات تقاعدية شهرية جيدة جدا !!
الدولة التي تعيد البعثيين الى الواجهة من جديد- حتى قيل ان الحكومة السابقة أعادت 150 ألف بعثي!!- وتبقي المحرومين والمظلومين على حالهم، يعانون مكاره الدهر، ومصاعب الحياة، ولم تقتص لهم من البعثيين المجرمين الذين أسرفوا في القتل والظلم، لهي دولة غير عادلة، مصيرها الى الزوال والأنهيار بلا شك.
ليس الدولة فقط من أرجعت البعثيين، فلو بحثتم جيداً، ستجدون قلما هناك حزب سياسي، اسلامي أو غيره، يخلو من البعثيين، ولو بعضاً منهم، بل لو توسعنا أكثر نجد حتى في بعض النظم الاجتماعية والدينية هناك رفاق من البعث، فهناك تعاطف وتساهل كبير من الحكومة، وأغلب المجتمع مع رجال البعث، وكأنهم نسوا تلك المجازر والمظالم والمقابر الجماعية، التي ارتكبها حزب البعث.
لعل قائل يقول: ان الظرف والمرحلة الجديدة ما بعد التغيير 2003، يتطلب سياسة( العفو عما قد سلف)، أو سياسة( أذهبو فأنتم الطلقاء)، ولكن في الواقع هذه القراءة غير صحيحة، ولم يكن فيها نضج سياسي تام، ولم تكن فيها رؤيا مطابقة للواقع، والظرف الزماني.
في الحلقة القادمة من هذه السلسة التي سنكتبها عن سياسية أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام، سنعرف كيف تعامل الإمام عليه السلام، مع البعث الأموي؟ وماهي السياسة التي واجههم بها؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here