اذا اردت السلام فاستعد للحرب …. الحشد الشعبي

ناصر سعيد البهادلي

لعل اعظم ما تمخض من طبيعة ومساقات الازمات التي مرت على العراق وبفعل رئيسي من تداعيات الصراع الحضاري والدولي بين القوى الكبرى والفاعلة والذي بات العراق الساحة الاولى لهذا الصراع هو الحشد الشعبي ، هذا الحشد الذي هو في جوهره فعل شعبي غير مرتبط باجندات السياسيين والذين جلهم فرضوا على العراق نتيجة التسويق الاعلامي لهم كرموز يختارها المواطن ودونما التفات الى حقيقة انه سائر تحت طي البروبكاندا التسويقية للساسة والاجندة المنبثقة من الحرب الناعمة ، فمقولة تشرشل لازالت حاضرة في فعل الساسة والاعلام الموجه ” السياسي الناجح هو من يجعل الناس ينادون بارائه معتقدين بانها ارائهم ” ، فرأينا بصورة جلية مظاهر ثقافية صارخة تروج في ثنايا المجتمع لمسخ الانسان العراقي وجعله حمل وديع مؤهل للافتراس ، ولاشك ان ثقافة التميع االتي تروج لاتحتاج الى ادنى عناء لمعرفة ارتباطها الوثيق مع اهلية الافتراس الى الاعداء المتربصين ولاسيما الدولة اللقيطة اسرائيل ، واما ثقافة الالحاد التي تعمل الحرب الناعمة على ترويجها فهي الركيزة الاساسية لانتاج شعب ضائع ومتميع بغية افتراسه والغائه وجوديا …
وبغض النظر عن الجدل المعرفي والانساق المنطقية في ترجيح الايمان او الالحاد والتي الانسانية لم تنفك يوما من خوض غمارها الا انه بحساب بسيط ومن باب البراغماتية والمنفعة للشعب العراقي سنجد ان الايمان هو القلعة الحصينة والسور الاخير بل والوحيد الذي تتحطم عليه مؤامرات واساليب الاعداء سواء كحرب الناعمة او العدوان المباشر ، وليس ادل وضوحا  على ذلك من فعالية الحشد الشعبي التي وحدها اوقفت المد الارهابي بل ودحرته باروع واعظم صور الاندحار ، وهذا الحشد لم ينتج من الثقافات التي تروج سواء بالاعلام الموجه او باقلام واصوات الاغبياء من نخب ثقافية سارت بركاب الحرب الناعمة ، بل انتجته ثقافة المجتمع العراقي الاصيلة والمتوارثة وهي الثقافة الدينية ، هذه الثقافة التي يسعى العدو جاهدا في سبيل تحطيمها والغائها من خلال الحرب الناعمة بترويج ثقافة الالحاد ، ولذا ليس غريبا ان يحارب المجتمع العراقي ودوائره التي تمثله ثقافة الالحاد بل الغريب ان يتم الصمت بحجج وشعارات واهية وتافهة كالحرية الشخصية او حقوق الانسان ووو – شعارات حق يراد بها باطل – وليس هنا محل بيان زيف هذه الشعارات واستبطان ما يناقضها …..
شئنا ام ابينا فان المؤامرات واساليب الاعداء على مستوى من الخطورة والقوة لايمكن لاي دولة ان تواجهها بالاساليب التقليدية والتي اعتمدها العالم الحديث كمؤسسات الدولة وثقافة الوطنية التي ضعفت الى مستوى لاتحسد عليه وباتت اعجز من ان تنهض او تثير حماسة المجتمع ووحدته في مواجهة الازمات ، وحتى انحدار مستوى الثقافة الوطنية على المستوى الاجتماعي هو نتاج لتراكمات تاريخية من اسباغ فلسفة الانظمة السياسية وعاضدتها الثقافات التي تروج بفعل الحرب الناعمة ولاسيما بعد الانفتاح المنفلت على العالم ومن خلال وسائل الاتصال الجماهيري والاجتماعي كالاعلام وشبكة النت العنكبوتية ، من هنا وبفعل ان العمق الاجتماعي كان تأثره اقل باساليب الحرب الناعمة نهض نهوضا منقطع النظير لانتاج فعل اجتماعي بفتوى دينية وسمي هذا الفعل بالحشد الشعبي …..
هذا الحشد ومنذ انطلاقه قدم اروع وابهى صور التضحية والفداء والانتصارات الباهرة ، بل ولمسنا بشكل واضح خوف وهلع كل الاجندة المستهدفة للعراق سواء دولية او اقليمية او محلية ، فساسة الكرد وهدفهم في الانفصال – والذين عملوا طوال مشاركتهم في العملية السياسية على اضعاف العراق كدولة – ادركوا ان الحشد قوة كبرى معرقلة او مانعة لحلمهم بالانفصال ، فانتهجوا موقف الرفض من وجود الحشد الشعبي ، كذلك الدول الحالمة بتقسيم العراق او استنزاف ثرواته كتركيا والاردن والسعودية ودول الخليج بمعظمها وقفت موقف الرفض والمحاربة للحشد ، فقط ايران وسوريا انسجمتا  ودعمتا الحشد الشعبي باعتبار توافق مصالحهم مع وجود الحشد الشعبي وبالتالي مصالح العراق ، فلو تأملنا بطبيعة الدول الرافضة والداعمة لوجدنا الاولى تدور في فلك امريكا واسرائيل والثانية في فلك روسيا والصين ، فالقضية في جوهرها صراع حضاري وعالمي متمثل بمشروع شرق اوسطي جديد لهيمنة المحور الامريكي الاسرائيلي على المنطقة والعالم وممانعة ورفض المحور الروسي الصيني مشروع التقسيم والهيمنة هذا …..
مما تقدم فان وجود الحشد وتطويره من ضرورات قوة العراق ووجوده ، وكل دعوى وان تلبست بشعارت براقة الى حله انما هي شعارات غايتها انهاء العراق وجوديا تنفيذا لمشروع الشرق الاوسط الجديد سواء علموا رافعي الشعارات او لم يعلموا بذلك …..
ولذلك فان قوة العراق واستقلاله وبنائه كدولة حية وجوديا مرتهن بوجود الحشد الشعبي ، وعلى الحشد الشعبي في المرحلة القادمة ان يعمل على بناء قدرته التسليحية كانشاء المصانع الحربية وان ينتج طبقة سياسية ينتخبها الشعب قادرة على اضفاء الغطاء السياسي والقانوني عليه وعلى تنامي قوته وقدرته الحربية ، فلقد قيل وصدق القول : اذا اردت السلام فاستعد للحرب ………
عاش العراق وتحية اجلال وعرفان الى حشدنا المبارك وشهداء العراق

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here