رسالة إلى راعي العدالة والإنسانية

عبد الكاظم حسن الجابري
يامن ولدت في بيت الله العتيق, وشق الجدار لأمك, وكانت هذه أولى فضائلك, يا من جمعت كل الفضائل والمكرمات, استميحك العذر لأقترب منك, وأتكلم عنك, وأعلم تمام العلم بقصوري وتقصيري, فأي كلمات تحدك؟! وأي حروف تفي حقك؟!.
سيدي يا أمير المؤمنين, سلام الله عليك, لقد كنت وحيد زمانك, لم يعرفك إلا خالقك ونبيُه, فقد أمنت حين كفر الناس, وصدقت حين كذَّبوا, حملت راية الدين, تقاتل الكافرين والمشركين والمنافقين, لا تأخذك في الله لومة لائم تجندل الأبطال, وتكسر هيبة العرب الذين كانوا يتفاخرون بشجعانهم.
لم تتترك أمرا لله إلا وعملته, ولا نهيا إلا وتركته, كنت ذائبا في الله, موطنا نفسك على أمره, مقدما رضا الله على رضا نفسك, وما عُرِض عليك أمران كلاهما صلاح إلا واخترت أشدهما.
صبرت حين خان القوم نبيهم, واغتصبوا حقك المفروض لك في القرآن, والذي بلغ به النبي صلى الله عليه وآله في يوم الغدير, فقال “من كنت مولاه فهذا علي مولاه” فتركوك وأمَّروا غيرك فسلام عليك من صابر.
ولما تسافل شأن المسلمين, بعد خلافة ثلاثة, جاءوك نادمون, فاضطررت لقبول خلافتهم, وأنت عالم بغدرهم, فحكمت وكنت نعم الحكم, لم تفضل نفسك على غيرك, كنت فقيرا كحال فقراء دولتك, منصفا من نفسك, عادلا بالرعية, عاملا بالسوية, لا فضل في حكومتك لأحد على أحد, كان أحبائك الأتقياء, وأصدقائك الفقهاء, لم تؤثر أحدا لقرابة أو نسب أو جاه أو مال, فحقد على القاسطين والمارقين فاشعلوا الحرب لما يأسوا من أن ينالوا حظوة في حكومتك, فألبوا عليك القبائل, وجيشوا الجيوش, وشقوا صف الأمة بجملهم وصفينهم ونهروانهم, ومع ذلك صبرت واحتسبت وفوضت أمرك لله.
وبعد أن فقدوا الأمل في أن يغلبوك بحرب, عمدوا الى المكر والغدر, فأرسلوا أشقاهم, فغدرك في بيت الله, وفي صلاتك, فضرب هامتك لتنادي فزتُ ورب الكعبة.
نعم يا سيدي إنه الفوز العظيم, فلقد خرجت من هذه الدنيا عاملا لله, نظيف اليد, اختصرتْ رحلتك بين بيتي الله حقيقتك التي كانت من الله ولله وفي الله, فالسلام عليك ايها العبد الصالح ورحمة الله وبركاته.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here