القيادة العسكريّة تسعى للانتهاء من “الموصل القديمة” قبل العيد

بغداد / وائل نعمة

تواصل القوات المشتركة تقدما بطيئا داخل الموصل القديمة، في إطار عملية بدأت يوم الاحد، لاستعادة ما تبقى من الساحل الايمن.
وحذرت القوات المشتركة المدنيين من التواجد في المناطق المفتوحة، وطالبت مسلحي داعش بالاستسلام. وتشير معلومات عن تسليم نحو 40 مسلحاً أنفسهم الى الشرطة الاتحادية.

في غضون ذلك يتصدى طيران التحالف لمفخخات داعش بواسطة “صواريخ لولبية”، تحدث حفرا في الشوارع تعرقل حركة المفخخات.
وتواصل قوات مكافحة الاهاب والشرطة الاتحادية والجيش العراقي شق طريقها الى قلب الاحياء القديمة من 3 محاور.
وبدأت القوات المشتركة، يوم الاحد، باقتحام المدينة القديمة بعد ثمانية أشهر من انطلاق العمليات العسكرية لتحرير الموصل.
ويؤكد مسؤولون محليون ان المعارك شديدة للغاية. في غضون ذلك يتزايد القلق حول مصير أكثر من 100 ألف مدني ما زالوا محاصرين داخل المدينة القديمة، بحسب تقديرات الامم المتحدة. فيما تتتحدث التقديرات العراقية عن نصف العدد.
وقال حسن العلاف، نائب محافظ نينوى لـ(المدى) امس، ان العمليات “بدأت في الساعات الاولى من فجر يوم الاحد، حيث هاجمت الشرطة الاتحادية، ومكافحة الارهاب، والجيش، المدينة القديمة من 3 محاور”.
وتتقدم الشرطة الاتحادية من المحور الجنوبي، حيث كانت تتواجد هناك منذ اكثر من 3 اشهر. ويؤكد العلاف ان “الشرطة بدأت بتحرير باب البيض، وهي احدى البوابات المتعددة للمدينة”.
ويعتبر الحي الاخير، من الاحياء المحاذية لجامع النوري، الذي اعلن منه زعيم داعش تشكيل “دولة الخلافة” قبل ثلاث سنوات.
ويؤكد المسؤول المحلي ان “شارعا واحدا، يسمى بشارع الخزرجي، بات يفصل الآن بين القوات والجامع”.
وهاجمت قوات مكافحة الارهاب المناطق الغربية من المدينة القديمة، حيث تشتبك مع التنظيم في منطقتي شيخ فتحي والمشاهدة.
بدورها تولت الفرقة 9 / جيش عراقي، مهمة الهجوم انطلاقا من الحافة الشرقية للنهر، كما تولت مهمة قطع الامدادات مع حي الشفاء، الذي بات محاصراً بالكامل.

منع السيارات المفخّخة
ويؤكد العلاف ان “طائرات التحالف وجهت عددا من الضربات بالصواريخ اللولبية، التي تحدث حفرا في الارض”، مشيرا الى ان “هذه الصواريخ منعت استخدام داعش للسيارات المفخخة، اذ لاتستطيع تجاوز تلك الشقوق”.
وكان التنظيم قد شن، قبل يومين من عملية اقتحام المدينة القديمة، هجوماً مفاجئا على الاحياء المحررة في جنوب المدينة، واستطاع تفجير 10 سيارات. ورجح قادة ميدانيون، مؤخرا، ان يستعين مسلحو التنظيم بالانتحاريين والدراجات النارية المفخخة.
وقال اللواء الركن معن السعدي، القائد في قوات مكافحة الإرهاب ، امس، بان قواته سيطرت على مناطق جديدة في حي الفاروق. وتشارك 3 فرق من مكافحة الارهاب في معركة استعادة المدينة القديمة.
وأشار السعدي إلى أن “داعش يبدي مقاومة شرسة”، مضيفا “لقد أقفلوا كل المداخل، وزرعوا العبوات الناسفة وفخخوا منازل قد تكون قواتنا قريبة منها”. وأكد أن “تحقيق الاختراق كان صعبا للغاية. المعركة اليوم وجها لوجه”.
وترجح جهات عراقية وامريكية وجود نحو 1000 مسلح في المدينة اغلبهم من جنسيات اجنبية. واظهرت صفحات على التواصل الاجتماعي، آليات هامفي قرب المسجد الكبير في شرق الموصل المواجه للمدينة القديمة على الضفة المقابلة من نهر دجلة. وبدأت تبث عبر مكبرات الصوت رسائل إلى المدنيين والمسلحين. وأكدوا للمدنيين المحاصرين داخل المدينة “نحن قادمون إلى المدينة القديمة، القوات الأمنية على وشك إنهاء معاناتكم. شرق الموصل وغربها سيتحدان مجددا قريبا”. كما خيرت المسلحين بين قرارين “الاستسلام أو الموت”.
وفي وقت متأخر من مساء الأحد، ألقت القوات المشتركة ما يقارب 500 ألف منشور في سماء الموصل، لتعلم الاهالي بأنها “تحيط بالموصل القديمة من كل مكان، وقد شرعت بالهجوم من جميع الاتجاهات”.
ودعا المنشور المواطنين إلى “الابتعاد عن الظهور في الأماكن المفتوحة و(…) استغلال أي فرصة تسنح أثناء القتال ستوفرها القوات والتوجه إليها، تفاديا لاستغلالكم كدروع بشرية”.
ويؤكد حسن العلاف ان “الشرطة الاتحادية أبغتنا بان 38 مسلحاً سلموا انفسهم”، مشيرا الى ان “اغلب المسلحين محليون، لكن لانعرف ان كانوا مقاتلين او من المتعاونين”.
وتسير المعارك، بحسب المسؤول المحلي، ببطء شديد، حيث تحرص القوات العراقية على عدم اصابة السكان، مبيناً ان “اهالي المناطق التي تحرر يخرجون بالفور”.
ويرى العلاف ان “تحرير المدينة القديمة سينتهي في اول ايام العيد وفقا للمعطيات على الارض”.
وكانت الحكومة قد استعدت، الاسبوع الماضي، لإعلان النصر تزامناً مع الذكرى الثالثة لسقوط الموصل. لكن شراسة المعارك في حيي الزنجيلي والشفاء منعت ذلك. ويتوقع العلاف معارك شبيهة للتي شهدتها الاحياء الاخيرة.
في غضون ذلك حذرت (لجنة الإنقاذ الدولية)، في بيان لها، يوم الأحد، من المخاطر الكبيرة التي تواجه المدنيين الذين يعانون أصلا من الصدمة.
وقالت نورا لوف، ممثلة اللجنة في العراق، “ستكون مرحلة مرعبة لنحو مئة ألف شخص ما زالوا عالقين في المدينة القديمة بالموصل، ومعرضين حاليا لخطر المحاصرة في قتال الشوارع العنيف المرتقب”.
بدورها، أعربت منظمة “سيف ذا تشيلدرن” عن قلقها حيال مصير نحو 50 ألف طفل، أي ما يعادل نصف عدد المدنيين المحاصرين.
وقالت آنا لوكسين من المنظمة إن هؤلاء الأطفال “يعانون من نفاد الغذاء والماء، ويواجهون العنف أينما توجهوا”، مضيفة “من المرجح أن يكون تأثير المدفعية والأسلحة المتفجرة أكثر فتكا وعشوائية، ما يجعل الأطفال الضعفاء أكثر عرضة للخطر”.
ومنذ بدء العمليات العسكرية قبل ثمانية أشهر، نزح نحو 862 ألف شخص من الموصل. وعاد منهم نحو 195 ألفا، معظمهم إلى مناطق شرق الموصل.

أدوية في الشفاء
بدوره يتوقع حسام العبار، عضو مجلس محافظة نينوى، نزوح نحو 4 آلاف مدني من المناطق المحاذية لنهر دجلة، حيث يتواجد 300 بيت في الشريط القريب من حي الشفاء.
ويقول العبار، في اتصال مع (المدى) امس، ان “الفرقة التاسعة قطعت الامدادات بين المدينة القديمة وحي الشفاء، الذي ما زال يشهد اشتباكات”، لافتا الى ان “الرد السريع يقوم بمهمة التقدم الى قلب الحي”.
وسيطر الرد السريع على نحو نصف الحي، ويرجح العبار ان تحسم المعركة غداً (اليوم) على أعلى تقدير.
ويدافع التنظيم بشراسة عن الحي، الذي يضم عددا من المستشفيات، حيث يخضع مسلحوه الى العلاج والتداوي بواسطة اطباء
احتجزهم مسبقا.
وكشف عضو لجنة النزاهة ريبوار طه، امس، عن وجود اطنان من الادوية بحي الشفاء، مصنوعة من قبل الشركة العامة لصناعة الادوية في سامراء وتم انتاجها في الشهر الثامن من عام ٢٠١٦.
وطالب النائب الكردي وزارة الصحة بالتحقيق في كيفية وصول تلك الادوية خلال فترة احتلال “داعش” المدينة.
ولاتعرف السلطات المحلية في الموصل كيف وصلت تلك الادوية الى المدينة. لكن حسام العبار يقول ان “الامم المتحدة كانت توصل اللقاحات ضمن الجهود الانسانية، الى مناطق تقع تحت سيطرة التنظيم حتى وقت قريب”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here