هذه أحسن الطرق للتعامل مع الابناء وشغل أوقاتهم خلال العطلة

مع اقتراب فصل الصيف وبدء العطلة الصيفيّة، يصبح لدى الأولاد الكثير من وقت الفراغ الّذي لا بدّ من تمضيته بطريقة مسلّية ومفيدة، بدلاً من قضاء الأوقات بين مشاهدة التّلفاز والألعاب الإلكترونيّة والسّهر إلى وقت متأخّر من اللّيل والنّوم طول النهار.

ولكن حتى لا تتحوّل هذه الإجازة إلى مضيعة للوقت، يجب على الأهل استثمارها بطرق أخرى ترتقي بمهارات أبنائنا، وتكون ممتعة ومسلّية في الوقت عينه، وعلى الأهل أيضاً اعتبار الإجازة الصيفيّة فرصة لمساعدة أبنائهم على تنمية شخصيّاتهم ومداركهم وقدراتهم الذاتية. ومما لا شكّ فيه، أنّ استغلال طاقاتهم في أنشطة مفيدة، يُعدّ ضرورة حتميّة ينبغي التّخطيط لها قبل نهاية العام الدّراسيّ، ولذلك يجدر بالأبوين إعداد خطط مسبقة يوميّة وأسبوعيّة وشهريّة، يحدّدان خلالها الأنشطة الّتي يمكن توفيرها للطّفل وتفيده.

“إنّ الإجازة الصيفيّة يجب أن يستغلّها الأهل بما يرضي الله تعالى، فالإجازة الصيفية التي يتمتع بها أبناؤنا الطلبة، فرصة كبيرة من أجل قضائها بما يفيدهم في شتّى النواحي. وحاليّاً، تنتشر المراكز الصيفيّة الّتي تعلم أبناءنا حفظ كتاب الله وحفظ الأحاديث التوجيهيّة وكيفيّة تطبيقها. ولنا في الحوزة العلمية لسماحة السيد محمد حسين فضل الله(رض)، تجارب في هذا المضمار، إذ نقوم سنوياً في الصيف بإنشاء دورات دينية للفتيان والفتيات، نعطي فيها الدروس الأخلاقيّة، ونعلم الأولاد الأحكام الشرعيّة.

ومن هنا، تدعو الضرورة الى تشجيع أبنائهم على المشاركة في هذه الدّراسات”.

وأضاف: “ولكي لا تتحوّل الإجازة الصيفيّة إلى مضيعة للوقت، يمكن للأسر تشجيع أبنائهم على استثمارها بطرق ترتقي بمهارات أطفالهم وتنفعهم وتكون ممتعة ومسلّية في الوقت عينه، كانضمامهم إلى الفرق الكشفيّة الّتي تنمّي ثقافتهم وتعلّمهم روح التّعاون والأخوّة فيما بينهم”.

ويتابع: “وعلى الأهل ضرورة تنمية التواصل الاجتماعي عند أولادهم خلال العطلة الصيفيَّة، إذ إنَّ الأسرة تفقد هذا التّواصل مع الآخرين خلال أيّام الدّراسة. لذلك، يجب على الأهل اعتبار الإجازات الصيفيّة فرصةً لصلة الأرحام وتبادل الزّيارات مع الأقارب، وإذا كان لدى الأهل متّسع من الوقت، فليس هناك من مانع لتنظيم أوقاتهم واصطحاب أولادهم في رحلة إلى زيارة الأماكن المقدّسة، للتعرّف إليها بما ينمّي ثقافتهم”.

واختتم قائلاً: “على الأهل ضرورة توعية أولادهم، وخصوصاً في هذا الزّمن الّذي ينفتح الولد فيه على كلّ وسائل التّواصل، من خلال المراقبة والتوعية والتوجيه، لأنّ الأهل هم قدوة بالنّسبة إلى أولادهم. إنّ الإجازة الصيفيّة تعدّ فرصةً للأهل لمساعدة أبنائهم على تنمية شخصيّاتهم وتوسعة مداركهم وتنمية قدراتهم الذاتيّة. ومما لا شكّ فيه، أنّ استغلال طاقاتهم في أنشطة مفيدة يعدّ ضرورة حتميّة ينبغي التّخطيط لها قبل نهاية العام الدّراسيّ”.

ـ يجب ان نعلم أن “الوقت سيف، إن لم تقطعه قطعك”. والإنسان مجموعة من الدّقائق والسّاعات والأيّام. لذلك، لا بدّ للإنسان من أن يستفيد من وقته ولا يضيّعه فيما لا يفيد، والله سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز: {وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}”.

ونحن على أبواب العطلة الصيفيّة، بعد عناء عام كامل من الجدّ والاجتهاد، وعلى الأهالي الكرام، الّذين جعلهم الله مسؤولين عن أولادهم، أن ينظّموا أوقات أبنائهم ويوجّهوهم إلى ما يفيدهم في العطلة الصيفيّة، وأن تكون الإجازة الصيفيّة امتداداً للحقبة الدّراسيّة، وذلك بقضائها بكلّ ما يقرّبنا من الله عزّ وجلّ. فهناك مثلاً الانتساب إلى الدروس القرآنية والدينية في المساجد، الّتي تشمل التّعليم الديني والتربية والأخلاق والنشاطات الرياضية والدينية والترفيهية…

كما على الأهل أن يوجّهوا أولادهم خلال العطلة الصيفيّة بتعلّم لغة من اللّغات، أو مهنة من المهن، لكي لا يكونوا فريسة مضيعة الأوقات على القنوات الفضائيّة والشبكات الإلكترونيّة وغيرها من الملهيات الّتي تجرّ على أجيالنا الويلات في سلوكهم وتفكيرهم ووعيهم”.

ونظراً إلى انشغال الأسر عن أولادهم في بعض الأحيان، يجب أن تكون عطلة الصّيف مناسبة للتّرابط العائليّ، ولا سيّما أنّ شهر رمضان المبارك سيحلّ ضيفاً عزيزاً غالياً علينا بهذا الصّيف”، ناصحاً الأهالي بتعويد أولادهم على العمل والإنتاج ليتعلّموا قيمة المال. قائلاً: “فلتكن الإجازة الصيفيّة فرصة للرّاحة الجسديّة والنفسيّة والرّوحيّة”.

بالعودة الى الدين نجد أن حبيبنا محمد(ص) قال: “نعمتان مغبون فيهما كثير من النّاس: الصحّة، والفراغ”. في هذا الحديث الشَّريف، يخبرنا عليه الصَّلاة والسَّلام عن نعمتين من أعظم النّعم الّتي وهبنا إيّاها الله تعالى، ألا وهما نعمة الصحّة، ونعمة الفراغ. ولكن هنا نطرح سؤالاً: كيف يستخدم المسلم هذه الصحّة والقوّة؟ وكيف يملأ الفراغ، ولا سيّما بالنّسبة إلى الأبناء المقبلين على الإجازة الصيفيّة؟ والوالدان مسؤولان أمام الله يوم القيامة عن أمانة تربية الأولاد، وكيف تم تفريغ الطّاقات الموجودة لديهم، قال(ص): “كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيّده ومسؤول عن رعيته”. فيجب على الأهل معرفة أنّ العبد مسؤول يوم القيامة عن هذه النّعم، قال رسول الله(ص): “لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن عمره فيمَ أفناه، وعن علمه فيمَ فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه، وعن جسمه فيمَ أبلاه». ويجب عليهم أيضاً التخطيط لأولادهم بما ينفعهم لحياتهم الدنيويّة والأخرويّة، والحرص على استغلال إجازتهم بما يرضي الله تعالى ورسوله. لذلك سنقترح بعض الأفكار على الآباء والأمّهات لاستغلال الإجازة الصيفيّة بالطريقة المفيدة لأبنائهم، نذكر منها:

1 – تعليم الأبناء القرآن الكريم، وفي ذلك الأجر الكبير من الله سبحانه، فلم لا نخصص لأبنائنا وقتاً معيّناً لتعليمهم القرآن، مثلاً بعد صلاة الفجر لمدّة نصف ساعة، نخصّص بعضها للحفظ وبعضها للتّلاوة، أو قبل كلّ صلاة تتمّ قراءة سور معيّنة ليتمكّن من حفظها.

2 – إدخال الأبناء دورات حسب الحاجة، ومنها: تحسين الخطوط والكاراتيه أو الجودو والسباحة والاعلاميات واللّغة الإنجليزية وغيرها.

3 – الحصول على مناهج المرحلة المدرسيّة التالية، وخصوصاً المادّة التي قد تشعر بأنّ ابنك يحتاج إلى التّقوية فيها.

4 – إجراء مسابقة لحفظ بعض الأحاديث الأربعين النوويّة، أو بعض الأذكار مع العائلة وتخصيص جوائز لذلك، فالأذكار بها تحفظ نفسك وتكسب الأجر، وتحصل على صدقة جارية لو علّمتها لغيرك، فكيف إذا علّمتها لأبنائك؟

5 – تسجيل الأبناء في دورات صيفيّة تهتمّ بتحفيظ القرآن والتربية الدينيّة والترفيهيّة.

6 – القيام بزيارة الأقارب والأرحام، وإفهام الأبناء أهميّة صلة الأرحام في الإسلام.

7 – تخصيص أوقات ترفيه للأبناء وتحديد الأماكن الجيّدة التي يمكن الذهاب إليها.

8 – الذهاب إلى مكّة لأداء العمرة والمكوث فيها لعدّة أيام تستغلّ تماماً بالصلوات في الحرم وحضور حلقات الذّكر والجلوس في الحرم وتلاوة القرآن معهم، ثم زيارة المدينة المنوّرة واستغلال تلك الأيام بدراسة السيرة وزيارة جبل أحد..

9 – تعليم الأبناء التّلوين، وهذه الهواية يحبّها معظم الصّغار.

10 – تشجيع الأبناء على الكتابة والتّأليف والإلقاء.

11 – تحفيز الأبناء على قراءة كتب وقصص جيّدة، لأنها تحتوي على العديد من الفوائد التي تهمّ الشخص في دنياه وآخرته، فهناك الكتب العلمية، وهناك الكتب الثقافية التي تزيد من ثقافة الإنسان وتنمّي مواهبه، وهناك الكتب المنوّعة من القصص المفيدة أو كتب الألغاز وغيرها…

12 – زيارة المعارض التي تقام في عدد من المؤسّسات الاجتماعية.

13 – سماع الأشرطة أو الـ (CD)، فمثلاً عند الركوب مع العائلة في السيّارة أو القعود في المنزل مع وجود الفراغ في الوقت، قم بوضع شريط مفيد بدلاً من الاستماع إلى الأغاني دائما.

14 – من الأمور المستحبّة في الاجازة السّفر المباح، وهو السفر البعيد كلّ البعد عن الأمور المحرّمة، فكما هو معلوم أنّ للسّفر فوائد كثيرة، منها تغيير الجو والترفيه لك وللأسرة، وأيضاً مشاهدة المناطق الجميلة والممتعة الّتي تدفعك إلى تعظيم الخالق.

15 – تربية الأبناء على مساعدة الآخرين باصطحابهم إلى أحد الأحياء الفقيرة…

وأختم بقول ابن الجوزي: “ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة، ويقدّم فيه الأفضل فالأفضل من القول والعمل، ولتكن نيّته في الخير قائمة من غير فتور بما لا يعجز عنه البدن من العمل”. وأسأل الله عزّ وجلّ أن يستخدمنا في طاعته، وأن يعيننا على استثمار أوقاتنا بما يحبّ ويرضى، وأن يرزقنا ذريّة صالحة، فقد قال(ص): «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here