الدكتور باسل مولود يوسف
الدكتور ناظر احمد منديل
سورة النحل
الآية 111
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين حمداً يكافئ نعمه, قبل وبعد رضاه وتذكرة لأولي القلوب والأبصار وتبصرة لذوي الألباب والاعتبار,الذي أيقظ من عباده من اصطفاه, أحمدهُ أبلغ حمداً وأشملهُ وأنماه وأصلي وأسلم على أكرم الرسل سيدنا محمد صلوات ربي وسلامه عليه وعلى إخوانه الأنبياء والمرسلين وأصحابه الغر الميامين وآل بيته الأطهار.
أما بعده…
تنطلق هذهِ الدراسة من عدة تساؤلات تشكل المحاور الرئيسة وهي:
ما المحددات الأساسية التي تتحكم في توجيه السياسة لدولة الإمارات؟
ما أهداف السياسة لدولة الإمارات.. وما الوسائل والأدوات التي تستخدمها في سبيل تحقيق تلك الأهداف.. وكيف تتعامل مع العالم الخارجي؟
ما المؤسسات التي تصنع هذهِ السياسة.. وما الاختصاصات والمهام المنوطة بها؟
كيف تصرفت دولة الإمارات حيال بعض القضايا الإقليمية والدولية ذات الأهمية بالنسبة لها؟
أهداف الدراسة
تحاول هذهِ الدراسة إلقاء الضوء على السياسة العامة لدولة الإمارات العربية المتحدة,للتعرف على مرتكزاتها وأهدافها,والمؤسسات التي تصنع هذهِ السياسة العامة, ومهامها الرسمية,والوسائل والأدوات التي استخدمتها لتحقيق تلك الأهداف, وعلاقات الدول الخارجية أيضاً(1).
كما تقدم هذهِ الدراسة بعض الأمثلة العملية حول تصرفات الدولة ومواقفها تجاه بعض الأحداث الإقليمية والدولية للتعرف على مدى التوافق بين طروحاتها النظرية وممارساتها العملية لهذهِ السياسة, وتغطي هذهِ الدراسة الفترة الزمنية الممتدة منذ قيام الاتحاد1979 إلى مطلع عام2013, كإطار زمني محدد إلا ما اقتضته ضرورات البحث.
فرضيات الدراسة
وتنطلق الدراسة من افتراض أولي هو أن دولة الإمارات العربية المتحدة, في سياستها العامة,حاولت قدر الإمكان أن تتمسك بمرتكزات سياستها الداخلية والخارجية التي نص عليها دستور الدولة, وأن توازن بين إمكانياتها وأوضاعها الداخلية, ومحيطها أي بين بيئتها الداخلية بكل جزيئاتها, بين البيئة الخارجية بكل ما تعنيه من توازنات دولية وإقليمية وتحالفات فاتبعت سياسة مرنة في علاقاتها وسياساتها, وتسوية خلافاتها الخارجية, وحاولت توظيف قدراتها الدبلوماسية والإعلامية والاقتصادية والبشرية أيضاً في سبيل تحقيق أهدافها ومصالحها الداخلية والخارجية.
منهج الدراسة
وبما أن موضوع بحثي هوالسياسة العامة لدولة الإمارات العربية المتحدة فإن سياق وتحليل الموضوع واستنتاج وتفسير الظواهر تتطلب منا استخدام أكثر من منهج واحد, معتمدين في المقام الأول على الاستفادة من منهج النظم كنموذج بريتشر Brecher, ومنهج صناعة القرار,لأنهما يوضحان كيفية صناع واتخاذ القرار في السياسات الداخلية والخارجية بصورة عامة,ومنهج دراسة الحالةCase – Study.
ومن المهم التذكير بأنه ما من منهج واحد أو نظرية واحدة, ويمكن تطبيق أي منهما بمفرده في دراسة سياسة عامة لبلد ما, نظراً لخصوصية كل دولة من حيث تكوين نظامها السياسي وبناها الاجتماعية والاقتصادية, فما ينطبق على دولة تلعب فيها مؤسسات المجتمع المدني والسلطة التشريعية دوراً فاعلاً في السياسات العامة للدولة, لا ينطبق على دولة تفتقر إلى دور فاعل لمثل هذهِ المؤسسات.
هيكلية الدراسة
بغية الإحاطة الشاملة بموضوع الدراسة ارتأيت بحثه بمبحثين:
تناولت في المبحث الأول عوامل السياسة العامة لدولة الإمارات العربية المتحدة بمطلبين, فتناولت في
المطلب الأول- العوامل الداخلية في صياغة السياسة العامة لدولة الإمارات
المطلب الثاني- أنماط الحياة الاجتماعية.
وبينّت في المبحث الثاني بيئة السياسة العامة بمطلبين:
المطلب الأول- نظام الحكم.
المطلب الثاني- المكونات غير الرسمية لصنع السياسة العامة.
وختمته بخاتمة أيدت فيها الاستنتاجات التي تم التوصل إليها.
المبحث الأول
ترتكز مفاهيم ونظريات ومناهج السياسة العامة على عدة عوامل داخلية وخارجية, وتلعب دوراً مهماً ي عملية صنع السياسة العامة منها, العوامل الجغرافية, والتركيبة السكانية, والعوامل الاقتصادية, والقدرات العسكرية, والنظام السياسي, ودور صنع القرار,والرأي العام الهيئات والجمعيات والإعلام والنقابات والأحزاب وجماعات المصالح, وعوامل خارجية تتمثل في العوامل الإقليمية والدولية.
المطلب الأول
العوامل الداخلية في صياغة السياسة العامة لدولة الإمارات
أولاً- العوامل الجغرافية والموقع الاستراتيجي
تؤثر البيئة الطبيعية والجغرافية في حياة الدول والشعوب, وتفرض نفسها على طبيعة البنية الأساسية, وعلى توجهات سلوك الدولة في علاقاتها الخارجية, فعلماء الاجتماع يعزون اختلاف التقاليد والأفكار ونظم الحكم والسياسة إلى اختلاف الإقليم صحراء, وسهل, وجبل, ومناطق حارة, ومناطق باردة, ومناطق معتدلة, كما يرى هؤلاء المنظرون العادات أن التوزيع غير العادل للثروة والمصادر والاختلافات البيئية والمناخية تؤثر في قوة الدولة إذ أن حجم ومساحة الدولة يؤثران في كمية الموارد الطبيعية المتاحة, كما إن الموقع الجغرافي للدولة برغم التقنيات والاتصالات الحديثة مازال ذا أهمية, خاصةً إذا كان هذا الموقع يتحكم في طرق المرور الدولية, لأنه يجعل من هذهِ الدول هدفاً رئيساً لمطامع الدول الأخرى, لذا يشكل موقعها موضوع ضغط على سياستها الخارجية وعلى أمنها القومي أيضاً؛ فتحاول الدولة أن تكيف سياستها الخارجية والداخلية معه.
ثانياً- الموقع والحدود
إن الأهمية الإستراتيجية للخليج ليست في حاجة إلى تأكيدها, وما يزال الخليج محافظاً على هذهِ الأهمية حتى اليوم, فما من عالم أو باحث استراتيجي منذ الأزمنة القديمة حتى وقتنا الحاضر لم يذكر هذهِ الحقيقة, من أقوال أفونسو دو اليوكويرك القائد البرتغالي في القرن السادس عشر إلى أقوال آيزونهاور في الخمسينات إلى مبدأ نيسكون وكارتر وريغان إلى آراء الاستراتيجيين في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين,وكذلك أقوالهم في مطلع القرن الذي نعيشه الآن, كل هذهِ الآراء تدعم وتؤكد الأهمية الإستراتيجية لمنطقة الخليج(2).
ويقسم أحد الباحثين المنطقة من زاوية الجغرافيا السياسية إلى ثلاث حلقات متداخلة, وهذهِ الحلقات هي:
1. الحلقة الأولى: وتمثلها الكويت, والبحرين, وقطر, ودولة الإمارات العربية المتحدة, وتقع هذهِ المنطقة في قلب المنطقة البترولية.
2. الحلقة الثانية: وتتمثل في إيران, والعراق, والسعودية, وهي القوى الرئيسة الثلاث في المنطقة.
3. الحلقة الثالثة: ويدخل في نطاقها تركيا, وباقي الدول العربية الأخرى(3).
ومن هنا تقع دولة الإمارات في قلب المنطقة الرئيسة للصراع, وقد يكون نابليون بونابرت محقاً عندما قال: إن الموقع الجغرافي للدول يفرض على قادتها سياسة خارجية معينة(4).
إذن تحتل دولة الإمارات العربية المتحدة موقع القلب في الخليج العربي,وتحدها من الشمال الغربي مياه الخليج, ومن الغرب قطر والمملكة العربية السعودية, ومن الجنوب سلطنة عمان والسعودية أيضاً, ومن الشرق خليج عمان والسلطنة.
ثالثاً- المناخ
تقع دولة الإمارات في المناطق المدارية الجافة التي تمتد عبر آسيا وشمال أفريقيا وترتبط معدلات درجات حرارتها الشديدة صيفاً بارتفاع نسبة الرطوبة, مع وجود فروق كبيرة بين مناخ المناطق الساحلية والصحراوية الداخلية والمرتفعات التي تشكل في تنوعها تضاريس الدولة, فعلى الساحل يزيد متوسط درجة الحرارة في يوليو عن 37,7 درجة, وترتفع نسبة الرطوبة لتصل أحياناً حد الإشباع, بينما يتسع المدى الحراري كلما توغلنا في قلب الصحراء التي تمثل القسم الأعظم من أراضي الدولة حيث يعتدل المناخ في مناطق الجبال والمرتفعات.
رابعاً- التضاريس
تتكون أراضي الدولة في معظمها من صحاري, ولاسيما في المناطق الغربية الداخلية, وتتخلل تلك المناطق عدة واحات مشهورة, أهمها تلك التي تشغلها العين وضواحيها, ومثلها محاضر ليوا, إضافة إلى المراعي الخصبة الموجودة في مناطق الظفرة.
وتتبع الدولة نحو 200 جزيرة أهمها جزيرة داس, وجزيرة دلما, وجزيرة أم النار والجزيرة الحمراء.. ثم جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى التي احتلتها إيران عام 1971 وتبلغ المساحة الإجمالية للدولة 83600 كلم2(5).
خامساً- الهيمنة والنفوذ البريطاني
بدأت بريطانيا في مطلع القرن التاسع عشر بتثبيت نفوذها السياسي الاقتصادي في منطقة الخليج العربي, وذلك عن طريق عقد اتفاقيات بحرية وسياسية واقتصادية مع حكام الخليج العربي, ويمكن تقسيم هذهِ الاتفاقيات إلى ثلاث مجموعات(6):
1. المعاهدات البحرية
وتشمل المعاهدات الخاصة بالقضاء على الغارات البحرية ومكافحة تجارة الرقيق والمحافظة على السلام والاستقرار في مياه الخليج وأهم هذهِ المعاهدات المعاهدة العامة للسلام المعقودة في شهر يناير 1820(7).
2. الاتفاقيات السياسية
كانت هذهِ الاتفاقيات بمثابة تحول خطير من الناحية السياسية, حيث ارتبطت العلاقات بين الحكومة البريطانية والإمارات العربية بالإدارة البريطانية من ناحية الشؤون الخارجية, وقد سميت اتفاقية عام 1892 بالاتفاقيات المانعة Exclusive Agreements, ومن هنا كانت البداية المباشرة للحكومة البريطانية بتمثيل الإمارات في الشؤون الخارجية, ويتضح من نصوص هذهِ الاتفاقية ما يلي(8):
1. عدم إقامة علاقات دبلوماسية, أو الاتصال بالدول الأجنبية إلا بموافقة الحكومة الانجليزية.
2. عدم التنازل أو التخلي عن أي جزء من الأراضي دون الرجوع إلى الحكومة البريطانية.
3. عدم منح أية امتيازات للدول الأجنبية أو الشركات الأجنبية وبخاصة فيما يتعلق بالبترول والمعادن إلا بعد موافقة الحكومة البريطانية.
4. عدم إجراء المفاوضات, أو عقد اتفاقية مع الدول الأجنبية ما عدا بريطانيا واستشارات الحكومة البريطانية(9).
3. الاتفاقيات الاقتصادية
لقد التزم بموجب هذهِ الاتفاقيات, حكام الإمارات بأن يتنازلوا للحكومة البريطانية عن امتيازات وحقوق فيما يتعلق بامتيازات البترول المستخرج من أراضيهم, كما تتضمن أيضاً امتيازات الخدمات البريدية والسلكية واللاسلكية, وهي تمثل مرحلة جديدة ثالثة من تاريخ العلاقات البريطانية مع دول الخليج العربي, وهذا الاتجاه البريطاني التجاري والاقتصادي الجديد أدى ببريطانيا إلى أن تمد نفوذها إلى الأمور الداخلية إضافةً إلى سيطرتها على العلاقات الخارجية للإمارات(10).
سادساً- استقلال الإمارات
كان تفكك الإمبراطورية البريطانية نتيجة لتورطها في الحرب العالمية الثانية علامة بارزة في نهاية الهيمنة والوجود البريطاني في الخليج, ففي الستينات من القرن العشرين أعلنت بريطانيا عزمها على الانسحاب من منطقة الخليج بحلول عام1971 حيث شكل ذلك عاملاً مهماً ومشجعاً لحكام إمارات دول الخليج التي كانت تحت الحماية البريطانية على أن يفكروا جدياً في إقامة اتحاد يضم إمارات الخليج التسع, وهي البحرين,وقطر,وأبو ضبي,ودبي, والشارقة, ورأس الخيمة, والفحيرة, وأم القيوين, وعجمان, وقد كانت نتيجة هذا التفكير توقيع اتفاقية بين كل من حاكم أبو ضبي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان, وحاكم دبي الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم في 18 شباط/فبراير1968,أعلنا بموجبها عن قيام اتحاد فيدرالي بين إمارتيهما, ودعي حكام الإمارات الخمس الأخرى في الساحل المتصالح, وكذلك حاكما قطر والبحرين, إلى الدخول في هذا الاتحاد, وقد لاقت هذهِ الدعوة قبولاً واستحساناً من حاكمي قطر والبحرين, وسرعان ما لبى الجميع هذهِ الدعوة واجتمع حكام الإمارات التسع في دبي في الفترة من 25 إلى 27 شباط/فبراير عام 1968, وأسفر هذا المؤتمر عن صدور بيان مشترك باسم اتحاد الإمارات العربية(11).
ولكن هذهِ الخطوة التي كانت تبعث على التفاؤل والأمل سرعان ما تعثرت قبل بدء المحاولة في تنفيذ بنودها, حيث انتهت هذهِ التجربة بانسحاب كل من البحرين, وقطر(12),واندماج الإمارات الستأبو ضبي,ودبي, والشارقة, ورأس الخيمة, والفحيرة, وأم القيوين, وعجمان في دولة الإمارات العربية المتحدة في 2 كانون الأول/ديسمبر 1971, ثم لحقت بهم إمارة رأس الخيمة في 10 شباط/ فبراير1972(13).
سابعاً- التركيبة الاجتماعية والاقتصادية
تؤثر التركيبة السكانية والاقتصادية لدولة ما على مسار السياسة الخارجية لهذهِ الدولة من حيث عدد السكان, ومدى التجانس, والأعراف والتقاليد, والقيم الاجتماعية, والنشاط الاقتصادي, ومستوى التطور في كافة المجالات.
لقد كان التركيب القبلي العائلي الممتد هو محور الارتكاز في البناء السكاني الاجتماعي قبل قيام الاتحاد, وكان ناتجاً عن أسلوب الإنتاج التقليدي, فالأوضاع الاقتصادية عند قيام الاتحاد لا تختلف لا تختلف كثيراً عن الأوضاع الاقتصادية في بقية الدول الخليجية الأخرى,وقد ارتبط الاقتصاد الوطني للإمارات قبل اكتشاف النفط بصناعة اللؤلؤ التي ازدهرت طوال القرن الثامن عشر حتى أوائل النصف الأول من القرن العشرين(14), وحين اكتشف اللؤلؤ الصناعي قل الطلب على اللؤلؤ الطبيعي, وكان يطلق على اقتصاد دولة الإمارات اقتصاد القبيلة أو القرية أي انه اقتصاد امتهن فيه السكان حرفة الرعي والزراعة والصيد والتجارة, وتشكل من وحدات اقتصادية صغيرة ومفككة تتمثل في القبائل المنتشرة في قلب الصحراء وفي القرى.
ويرى بعض الباحثين في تحليلهم لمجتمع الإمارات قبل اكتشاف النفط أن عوامل نمط الإنتاج التقليدي خاصة الغوص كعامل إنتاجي, وكذلك التنظيم القبلي كعامل اجتماعي وسياسي, فضلاً عن الإسلام وقيمه كمؤثر إيديولوجي, قد شكلت في إمارات الساحل نسق المجتمع والعلاقات الاجتماعية بين أفراده, وحددت البناء الاجتماعي حتى منتصف القرن العشرين على الأقل(15).
وفي فترة ما قبل النفط, لم يكن مفهوم الدولة أو السلطة المركزية المتصلة معروفاً في إمارات ساحل الخليج,ويقول أحد الباحثين:ربما كانت القبيلة هي التكوين المقابل للدولة, فهي التي تقوم ببعض الوظائف الأساسية, بعضها يشبه وظائف الدولة مثل: الغزو, والحرب, والتفاوض, وتوقيع الاتفاقيات والمعاهدات, والتكافل الاجتماعي, ومنح الأرض أو منح حق استغلالها(16).
المطلب الثاني
أنماط الحياة الاجتماعية
نتيجة للطبيعة الجغرافية للإمارات يعيش السكان في الغالب أنماطاً من الحياة تعتمد على مكان إقامتهم على الساحل أو في المناطق الداخلية, ويمكن تقسيمهم إلى مجموعات تتمثل في:
أولاً- البدو
وهم سكان الصحارى والواحات خاصة منطقة ليوا, وواحة البريمي وغيرها, وتعتمد حياتهم على الرعي والتنقل من مكان لآخر, ونتيجة للتطور الذي شهدته الإمارات, خاصةً بعد قيام الاتحاد, انتقلوا إلى حياة أكثر استقراراً وأقرب إلى حياة الحضر(17).
كما راحوا يتحركون باتجاه المدن بأعداد متزايدة, حيث بلغت نسبة التحضر في الدولة 83% لعام 1996, وبمعدل نمو 2,7% للمدة 1993-2000(18).
ثانياً- الحضر
هم سكان الساحل, وهم تقليدياً بحارة, ومعظم الحرف التي مارسوها في السابق كانت حرفاً بحرية كالغوص بحثاً عن اللؤلؤ وتجارته, وصيد الأسماك وبناء السفن, وكانت مجتمعاتهم تمثل سكان الساحل بتقسيماتها الطبقية, أي التقسيمات التي أوجدتها مهنة البحر(19).
ثالثاً- الطبقة الزراعية
وهم بعض سكان إمارة رأس الخيمة, وسكان الشميلية حيث يمتلكون مزارع تعتمد على مياه الآبار والأفلاج والأمطار وتنمو فيها أشجار النخيل والفواكه والخضروات والأعشاب(20).
رابعاً- سكان الجبال
وأشهرهم قبائل الشحوح التي تقطن منطقة رؤوس الجبال في رأس الخيمة, ورأس مسندم في عمان(21).
خامساً- سكان الجزيرة العربية
تضم الإمارات العربية أكثر من 200 جزيرة يسكنها عدد كبير من سكان الإمارات, يمارسون مهن البحر بمختلف أنواعها, وقد انتشرت فيها الزراعة الآن.
سادساً- المجتمع العربي المتنقل بين الساحلين الإيراني والعربي في الخليج
وهم من العرب الذين تركوا الإمارات خلال فترة معينة من التاريخ ولأسباب مختلفة, وعاشوا في السواحل الفارسية حيث كونوا هناك مدناً وإمارات ومجتمعاً عربياً خاصاً بهم,وصاروا ينتقلون بين الساحلين,وقد عاد معظمهم الآن إلى وطنهم الأصلي الإمارات واستقروا فيها(22).
إن ظهور النفط قد أحدث تغييراً في أنماط حياة السكان وفي هيكل التركيبة الاجتماعية السياسية, ففي الماضي كان التجار والعائلات الحاكمة يشكلون نوعاً من الشراكة في إدارة نظم الإمارات الاقتصادية, إن لم يكن نظمها السياسية, وانه في جميع الإمارات, كانت المجموعتان متقاربتان في الثروة, ويأتي دخل التجار من أرباح التجارة والتصدير والاستيراد, ويأتي دخل الحكام غالباً من الضرائب على البضائع… إلا أن اكتشاف النفط والعائدات الناجمة عنه غيرت هيكل الاقتصاد المحلي ودور الطبقة التجارية في هذا الهيكل(23).
ويقسم جون أنطوني مجتمع الإمارات بعد النفط والاستقلال إلى طبقات اجتماعية تأتي على رأسها العائلات الحاكمة, ويتبعها التجار ورؤساء القبائل, والعشائر, وعائلات بارزة أخرى, ومجموعة من الزعامات الدينية, والجنود, والإداريين والفنيين, والطبقة الأخيرة هي الطبقة التي تدير الوظائف الحكومية والخدمات العامة, كالأمن والقضاء والمالية والتعليم والصحة والكهرباء والماء والاتصالات(24).
لقد أفقد التطور الاقتصادي والعلمي والانفتاح للعالم الخصائص الاجتماعية المهمة التي اكتسبتها القبيلة في النظام التقليدي, فلم تعد العشيرة أو القبيلة وحدة اقتصادية وسياسية كما كانت في الماضي, رغم أن هذهِ الظاهرة تتباين حسب الإمارات, وحسب نوع المركز العمراني وبعده عن عواصم الإمارات, فالروح القبلية في الجناح الغربي من دولة الإمارات أقوى مما هي عليه في الجناح الشرقي؛ فقبائل الجناح الشرقي كانت في الأصل قبائل مستقرة أو شبه مستقرة.
وعموماً فقد شهدت القبائل البدوية في الإمارات ضعف القبيلة واضمحلالها في أعقاب النفط وقيام الدولة, وبالأخص في أعقاب مشروعات التوطين, التي ترتب عليها تغييرات هامة أثرت تأثيراً مباشراً في البنية الاقتصادية والاجتماعية للقبيلة, وقد أدى توسع سلطة الحكومة المركزية وهيمنتها على الجهات التي تعيش فيها القبائل البدوية(25).
المبحث الثاني
بيئة السياسة العامة
أصدر المجلس الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة الدستور الاتحادي المؤقت عام1972,وفي عام1996 قرر المجلس الأعلى تحويل الدستور المؤقت إلى دستور دائم, فأصدرها بإرادة منفردة دون أي تغيير جوهري يذكر وللمجلس الأعلى وحده حق تعديل الدستور بأغلبية أعضائه(26).
المطلب الأول
نظام الحكم
ويختلف دستور دولة الإمارات عن دساتير كل من الكويت والبحرين وقطر بأنه لا يفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية, ويكتفي بالنص على استقلال القضاء, ويُركز الدستور بشكل أساس على الفصل بين سلطات المستوى الاتحادي ومستوى الإمارات المختلفة, فيبين صلاحيات السلطة الاتحادية ويترك كل ما عداها في يد سلطات كل إمارة, ويُؤسس خمس هيئات اتحادية أساسية تتشارك في المهام التنفيذية والتشريعية والقضائية بدرجات متفاوتة وهي:
أولاً- المجلس الأعلى للاتحاد
ويضم حكام الإمارات السبع, وأعلى سلطة في الإمارات ورأس السلطة التنفيذية الاتحادية, ويتولى رسم السياسات العامة الاتحادية,ويمتلك المجلس صلاحية التشريع فله أن يصدر القوانين بعد استشارة المجلس الوطني, كما له صلاحية حل المجلس الوطني, وله كافة الصلاحيات الرقابية على عمل مجلس الوزراء الاتحادي(27).
ثانياً- رئيس الاتحاد ونائبه
وينتخبهما المجلس الأعلى للاتحاد من بين أعضائه لولاية مدتها خمس سنوات, ويجوز إعادة انتخابهما, ولرئيس الاتحاد اختصاصات تنفيذية واسعة, فهو يترأس المجلس الأعلى الاتحادي ويعين رئيس مجلس الوزراء, ويعفيه بعد موافقة المجلس الأعلى, كما يعين الوزراء ويعفيهم بناء على اقتراح رئيس مجلس الوزراء, ويشرف على تنفيذ القوانين والقرارات الاتحادية, وله سلطة العفو وتخفيف العقوبات, كما له أن يمارس أي صلاحيات أخرى يخولها له المجلس الأعلى الاتحادي, أو تخول له بمقتضى الدستور أو القوانين الاتحادية(28).
ثالثاً- مجلس الوزراء الاتحادي
ويمثل الهيئة التنفيذية للاتحاد, ويعمل تحت إشراف ورقابة رئيس الاتحاد والمجلس الأعلى, كما له صلاحية اقتراح القوانين الاتحادية(29).
رابعاً- المجلس الوطني للاتحاد
ويضم أربعين عضواً موزعين على الإمارات المختلفة, وينص الدستور على أن تحدد كل إمارة طريقة اختيار ممثليها, وقد تم انتخاب نصف أعضاء المجلس الوطني لأول مرة في تاريخ الإمارات عام 2006 من قبل هيئات ناخبة تضم عدداً من قبل هيئات ناخبة تضم عدداً من المواطنين, يحدد أعضائها حكام الإمارات المختلفة, ويذكر أن عدد أعضاء الهيئات الناخبة قد تم مضاعفته عام 2011 حيث يبلغ عدد الناخبين اليوم 12 ألفاً.
ويختص المجلس الوطني بمناقشة القوانين الاتحادية التي تعرض عليه من قبل مجلس الوزراء, بما في ذلك مشاريع القوانين المالية, وله أن يوافق عليها أو يعدلها أو يرفضها, إلا أن دوره في هذا الشأن هو استشاري فقط وغير ملزم وليس للمجلس صلاحيات رقابية(30).
خامساً- القضاء الاتحادي
وينص الدستور على استقلاله كما يُشكل محكمة اتحادية عليا, ومحاكم ابتدائية, ويفصل بين اختصاصاتها(31).
وينص باب الحقوق والحريات العامة على المساواة أمام القانون, وعدم التمييز بين المواطنين بسبب الأصل أو الموطن أو العقيدة الدينية أو المركز الاجتماعي, إلا أنه لا يأتي على ذكر التمييز بسبب الجنس, كما يحظر التعذيب والمعاملة المحاطة بالكرامة,وينص على ضمان حق المحاكمة العادلة,وحرية التنقل,وحرية الرأي والتعبير والمراسلات والقيام بشعائر الدين, وحرية الاجتماع وتكوين الجمعيات والتقاضي, إلا أنه مثل بقية دساتير الخليج يجعل ممارسة هذهِ الحقوق مرهوناً بالضوابط التي يحددها القانون(32).
المطلب الثاني
المكونات غير الرسمية لصنع السياسة العامة
بإمكاننا العودة إلى عام2006على الأقل لتتبّع بدايات المطالب الحديثة لبعض الناشطين والحقوقيين بالإصلاحات المدنيّة والسّياسيّة، ويعتبر غالبيتهم من ذوي التوجّه الإسلامي واللّيبرالي,كان من بينهم الناشط حسن الدقي، صاحب مدوّنة حقوق أهل الإمارات، ومُؤسّس منظمة حقوق الشعب الإماراتية، غير المعترف بها رسميّاً, وقد سُجن بعد ذلك بتهمة أخلاقيّة في عام2009(33), وقد ارتفعت بعض الأصوات تتهم السّلطات بتلفيق التهمة أمنياً ولمآرب سياسيّة, وقد ظهرت في نفس الفترة تحركاتٌ لناشطين حقوقيين ومحامين بارزين، أمثال الدكتور محمد المنصوري، والدكتور محمد الركن,وأكثر ما يُميّز هذا الحراك، هو طابعه المحدود والشّخصي، فلم يكن حراكٌ منظمٌ، كما أنّه لم يُتح له أن يُوّلد تعاطفاً شعبيّاً أفقيّاً, ولكن تبقى تلك طبيعة البدايات.
مع تفجّر الانتفاضات العربيّة في عام2011, وصلت آثار الاحتجاجات إلى الإمارات، حيث وقّعت مجموعةٌ من النّخب الوطنيّة، ومن مختلف التّيارات الفكريّة، على عريضةٍ مرفوعة إلى رئيس الدّولة، تُطالب بإصلاحاتٍ وتعديلات دستوريّة ذات صلة بالمجلس الوطني الاتحاديالبرلمان، وبما يكفل له الصّلاحيّات التّشريعية والرّقابيّة الكاملة، وجعله منتخباً من قبل المواطنين كافة، وعن طريق الاقتراع العام. وقد وقّع على العريضة 133 شخصية إماراتيّة بتاريخ 3 مارس 2011(34).
الفرع الأول- النظام السّياسي
يُذكر أنّ النّظام السّياسي لدولة الإمارات يتألّف من مجموعةٍ من المؤسّسات الاتّحاديّة، يقع في مقدمتها المجلس الأعلى للاتحاد، والذي يُمثّل السّلطة العليا في الدّولة، ويتشكّل من حُكّام الإمارات السّبع, ويتولى المجلس الأعلى للاتحاد رسْم السّياسة العامّة للدّولة، وانتخاب رئيس الاتّحاد ونائبه، والمصادقة على القوانين الاتّحادية، وغيرها من المهام. وينتخب المجلس الأعلى للاتحاد من بين أعضائه رئيسَ الاتحاد ونائبه، وقد تعارف أن يكون رئيس الإتحاد من إمارة أبو ظبي، صاحبة النّفوذ الأوسع والأغنى والأكبر مساحة في الاتحاد, ويأتي بعد ذلك، مجلس الوزراء الذي يُعدّ بمثابة السّلطة التّنفيذية في الدّولة،ويختصّ بتصريف جميع الشّؤون التّنفيذيّة ومتابعة تنفيذ السّياسة العامة للدّولة في الدّاخل والخارج والمتعارف عليه أن يكون الرّئيس حاكم إمارة دبي، أو منْ يكلفه.
هذا وقد تمّ إجراء ستة تعديلات شكليّة على الدستور منذ توقيعه،وأحدها يخصّ تغيير مُسمّى الدّستور، من مؤقت إلى دائم عام1996(35),ومؤخراً، يرى البعض، وبعد وفاة المُؤسّس الشيخ زايد, الأب الروحي للاتحاد, برزت ظاهرة ترهّل في أدوار الاتحاد، باستثناء الجوانب الأمنية، وذلك مقابل توسّع نفوذ سلطات بعض الحكومات المحلّية، وخاصة في النواحي العمّالية والجمارك والتّعليم والصّحة والخارجيّة والقضاء وغيرها, يشير هذا الرأي إلى بروز دوائر ومجالس محلّيّة موازية للوزارات الاتّحاديّة، وتلغي, إلى حدّ ما, دورها بشكلٍ ملموس في تلك المجالات، حيث تضطلع بالقيام بالدّور المنوط بتلك الوزارات بشكل كلي تقريباً, لقد أوجدت الإمارات الكبرى، مثل أبو ظبي ودبي، دوائر تختصّ بالتّعليم والصّحة والاقتصاد، وغيرها من المجالات، مثـل مجلس أبو ظبي للتعليم، وهيئة المعرفة والتنمية البشريّة في دبي، ودوائر التنمية الاقتصاديّة في كلٍّ من أبو ظبي ودبي, كما برزت ظاهرة نظام القضاء المحلي بعد أن قامت أبو ظبي بإنشاء دائرة القضاء التابع للإمارة في2006(36).
الفرع الثاني- ردة فعل السّلطة على مطالبات الإصلاح السياسي
في خطواتٍ مشابهة لما قامت به باقي الحكومات في دول مجلس التعاون؛ اعتمدت دولة الإمارات على إجراء تغييراتٍ مادّيةٍ، تتلّمس من ورائها اهتمامات عامّة الشعب،من إسكان ورواتب ومكافآت ملموسة وغير ملموسة، وتمّ تنفيذ هذه الإجراءات عبر ضخّ مليارات من الدّراهم في الميزانيّة, حيث قامت الحكومة بزيادة الرّواتب في القطاع الحكومي بنسب تصل إلى100%(37), وتم تسديد بعض الدّيون في خضم زيارات ميدانيّة من بعض المسئولين لأبناء الشعب، وخاصة في المناطق النائية والقبلية، وفي ظلّ حملة إعلاميّة رسميّة لدعم تلك الخطوات والثناء عليها.
وفي مقابل تلك العطايات والمنح،انتهجت السّلطات أسلوباً مختلفاً مع النّاشطين، وممنْ أصرَّ على مطالبات العريضة التي صدرت في مارس2011,حيث ظهرت حملاتٍ إعلاميّة رسميّة مُتّهمةً النّاشطين بالخيانة والعمالة، بعدها تمّ اعتقال خمسة مواطنين بدءاً من8 أبريل2011,بعضهم لم يكن من الموقّعين على العريضة، ومنهم منْ كان له دور فاعل، ومن الموقعين على العريضة، مثل الناشط الحقوقي البارز أحمد منصور،والأكاديمي ناصر بن غيث, واستمر احتجاز هؤلاء الخمسة فترة تقارب الثمانية أشهر،فكانت بذلك البداية الحقيقيّة للحراك الشّبابي، والذي انطلق عبر مواقع التّواصل الاجتماعي، مثل فيس بوك وتويتر، بغرض الدّفاع عن المعتقلين, وانتهت قضيتهم بالإدانة بأحكام تتراوح بين سنتين إلى ثلاث سنوات في نوفمبر 2011, قبل أن يصدر بحقّهم عفو رئاسي، ويُفرج عنهم في اليوم التّالي للحكم(38).
بالإضافة إلى مجموعةٍ ممنْ يُصنّفون على التيار اللّيبرالي؛ كان يقود الحملة ضدّ اعتقال المواطنين الخمسة, وبنحو أساس, التّيار الإسلامي في الإمارات، ممثّلاً في أبناء دعوة الإصلاح الإسلاميّة،والقريبة فكريّاً من جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما كشف حقيقة وجودها على الأرض، وفي مواقع التّواصل الاجتماعي، وقدرتهم على التأثير إلكترونيّاً على جزءٍ من شباب الدّولة، وذلك بالرّغم من تجفيف منابع وجودهم، عبر إلغاء محاضنهم ومؤسّساتهم.
وقد تمّ التّصدي للتّيار الإسلامي عبر سحب جنسية سبعة من قيادييه في ديسمبر2011, ومن ثمّ اعتقالهم دون محاكمة أو إذن نيابة عامة أو تحويل للقضاء, أدّى ذلك إلى مزيدٍ من الحراك الشّبابي على مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف نقل وجهة نظر الحراك، والتوعية فيما يخصّ ظروف اعتقال الناشطين.
وفي سياق متّصل بالاعتقالات، أعلن النّائب العام الإماراتي عن اكتشاف خليّة منظمة سرّيّة تسعى لقلب نظام الحكم مطلع عام2012(39), وعلى إثرها تمّ توسيع مساحة الاعتقالات، حيث ارتفع عددُ معتقلي الإمارات حتى نهاية عام2012 إلى73 معتقلا مواطناً، جميعهم من دعوة الإصلاح الإسلامية،أو من المؤيّدين لها,ومن أبرز المعتقلين الدكتور سلطان القاسمي، ابن عم حاكم رأس الخيمة، والدكتور محمد الركن أستاذ الحقوق والناشط في مجال حقوق الإنسان, وترى السلطات في الإمارات أن هناك مؤامرة منظمة من قبل جماعات إسلامية قريبة من الإخوان المسلمين لمحاولة قلب نظام الحكم في الدولة، وأنه تم استعمال الاحتجاجات العربية وقوانين حقوق الإنسان كذريعة وغطاء لهذه التحركات.
ويزعم النّاشطون في دولة الإمارات بأنّ المرادف لتلك الاعتقالات كان عدداً من الخطوات الحكوميّة لتطويق أية آثار سلبية لتلك الاعتقالات على الشعب(40),وتُثار في هذا الصّدد، اتهامات بأنه تمّ التعاون مع بعض المشايخ وطلاب العلم الشّرعي للتشهير بالمتهمين والدفاع عن سلوك الدولة, وقد برزت العديد من المواقع التي تقود حملات ضد النشطاء ومطالبي الإصلاح(41), بحيث تتبنّى الموقف الحكومي الرّسمي، وتساهم في نشر مقالات وتقارير ضدّ النّشطاء الحقوقيين والسّياسيين(42), وقد أدت بعض تصريحات قائد شرطة دبي المناوئة لحركة الإخوان المسلمين إلى توتر العلاقات بين مصر والإمارات، ممّا أدى إلى استدعاء سفير الإمارات في مصر(43).
وفي نفس السّياق، ظهرت بعضُ المؤسّسات والتجمّعات السّرية التي تدعم الحراك داخل الإمارات، وقد يكون أبرز مثال على ذلك هو حزب الأمة، والذي أصدر بياناً في1/8/2012مطالباً بإصلاحات سياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة، ويغلب على البيان المرجعيّة الإسلاميّة, كما ظهرت تحرّكات في الخارج تدعم الحراك في الدّاخل، مثل مركز الإمارات للدّراسات والإعلام، الذي يأخذ العاصمة البريطانية لندن مقرّاً له،بالإضافة إلى مركز الإمارات لحقوق الإنسان المتمركز في لندن أيضاً, ولا يُعرف منْ هم مؤسّسو أو مموّلو هذه التحركات حتى كتابة هذا البحث، ولكن يُشاع بأنهم من ذوي التوجّهات اللّيبراليّة والإسلاميّة(44).
ووصلت التبعات السّياسية إلى مراكز الدّراسات الأجنبية التي لها علاقة بالإمارات، فتمّ الإعلان عن إغلاق فرع مركز الخليج للدراسات GRC في دبي والمُموّل سعوديّاً في يونيو2011, وإغلاق المعهد الديمقراطي الوطنيNDI، وكنراد Konrad-Adenauer-Stiftung وراند كوربويشنRand Corporation كما تمّ إنهاء عقد وإبعاد مات دافي أستاذ الإعلام في جامعة زايد بدبي في أغسطس2012 مؤخّراً، في فبراير2013,تمّ إلغاء مؤتمر لمدرسة الاقتصاد بلندنLondon School of Economics في الجامعة الأمريكيّة بالشّارقة،بعد إلغاء ورقة تتعلّق عن البحرين وكان من المزمع تقديمها في المؤتمر، ولكن لم يُسمح لمُقدّم الورقة من دخول الإمارات(45).
والمعروف أنّ دولة الإمارات لا تسمح بإنشاء الأحزاب السّياسيّة، هذا بالرغم من أن الدّستور لم يتطرّق إلى قانون تشكيل الأحزاب السّياسيّة, ولكن من الناحية العرفيّة والفعليّة يُعدّ تشكيل الأحزاب قانوناً غير مرغوب فيه، وتحظر سلطات الإمارات إنشاءها، ولا يوجد قانون يُجيز أو يمنع عمل الأحزاب السّياسيّة، ويسمح فقط بإنشاء جمعيّات النّفع العام غير السّياسيّة(46).
وقد صدر أوّل قانون اتحادي بشأن جمعيات النفع العام والنقابات عام1974, والذي تمّ إلغاؤه واستبداله بالقانون الاتحادي الجديد رقم2 لعام2008, وفي تطبيق أحكام هذا القانون؛ يُقصد بالجمعيّة ذات النّفع العامكل جماعة ذات تنظيمٍ تؤلف من أشخاصٍ طبيعيين أو اعتباريين.. بقصد تحقيق نشاط اجتماعي أو ديني أو ثقافي أو تربوي أو فني أو تقديم خدمات إنسانية أو تحقيق غرض من أغراض البر أو غير ذلك من الرعاية سواء كان ذلك عــن طريق المعاونة المادية أو المعنوية أو الخبرة الفنية،وتسعى في جميع أنشطتها إلى المشاركة في تلك الأعمال للصالح العام وحده دون الحصول على ربح مادي(47).
ويحظر القانون على الجمعية أن تشترك فـي أيّة مؤتمرات أو اجتماعات، إلاّ بترخيص مُسبق من الوزارة, كما لا يجوز لها أن تنتسب أو تشترك أو تنضمّ إلى أية جمعيّة أو هيئة مقرّها خارج دولة الإمارات، إلا بعد موافقة وزارة الشئون الاجتماعية ووزارة الدّاخلية، كما يحظر عليها التدخّل في السّياسة وأمور أمن الدّولة(48).
وقد شهدت ساحة العمل الاجتماعي، بعد صدور القانون، حركة متسارعة باتجاه تأسيس الجمعيّات ضمن فئات متنوعة، مثل الجمعيّات النسائية، الجمعيات الدّينية، جمعيات الفنون الشّعبيّة،جمعيات الجاليات والجمعيات الإنسانية، وجمعيات الخدمات العامة, ففي الّسنة الأولى من صدور القانون تأسست10 جمعيات، منها4 جمعيات نسائية، و4 جمعيات للجاليات العربية والوافدة، وجمعية دينيّة وأخرى للفنون الشعبية, ويتجاوز عددها106 جمعية عام 2012 بعد أن أضيفت إليها جمعيات ثقافيّة وخيريّة ومهنيّة, وتقول السّلطات بأنّ الجماعات الإسلاميّة المناوئة للنّظام اتخذت هذهِ الجمعيّات ملاذاً لها من أجل أن تُحقّق لنفسها الامتداد والنّمو.
ومع بداية العام1994 تمّ إغلاق الجمعيّات ذات التّوجه الإسلامي،أو ما يُسمى الإسلام السّياسي،مثل جمعية الإصلاح، والتوجيه الاجتماعي, وبرزت اتهامات تشير إلى أن منظمات المجتمع المدني في الإمارات بدأت تشهد تراجعاً نتيجة حضور السّلطة الأمنيّة، وتدخّلها في عملها، وإصدار قرارات وتعليمات مكتوبة أو شفوية، تُشدّد على أهمية الحصول على الموافقات الأمنيّة المسبقة ذات العلاقة بالتوظيف، وإقامة البرامج والأنشطة والندوات واستضافة المُحاضَرين.
وفي خضم أحداث الانتفاضات العربيّة في عام2011 قامت بعض الجمعيّات المهنيّة بإصدار بيانات مؤيّدة لتوسيع هامش الحرّيات في الّدّولة، وكان ردّ الأخيرة حلّ مجالس إدارات هذهِ الجمعيّات، واستبدالها بأعضاء موالين للسّلطة، مثل جمعية الحقوقيين وجمعية المعلمين في مايو عام2011.
وعلى الرغم من نجاح الإجراءات الأمنية في تقليص انتشار الحراك العلني، إلا أنه, كما هو الحال في دول الخليج الأخرى, برزت ظاهرة الحراك الكامن,والذي يُشير إلى تصاعد أعداد الشّباب المتابعين للحراك اليومي في مواقع التواصل الاجتماعي، وتحت أسماء وهمية ومستعارة خشيةً من الملاحقات الأمنية، وهو ما أدّى إلى ارتفاع درجة الغليان الشّبابي نسبياً، وتزايد نبرة الانتقاد للسّلطة، والتي شملت أحياناً بعض الشّيوخ وأولياء العهود البارزين، وهي حدّةٌ لم تكن موجودة قبل الحملة الأمنية على الناشطين(49).
الفرع الثالث- ردود الفعل الدّولية
يرى الكثير من الحقوقيين بأنّ الوضع الحقوقي في الإمارات يشهد تراجعاً، وبالرغم من تواجد جمعية حقوقية رسمية مثل جمعية الإمارات لحقوق الإنسان؛ فإنها تعرّضت إلى كثير من الانتقاد من جانب الناشطين، وذلك بسبب دورها المؤيّد للسلطة، بحسب زعمهم، وعدم قيامها بدور إيجابي في منع الانتهاكات التي يتعرّض لها الناشطون والمعتقلون, في هذا الصّدد، يشير المنتقدون بأنه لم يصدر بيان واحد من الجمعية يدين اعتقال النشطاء الخمسة عام2011(50), بالرغم من الانتقادات الدّوليّة الواسعة التي صدرت من المنظمات الدّولية،مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، وكذلك الأمم المتحدة, كما يزعم النقاد بأن هذه الجمعية عملت على الدّفاع عن الموقف الرّسمي الإماراتي في قضية معتقلي جمعية الإصلاح(51)، وذلك عندما أصدرت بياناً تؤكد فيه بأن المتهمين يُعامَلون حسب الأصول، وأنه لا توجد شبهة للتعذيب، وأن ذلك غير وارد في الأساس، كما أنه توفر لهم وجبات من فنادق خمس نجوم, هذا رغم الاتهامات بحصول تعذيب وسوء المعاملة بحقّ المعتقلين.
هذا وقد أشارت عدّة منظمات حقوقيّة عربيّة وعالميّة إلى الاحتقان الحاصل في الإمارات،الأمر الذي جعل بعض المنظمات الدّوليّة, بما فيها منظمة هيومن رايتيس ووتش, تخاطب رئيس الدولة بشأن قضايا الاعتقالات وانتهاك حقوق الإنسان في الإمارات، وذلك في نوفمبر2012, وأعقب ذلك إصدار20 منظمة حقوقيّة عربيّة عام 2012 بياناً يُدين تلك الاعتقالات، وأصدر البرلمان الأوروبي بياناً قاسياً في حقّ السّلطات الإماراتيّة، وطالب بالإفراج الفوري عن المعتقلين، وتشكيل لجان تحقيق في تلك الانتهاكات، وهو ما شكّل صدمة لسلطة الإمارات.
أولاً- قضايا الانتهاكات والتعذيب واتفاقية مناهضة التّعذيب الدّوليّة
أصدر رئيسُ الدّولة المرسوم الاتحادي رقم73 لسنة2012 بشأن انضمام الدّولة إلى اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة والعقوبة القاسية واللاإنسانية أو المُهينة لعام1984, حيث وافقت الإمارات على الانضمام إلى المعاهدة، ولكنها أبدت في هذا السّياق الإعلان التالي:تؤكد دولة الإمارات على أنّ العقوبات القانونيّة المُطبّقة بموجب القانون الوطني أو الألم أو المعاناة الناشئة والمُلازمة لهذهِ العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضيّة له ولا تدخل ضمن مفهوم التّعذيب المُعرَّف في المادة1 من الاتفاقيّة(52)،أو ضمن المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المُهينة الواردة في الاتفاقية, كما تُبدي دولة الإمارات تحفّظين على الاتفاقيّة، أولاً أن الدّولة، ووفقاً للفقرة1 من المادة28(53)وثانياً إنّ الدّولة،وبناءاً على الفقرة من المادة30(54)من الاتفاقية لا تلتزم بحكم هذهِ الفقرة ومادتّها والمتعلقة بالتحكيم.
على خلاف ذلك، زعم عددٌ من شهود العيان، ومن أهالي المعتقلين، من خلال مواقع التّواصل الاجتماعي, عن حالاتٍ من أشكال التّعذيب الجسدي والنّفسي الذي تعرّضَ له معتقلو الإمارات, وأشار بعضُ الشّهود إلى تراجع صحّة بعض المعتقلين، وإبقائهم في زنازن باردة جدّا، وربط أعينهم عند التحقيق، وعدم قدرة بعضهم على المشي نتيجة الظروف المحيطة بهم والانخفاض الحادّ في أوزان البعض، والإضاءة الشّديدة للكشّافات، وعدم السّماح لأهاليهم بزيارتهم، وعدم السّماح بالتّحدث مع محاميهم.
كذلك،فإنّ هناك مزاعم بشأن حالات أخرى،مثل:اختطاف المعتقلين من الأماكن العامة، ومن المطارات، واقتحام منازلهم والاستيلاء على حواسبهم الشّخصيّة وهواتفهم النّقّالة، وتجميد حسابتهم وحسابات أهاليهم. واستخدام بعض الأفراد، وبلباس مدني، في توجيه التّهديد للنّاشطين، والتّهجّم الجسّدي والنّفسي، ومحاولة الخطف تحت تهديد السّلاح للناشطين خارج الدولة، كحدث مع أحد الناشطين في مصر، وكذلك إصدار قوائم منع السّفر، دون صدور قرار من النّائب العام، وترحيل عددٍ من الناشطين البدون من الإمارات.
ثانياً- قانون مكافحة جرائم تقنيّة المعلومات(55)
أصدر رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في12 نوفمبر 2012 مرسوماً بقانون اتحادي رقم 5 لعام 2012 بشأن مكافحة الجرائم الإلكترونية في الإمارات العربيّة المتحدة, وفي حين أنّ القانون تضمّن بعض المواد التي تكفلُ الحرّيّة لبعض المعلومات المتداولة على مواقع الإنترنت، مثل الحسابات المصرفيّة وبطاقات الائتمان، إلا أن المرسوم لقي بعض الانتقادات لكونه فضفاضاً، وبنحوٍ يمكن أن يُعطي أرضيّة قانونيّة لمحاكمة الأشخاص الذين يستخدمون شبكة الإنترنت بغرض انتقاد كبار المسؤولين، والمطالبة بالإصلاحات السّياسية، أو العمل على تنظيم مظاهراتٍ غير مرخّصة.
وتقرّ المادة29 بالسجن والغرامة (تصل إلى1 مليون درهم)، (272.000 دولار أمريكي) لأيّ شخص يستخدم تكنولوجيا المعلومات بقصد السّخرية أو الإضرار بسمعة ومكانة مركز الدولة، أو أيّة مؤسّساتها، بما في ذلك الرئيس أو نائب الرئيس، وحكّام الإمارات، وأولياء العهد أو نوابهم، وعلم الدولة، والسّلامة الوطنية، وشعار الدّولة والنشيد الوطني، أو رموزه(56).
أما المادة30 فتقرّر عقوبةً تصل إلى السجن مدى الحياة لأي شخص يستخدم هذهِ الوسائل للدّعوة إلى إسقاط أو تغيير،أو الاستيلاء على نظام الحكم في الدولة(57)، أو عرقلة أحكام الدستور أو القانون القائم، أو معارضة المبادئ الأساسية التي يستند إليها نظام الحكم, وتطبق هذه العقوبة ضدّ أي شخص يُحرّض أو يُقدّم التسهيلات لهذهِ الأفعال.
ثالثاً- الفساد والشفافية
لا توجد في الإمارات جهةٌ مستقلة كلّياً يمكن أن تنشرَ مُعدّلات الشّفافيّة والفساد بنزاهة، ولكن خلال السّنوات الأخيرة اهتمّت الدّولة بكشْف عددٍ من المسئولين المُتّهمين بالفساد المالي والإداري،وقيادات أخرى في القطاع شبه الحكومي، وتمّ تقديم عددٍ منهم إلى المحاكمات.
وكما في باقي الدول فإنّ الفساد في الإمارات يُمارَس بطرقٍ مختلفة، منها الفساد المُباشر،من قبيل تلقّي الرّشاوي،وقد تصاعد معدّل هذهِ الظّاهرة في السّنوات الأخيرة، وتمّ رصد عددٍ من موظّفي الدّولة، وخاصة في شئون العمل، والهجرة والجوازات، والأمن،والدّوائر الاقتصاديّة،والبلديات, ومن مظاهر الفساد، استغلال المنصب والنّفوذ عبر العقود الخاصة مع مؤسّساتٍ حكوميّةٍ، وبخاصةٍ في قطاعات الإسكان والشّرطة والقوّات المسلّحة، وعقود المُشتريّات والتوريد وغيرها, وهناك تزاوجٌ غير شرعي بين المال والمنصب الحكومي، وهو ما عطّل كثيراً من القرارات الحكوميّة والقوانين إزاء محاربة الفساد، واحتكار الخدمات(58).
وبحسب منظمة الشّفافيّة الدّوليّة التي تقيس تصوّرات السّكان حول انتشار الفساد؛ فإنّ أقلّ الدّول العربيّة من ناحية انتشار الفساد، هي كلّ من قطر والإمارات وعمان، إلاّ أنّ تلك الدّول لازالت بعيدةً عن المراكز العشر الأولى عالميّاً, وبالإحالة إلى تقرير المنظمة لعام2011، فقد احتلّت الإمارات المركز رقم28 عالميّاً، وبتقدير 6.8 درجة من أصل10 درجات، متفوّقةً في ذلك على جميع الدّول العربيّة، ماعدا دولة قطر, وحسب التقرير الأخير للمنظمة، للعام2012 أحرزت الإمارات تقدّماً بدرجة واحدة, الأمر الذي جعلها تتقدّم إلى المرتبة رقم27 دوليّاً، بالشراكة مع دولة قطر, ويبدو أنّ التحسّن تحقّق على خلفيّة تعزيز استخدام الخدمات الإلكترونيّة في المعاملات الرّسميّة، وهي الظّاهرة التي تساهم في تقليص النّفوذ الشّخصي في الممارسات العامة(59).
الفساد في الإمارات يتضمّن شقّين: الاتّحادي والمحلّي, وتتضاءل صور الفساد ومعدّلاته في الشّقّ الاتّحادي، وذلك بسبب ارتفاع معدّل آليّات المراقبة والمحاسبة. بينما تزداد حدّته في الحكومات المحلّيّة نظراً لغياب أو ضعف دور المؤسّسات التّشريعيّة والرّقابيّة(60), وكذلك غياب مشاركة منظّمات المجتمع المدني، وفقدان المؤسّسات المستقلة التي تُعنى بتقارير الشّفافية والفساد, ونتيجة لاكتشاف حالاتٍ عديدةٍ من الفساد مؤخّراً, وبرزت, ولفترةٍ محدودة, ظاهرة كشْف الفساد ضمن خُطط بعض الحكومات المحلّيّة، ولكنها في الحقيقة إجراءات مؤقتة، وتغضّ الطّرف عن قضايا فساد كبرى يُتهم بها مسئولون بارزون في الدّولة,وما يتناقله بعض المستثمرين ورجال الأعمال من قضايا فساد, وتُشير إلى وجود عمليّات فساد واحتيال غير موثقة،وخاصة في قطاعات البنوك والدّوائر العماليّة والاقتصاديّة والأمنيّة، حيث ذكر قائد عام شرطة دبي بداية عام2010 أنسلسلة التّحقيقات في قضايا الفساد وصلت إلى الحلقة الأخيرة، وتشمل مسؤولين كباراً في دبي، مطالباً الحكومة بإزالة كلّ ما يعوق مساءلتهم، واستدعاءهم لدى الجهات المختصّة, وقال في مؤتمر صحافي، بأنّ فريق التحقيق وتحصيل الأموال استجوب نحو63 متهماً في قضايا فساد، إلا أنّ الموضوع لم يأخذ طريقه للقضاء، ولم يُقدّم ذلك العدد,الذي صرّح به قائد عام شرطة دبي, إلى المحاكمة(61).
ويبقى ما يُعرف بالفساد الكبير، وهو المتعلّق بالنّفوذ السّياسي الممزوج بالاقتصادي،وخاصة فيما يخصّ بأموال النفط وصفقات السلاح والأراضي,ويبقى هذا الفساد ضبابيّاً، ويفتقرُ إلى المعلومات وجهات المحاسبة المُستقلّة، والتي بإمكانها أداء دور الرّقابة الفعليّة، وحال الإمارات في ذلك كحال باقي دول المجلس.
الخاتمة
بانتهاء دراستي التحليلية لموضوعالسياسة العامة لدولة الإمارات العربية المتحدة, يصبح إلزاماً عليّ أن أختمها بخاتمة لا ينبغي من خلالها أن أستعرض كافة ما ورد فيها من فقرات ولا جميع ما أبديت عليها من ملحوظات, وإنما سأؤكد فقط على بعض ما توصلت إليها من نتائج.
الاستنتاجات
يمكن تحديد أهم الاستنتاجات التي توصلت إليها في النقاط الآتية:
1. حاولت دولة الإمارات العربية المتحدة أن توازن بين إمكانيتها وقدراتها وأوضاعها, فاتبعت سياسة مرنة في سياستها وعلاقاتها,وتسوية خلافاتها الخارجية بالطرق السلمية وحاولت توظيف قدراتها الدبلوماسية والإعلامية والاقتصادية والبشرية أيضاً في سبيل تحقيق أهدافها العامة.
2. تؤثر البيئة الطبيعية والجغرافية في حياة الدول والشعوب وتفرض نفسها على طبيعة البيئة الأساسية, وعلى توجهات سلوك الدولة في علاقاتها, فعلماء الاجتماع يعزون اختلاف التقاليد والأفكار ونظم الحكم والسياسة إلى اختلاف الإقليم, كما يرى هؤلاء المنظرون أن التوزيع غير العادل للثروة والمصادر والاختلافات البيئية والمناخية تؤثر في قوة الدولة إذ أن حجم ومساحة الدولة يؤثران في كمية الموارد الطبيعية المتاحة.
3. إن الأهمية الإستراتيجية للخليج ليست في حاجة إلى تأكيدها وما يزال الخليج محافظاً على هذهِ الأهمية حتى اليوم, فما من عالم أو باحث استراتيجي منذ الأزمنة البعيدة حتى وقتنا الحاضر لم يذكر هذهِ الحقيقة.
4. يقسم الباحثين المنطقة من زاوية الجغرافية السياسية إلى ثلاث حلقات متداخلة.
5. تقع دولة الإمارات العربية المتحدة في قلب المنطقة الرئيسة للصراع.
6. نتيجة للطبيعة الجغرافية لدولة الإمارات العربية المتحدة يعيش السكان في أنماط من الحياة تعتمد على مكان إقامتها على الساحل أو في المناطق الداخلية.
7. عملت الظروف الخارجية كالسيطرة البريطانية على انقطاع دولة الإمارات العربية المتحدة عن العالم الخارجي.
8. يختلف دستور دولة الإمارات عن دساتير أغلب الدول العربية بأنه لا يفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.
9. إن النظام السياسي لدولة الإمارات يتألف من مجموعة من المؤسسات الاتحادية يقع في مقدمتها المجلس الأعلى للاتحاد والذي يمثل السلطة العليا في الدولة وله حق انتخاب رئيس الدولة ونائبه, والمصادقة على القوانين الاتحادية وغيرها من المهام.
وهكذا لكل بداية نهاية ، وخير العمل ما حسن آخره وخير الكلام ما قل ودل وبعد هذا الجهد المتواضع أتمنى أن أكون موفقاً في سردي للعناصر
السابقة سرداً لا ملل فيه ولا تقصير ، وفقني الله وإياكم لما فيه صالحنا جميعاً .
ما فوق المصادر والمراجع
القرآن الكريم
المصادر والمراجع
أولاً- باللغة العربية
1. الكتب
1. باسل مولود يوسف:الحراك الشعبي في الخليج, بحث منشور في جريدة ديوان تكريت, ع17, 2013.
2. بطرس بطرس غالي:دراسات في الدبلوماسية العربية,القاهرة, مكتبة الأنجلو المصرية, 1973.
3. حسين محمد البحارنة: دول الخليج العربي الحديثة, علاقاتهم الدولية وتطور قوانينهم الدستورية وأوضاعهم السياسية, بيروت, مؤسسة التنمية والإنماء, 1973.
4. صبري فارس الهيثي:الخليج العربي, دراسة في الجغرافية السياسية, بغداد, ط2, وزارة الإعلام والثقافة, 1981.
5. عبد الرحمن يوسف بن حارب: السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة, الإسكندرية, المكتب الجامعي الحديث, 1999.
6. فاطمة الصايغ: الإمارات العربية المتحدة, من القبلية إلى الدولة, دبي, مركز الخليج للكتب, 1997.
7. مجموعة من أساتذة جامعة الإمارات: دراسات في مجتمع الإمارات, جامعة الإمارات العربية المتحدة, العين, 1999.
8. محمد حسن العيدروس: دولة الإمارات العربية المتحدة, التطورات السياسية, الكويت, منشورات ذات السلاسل, 1983.
9. محمد صالح العجيلي:دولة الإمارات العربية المتحدة, دراسة في الجغرافية السياسية, أبو ظبي, مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية, 2002.
10. مولود علي حسين:سياسة الإمارات العربية المتحدة الداخلية, مطبعة الإيداع, تكريت, 2013.
11. موزة غباش: التنمية البشرية في دولة الإمارات العربية المتحدة, أبو ظبي, المجتمع الثقافي, 1996.
12. ناجي شراب: دولة الإمارات العربية المتحدة,دراسة في السياسة والحكم, دار الكتاب الجامعي, ط2, العين, 1987.
13. نايف علي عبيد: مجلس التعاون لدول الخليج العربية, من التعاون إلى التكامل, بيروت, مركز دراسات الوحدة العربية, 1996.
14. يوسف الحسن: دولة الرعاية في دولة الإمارات العربية المتحدة, من الحرمان إلى الرفاه إلى المشاركة,الشارقة, مركز الإمارات للبحوث الإنمائية والإستراتيجية, 1997.
2. القرارات
15. قضاء محكمة التمييز, مج1, رقم/ 925 شرعية/69 بتاريخ 16/11/1969.
16. قضاء محكمة التمييز, رقم/2417 شخصية/84-85 بتاريخ 11/9/1985.
17. قضاء محكمة التمييز, رقم/446 شخصية/87-88 بتاريخ 26/9/1987.
3. القوانين
18. القانون الاتحادي رقم2 لعام2008.
19. دستور دولة الإمارات العربية المتحدة لعام 1996.
4. مواقع شبكة الانترنت
20. http://ar.alkarama.org/index.php?option=com_content&view=article&id=3518:2009-03-11-08-03-36&catid=122:ak-comemi& Item id=35
21. http://middle-east-online.com/?id=139469.
22. http://www.adjd.gov.ae/portal/site/adjd/department.overview.
23. http://www.al3nabi.com/vb/f2/t139090.html.
24. http://www.alarabiya.net/articles/2011/11/30/180042.htm.
25. http://www.alarabiya.net/articles/2012/12/26/257202.html.
26. http://www.alsharq.net.sa/2011/11/28/25693.
27. http://www.emarati001.com/.
28. http://www.emarati001.com/.
29. http://www.middle-east-online.com/?id=141940.
30. http://www.middle-east-online.com/?id=141973.
31. http://www.uaecabinet.ae/Arabic/UAEGovernment/Pages/Constituti– on Of UAE.aspx
32. https://www.gulfpolicies.com/index.php?option=com_content&view=article&id=647:2012-01-15-19-14-03&catid=158:2012-01-03-19-52-52&Itemid=266
ثانياً- المصادر باللغة الإنكليزية
33. Alvin J. Cottrol and Others. The Persian Gulf States: A General Survey, USA: The John Hopkins Universal Press, 1980.
34. John Duke Antony. Arab States of the Lower Gulf: People, Politics, Petroleum. Washington, D.C., The middle East Institute, 1975.
35. John Duke Antony. The United Emirates: Dynamic of State Formation. Abu Dhabi, The Emirates Center for Strategic Studies and Research, 2002.