القضاء يتحرك ومجالس تترنح

ماجد زيدان

في الايام القليلة الماضية حرك القضاء  بعض الدعاوى المقامة لديه المتعلقة باعفاء مسؤولين من مناصبهم جاءت في صالح المشتكين في محافظتي ذي قار والنجف وقبلهما في واسط.

ان من اشتكى كان ضحية لمحاولات تقاسم المكاسب من جديد، وبروز الصراعات والتجاذبات السياسية، وعدم قدرة المحافظين او نوابهم او رؤساء مجالس المحافظات على تأمين المصالح المتضاربة بين الكتل السياسية المشكلة لهذه المجالس المحلية، وتبعاً لقوة نفوذها يمكن لها ان تربك الوضع في أي وقت بتغيير خارطة التحالفات وبالتالي السعي لاعادة بناء هرمية السلطة وتوزيع مناصبها بناءً على ذلك. طبعاً ليس من بين الاسباب ما يتعلق بالاداء الوظيفي والمهني او قانونية اشغال الوظيفة والنزاهة وحسن التصرف في المال العام وحمايته.

من هنا يتوجه بعض الذين تتم اقالتهم الى القضاء لرد الحق الى صاحبه والاعتبار من الذين لم يتصرفوا على وفق ما تقتضيه المصلحة وخدمة المواطن، خصوصاً انه ليس هناك ما يعيب في المسؤولية شيء سوى ان توافقاً آخر ظهر على السطح غير الذي جاء به الى السلطة.

في خضم هذا الصراع وكسب الجولة الاولى من المعركة المفتعلة يتعين مسؤول جديد يحظى بالمقبولية والاسناد من التحالف الذي حدث وقدمه الى سدة المنصب وهذا بالضرورة يستتبع تغييرات ليست قليلة في الجهاز الاداري والدرجات الوظيفية الادنى كمحصلة للمحاصصة السياسية التي ظهرت، وثمناً للمواقف المؤيدة للفريق الحاكم الذي تمكن من جمع الاغلبية.

لا يهم ان كان هؤلاء الموظفين في مستوى ادنى من الكفاءة والطاقة على ادارة ما يسند اليه ولا شرط ان يكونوا بمستوى السابقين او اكثر منهم خبرة وتجربة، ولا ضرورة للمصلحة العامة واستكمالها من الذين اصبحوا سابقين المهم في ان يكون هؤلاء من المرضي عنهم لدى التكتل الجديد او الفريق الحاكم الذي تمكن من عزل المسؤول السابق وجماعته.

ان البعض من اعضاء المجالس المحلية يستعجل  التعيينات قبل ان يتبين حكم القضاء، تصدر الاوامر احياناً وهم على قناعة ان الحكم سيكون في صالح المقال، ولسان حالهم يقول هذا لا يغير من الامر شيئاً سنعين موظفين او نرفع آخرين جدد والى ان يبث القضاء يكون هؤلاء تمركزوا في مواقعهم وليس باستطاعة احد ان يزيحهم والا لن يمر قرار الحكم القضائي، او حتى البعض الذي من يصدر الحكم  لصالحه يستنكف العودة الى المنصب لانه على يقين لن يتمكن من اداء واجبه على الشكل الملائم في ظل هذا التخندق والمؤامرات والاجواء غير المناسبة والتحاصص الذي بات يشكل قيداً لا يمكن تحطيمه ما لم تتغير العملية السياسية برمتها وتزاح قوى عنها، قوى تبقى تشاغب وتعمل خارج النسق العام الذي يتطلبه الاداء الوظيفي بتجنب افتعال الازمات.

في كل مجالس المحافظات القوى الحاكمة هي من الاسلام السياسي، ليست الخلافات الايديولوجية فيما بينها ذات تاثير في تحديد مساراتها، وانما برامجها ذات المدى القصير والمصالح الآنية والتقلبات السياسية في مطابخ قرارها الرئيس الذي ينعكس على المجالس  المحلية سلباً او ايجاباً ومن دون مراعاة لخصائص هذه المجتمعات بل انها وسيلة للضغط والمساومة لتحسين المواقع في اماكن اخرى. من هنا يكون الاستقرار في احيان كثيرة ضحية لصراع في مكان آخر مما يعقد المشهد ويربكه ويزجه في ما لا ضرورة وطنية له .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here