شناشيل : لِمَ الاعتراض على زيارة العبادي؟

عدنان حسين

[email protected]

حتى قبل الإعلان رسمياً عن زيارة رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي إلى السعودية، نشب خلاف في فضاء التواصل الاجتماعي بين بعض العراقيين بشأن الزيارة، بين معارض ومؤيد لها.
المعارضون كانت نبرتهم في الغالب أعلى وأحدّ، بل هي عكست ضيقاً شديداً واضحاً، ومعارضتهم تركّزت على، وتمسّكت بـ ، “التوقيت غير المناسب”، في إحالةٍ إلى الأزمة الخليجية المُشتدّة (بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة وقطر من الجهة الثانية).
المؤيدون أو المتفهّمون لاحظوا من ناحية أنّ الزيارة مقرّرة قبل نشوب الأزمة ومن ناحية أخرى أنّ التوقيت ربما كان الأنسب لكي يحقّق العراق أكبر قدر من المكاسب (الدبلوماسية وسواها) من الطرف الأكبر في مجلس التعاون الخليجي وفي هذه الأزمة، السعودية.
الملاحظ أنّ المعارضين، وبخاصة ذوي النبرة الأعلى والأحدّ، هم في الغالب (الإعلاميون منهم ونشطاء التواصل الاجتماعي) معروفون بكونهم من أنصار أو مؤيدي رئيس الوزراء السابق نوري المالكي أو القريبين من أوساطه، أو من ذوي الميول الإيرانية.
بطبيعة الحال .. للمعارضين، أيّاً كانوا، كلّ الحق في المعارضة، وللمؤيدين أيضاً حقّ مماثل في التأييد، وشخصياً لا أتردّد في الإعلان عن انتمائي إلى فريق المؤيدين.
حتى لجهة التوقيت، فإن الزيارة تأتي في وقتها المناسب. كانت هناك جهود ملموسة لتحسين العلاقات بين العراق وواحدة من أكبر جاراته ومن أكثرها تأثيراً في أوضاعه الداخلية. والآن وإذ نحن قد أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من التحرير الكامل للموصل والقضاء شبه الكامل على تنظيم داعش، وصرنا في مواجهة الاستحقاق الكبير المتمثل بإعمار المناطق المتضررة (ثلث مساحة البلاد) وإعادة سكانها ( أكثر من خمسة ملايين) إليها، فإن هذه المهمة بحدّ ذاتها تتطلّب السعي لتأمين أفضل العلاقات مع دول الإقليم كافّة ومع سائر الدول المعوّل عليها في دعم برامج الإعمار وإعادة التوطين وفي تأمين الاستقرار في العراق، ولابدّ أنّ السعودية، كما الإمارات وإيران وتركيا وروسيا والولايات المتحدة وأوروبا، بين هذه الدول.
المعترضون على زيارة العبادي إلى السعودية والمعارضون لها رأوا أنها في هذا التوقيت يُمكن أن تعطي الانطباع بأنّ العراق يلتزم الجانب السعودي – الخليجي في الأزمة مع قطر، لكنّ هذا المنطق نفسه، إذا ما اعتُمِد، يُمكن أن يقود إلى اعتبار أنّ عدم القيام بالزيارة المقرّرة والمرتّب لها قبل نشوب الأزمة، يمثّل انحيازاً من العراق إلى الجانب القطري. لذا يتعيّن نبذ أطروحة التوقيت لأنها تبدو متهافتة في الواقع، فالزيارة يتوجّب أن تُحاكم على أساس مضمونها.. ما جرى بحثه فيها والنتائج المتحققة عنها والفوائد المُجتناة منها. الذين اكتشفوا الآن فجأة أنّ قطر دولة شقيقة وحبيبة وقيادتها ممّا تستحقّ أن تُؤخذ بالأحضان، إذا ما وجدوا، بعد انتهاء الزيارة وظهور نتائجها، أنّ حيدر العبادي قد وضع بيضنا كلّه في السلّة السعودية وزجّنا في أتون الأزمة التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل، سيحقّ لهم وقتذاك رفع أصواتهم بنبرة أعلى وأحدّ، وحتى المطالبة بمساءلته وسحب الثقة منه .. إنْ أرادوا.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here