صحيفة بريطانية: ثلاث دول تتسابق على زيادة نفوذها في سوريا والعراق

تقدمت القوات العراقية إلى منطقة مسجد النوري الكبير في الموصل ومنارته التي تداعت بعد ساعاتٍ من تدميرها، وسط اتهامات متبادلة بين التحالف الدولي الذي تقوده أميركا، وتنظيم “الدولة الإسلامية” داعش، الذي قال إن طيران التحالف استهدف المسجد.

وشكَّل تدمير المسجد لحظة محورية في الحرب ضد “داعش”، التي أعلنت خلافتها التي أصبحت ضعيفةً الآن من ذلك المسجد قبل ثلاث سنوات، بحسب ما ذكره تقرير لصحيفة “الغارديان” البريطانية الخميس 22 يونيو/حزيران 2017.

وفي شمال العراق، لا يزال هناك جزء من مدينة الموصل القديمة وحي صغير مجاور تحت سيطرة “داعش”.

وتشكل مدينتا تلعفر والحويجة العراقيتان المحاصرتان، أراضي التنظيم المتبقية، وهما مجرد قطاع صغير من الأراضي التي كان التنظيم يحتلها في ذروة قوته في منتصف عام 2014. تحضير لمعركة حاسمة ومع تحول حظ التنظيم، فرَّ أعضاؤه المتبقون من العراق إلى صحاري سوريا.

وقد كان استسلامهم سريعاً للغاية لدرجة أنَّ هناك خُططاً يُجرى وضعها الآن لمعركةٍ حاسمةٍ في وقتٍ لاحق من هذا العام 2017، في مكانٍ ما بين الحدود السورية والأردنية، وهي مناطق بعيدة عن تلك التي كانت تطمع بها “داعش”.

وتشير “الغارديان” أنه في سبيل ذلك اصطفت مجموعةٌ من اللاعبين الذين كانت لهم مطالب كامنة طوال المعركة مع “داعش”، إضافةً إلى الصراعات الإقليمية الموازية، وانتظروا الوقت المناسب للتمكُّن منها.

ومع انهيار التنظيم، بدأت جميع الأطراف الآن في التنافس للحصول موقفٍ أفضل، فمن سيتمكَّن من تحديد ما سينشأ عن انهيار “داعش” سيكون ذلك بالنسبة له جائزةً أكبر من الفوز بالحرب ذاته، في حين تتدافع روسيا وإيران والولايات المتحدة من أجل السيادةِ على المنطقة، مُتجنّبين الوصول إلى حافة الهاوية التي حرَّكت الحرب باتجاه صداماتٍ مباشرة وغير مسبوقة في المنطقة على مدار العقود الأخيرة.

خلال الشهر الجاري فقط، أسقطت الولايات المتحدة طائرةً حربية لقوات نظام الأسد في ريف الرقة، وقال التحالف إن الطائرة كانت تلقي قنابل بالقرب من مقاتلي قوات “سوريا الديمقراطية” المدعومة من واشنطن بريف الرقة الجنوبي الغربي، وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية.

وكذلك أسقطت أميركا طائرتين بلا طيار إيرانيتيّ الصُنع كانتا تقتربان من قوَّات برية تدعمها أميركا في الجنوب السوري، بحسب وكالة رويترز.

وردَّت روسيا على هذا التصعيد، مهدِّدةً باعتبار الطائرات الأميركية أهدافاً لها، وفي مناورةٍ على غرار أفلام الأكشن الأميركية، حلَّقت إحدى طائرات موسكو النفاثة على مسافةِ خمسة أقدامٍ من طائرة تجسس أميركية. تسابق على النفوذ وقد أوكلت مهمة استعادة مدينة الرقة السورية والمُدن المجاورة بشكلٍ أساسي إلى القوات الكردية، وهو الأمر الذي أُثير خلال العام الماضي وزاد من ضيق المعارضين للأسد، وتركيا، وروسيا على نحوٍ متزايد.

واتخذت القوات الروسية والأخرى التابعة لقوات النظام مواقف أكثر عدوانيةً مع تقدمها.

وقال مسؤول غربي كبير -بحسب الغارديان- إنَّهم “يُشتِّتون الانتباه هناك. فهم لا يُريدون لأي أحد فيما عدا الجيش السوري، والذي يُعتبر كله تقريباً ميليشيات شيعية مدعومة من إيران، أن يسيطر على تلك المدينة.

ومع تحوُّل الحملة من مجرد أحاديث إلى أمرٍ واقع، بدأوا بالتحرُّك ضدها”. كما اتخذت إيران موقفاً مباشراً غير معتاد في النزاع متعدد الطبقات؛ إذ أطلقت صواريخ باليستية من أراضيها، عبر العراق، إلى مدينة الميادين السورية، حيث اجتمع من جديد قادة داعش المُتناثرون.

وتُعتبر هذه الهجمات هي المرة الأولى التي تُطلق فيها طهران صواريخ باليستية في قتالٍ منذ نهاية الحرب الإيرانية العراقية منذ ثلاثة عقود تقريباً.

وكانت هذه الصواريخ انتقاماً واضحاً للهجمات التي أعلن تنظيم “داعش” مسؤوليته عنها في وقتٍ سابق من هذا الشهر، عندما هاجم البرلمان الإيراني وضريح “آية الله الخميني”، ما أسفر عن مقتل 23 شخصاً وإصابة 52 آخرين، وفقاً لما ذكرته وكالة “الأناضول”.

ويعتقد مسؤولون إقليميون أنَّ الصواريخ خدمت غرضاً آخر أيضاً. فقد نَحَّت إيران جانباً اعتمادها المُفضَّل لديها على الوكلاء لكي تحصل على مغامرتها المباشرة في الصراع، تماماً كما فعلت الولايات المتحدة منذ عدة أسابيع بشنَّها هجوماً على أعضاء “حزب الله” الذين تقدموا نحو وكلائها بالقرب من منطقة التنف الحدودية. جيوش كبرى تتنافس وترى صحيفة “الغارديان” أنه من المرجح أن تزيد التحركات المربكة لخمسة جيوش حكومية -سوريا والعراق وإيران وروسيا والولايات المتحدة- فضلاً عن وكلائهم المُتعددين، من عدد الصدامات.

ويواجه كل جانب سلسلة من الحسابات التي لا علاقة لها كثيراً بكيفية التغلب على ما تبقى من “داعش”، أو التعامل مع مئات الآلاف من اللاجئين الذين يفرون هرباً من المعارك الأخيرة، والموت المؤلم في الموصل والرقة، والحملة التي تلوح في الأفق في دير الزور والميادين السوريتين، حيث يبدو أنَّ “داعش” يستعد ليجعل منهما آخر محطة مقاومة له.

واستمرت حصيلة الخسائر البشرية في الظهور من تحت أنقاض المدينة الخميس، 22 يونيو/حزيران، وذلك مع اصطحاب القوات العراقية لعائلاتٍ مُنهكة من ممراتٍ ضيقة بالقرب من المسجد المُدمَّر.

وقد فَرَّ أكثر من 860 ألف شخصٍ من المدينة منذ بداية الحرب لاستعادة السيطرة عليها فى 17 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.

وعاد الآلاف من السكان إلى الشرق المُحرر الآن، ولكن من المُعتقد أنَّ ما يقدر بمائةِ ألفِ شخصٍ آخرين لا يزالون في مدينة الموصل القديمة، حيث يستخدم أفراد “داعش” المحاصرون والتواقون للانتقام السكانَ هناك كدروعٍ بشرية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here