الكنيسة المسيحية ومكشات الزفر…وخطاب الكراهية !

في بلدان الخليج والعراق, يطلق الناس توصيف ( مكشة زفر) على الشخص التافه الذي يتم استخدامه من قبل جهة ما لاداء دور وضيع في مهاجمة خصوم تلك الجهة, بأساليب رخيصة وغير أخلاقية!

في السنوات الأخيرة, ومع تنامي الطفرة الإعلامية, بدأنا نشهد ظاهرة ملفتة في أسلوب عمل الكنيسة المسيحية و أذرعها الإعلامية ضمن نشاطاتها المعادية للدين الإسلامي وخطابها الحريص على استفزاز المسلمين, من خلال تحقير مقدساتهم, وإهانة مشاعرهم ,وشيطنة عقيدتهم,وهذه الظاهرة تتلخص, بإظهار واشهار بعض الأشخاص النكرات – الذين لا يملكون اي نشاط او تاريخ سابق- والقيام بتسويقهم اعلاميا, على القنوات الدينية المسيحية ,من أجل تأدية غرضا واحدا, الا وهو مهاجمة عقيدة المسلمين والطعن بمقدساتهم ,من خلال أساليب تهريجية رخيصة ومخجلة, ويتم تسويق هؤلاء النكرات, على أنهم مسلمون سابقون تحولوا للمسيحية, بعد ان يتم تسميتهم بالاخ فلان والاخت علانه!

وبمرور الوقت, صارت اغلب القنوات الدينية المسيحية تستنسخ هذه المهزلة, وصار لكل قناة الاخ او الاخت الخاص بها !!

ومن الواضح ان الاخوة الاعزاء القائمين على الكنيسة المسيحية, لجأوا إلى استخدام (مكشات الزفر) لكي ينأوا بأنفسهم عن أي نقد قد يوجه لهم بخصوص الانحطاط الفكري والقيمي الذي يتسم به هذا الأسلوب, وكذلك لكي يحافظوا على هالة القداسة الزائفة التي يحيطون بها الشخصية الكهنوتية المسيحية ,خصوصا بعد الفشل الذريع الذي منيت به تجربة احد القساوسة المسيحيين الذي حاول التصدي للإسلام وتخصص بمهاجمة مقدسات المسلمين, بأسلوب عطن ومنهج تهريجي سخيف, تحول من خلاله إلى مجرد (اراجوز عجوز) فاشل لا يستطيع اقناع حتى المسيحيين أنفسهم بصدقية طرحه المتهافت وجدية منهجه التهريجي الطفولي والذي يؤشر إلى ضحالة فكره وانحطاط مبادئه!

من حيث المبدأ, للكنيسة المسيحية بل ولكل شخص مسيحي, الحق في ممارسة الدعاية الإيمانية لعقيدته, وكذلك لهم الحق في نقد ومهاجمة العقائد الأخرى, التي لا تتسق معهم, ومن حقهم طرح كل الأفكار والمقارنات التي تثبت صحة إيمانهم وفساد ايمان الاخرين, مثلما لغيرهم الحق في نفس الممارسات, والاخوة المسيحيين يمارسون حقهم في التبشير لعقيدتهم والطعن بعقائد غيرهم بجهود حثيثة وواضحة ونشاط لافت , مع تخصيص الجزء الأعظم من هذه الجهود, لمهاجمة دين الإسلام واستفزاز مشاعر المسلمين من خلال عدد غير محدود من البرامج والساعات الفضائية المخصصة بشكل يومي ومستمر على مدار العام لهذا الغرض!

ومن اللافت ان عدد هذه البرامج يبلغ الذروة, وأن جهود الأحبة المسيحيين تتضاعف خلال شهر رمضان المقدس لدى المسلمين حيث يتم تخصيص ساعات أكثر وإضافة برامج جديدة في شهر رمضان إمعانا في إهانة مشاعر المسلمين وتحقير مقدساتهم !

ومن اللافت ايضا, ان الكنيسة المسيحية ومن خلال أذرعها الإعلامية وقنوات الكرازة, انحدرت إلى مستوى منحط جدا وغير متوقع في السقوط والتهافت المبدئي والقيمي, من خلال الانحدار بأسلوب ( النذالة الايمانية) الى الحضيض الأخلاقي والإفلاس التام في القيم والمبادئ, وذلك يتضح من خلال إصرار الكنيسة المسيحية, على استئجار بعض الملحدين الرافضين والمناهضين لكل الأديان – بما فيها المسيحية- واستغلال خصومتهم ورفضهم للأديان لتوجيهها ضد الدين الإسلامي من خلال تخصيص برامج وساعات فضائية, يتم فيها حصرا مهاجمة دين الإسلام بتعاون ثنائي (مسيحي- إلحادي) يعكس تحالف الأضداد ويظهر الانتهازية وفقدان شرف الخصومة, حتى صارت بعض وجوه بعض الملحدين مألوفة ومعروفة لدى المشاهد المسيحي, لكثرة ظهورهم في القنوات الدينية المسيحية لممارسة (حقهم) في مهاجمة الدين الإسلامي(حصرا) من على منابر تلك القنوات الدينية المدعومة من الكنيسة والممولة من تبرعات المؤمنين المسيحيين!!

وهذه الظاهرة الغريبة والشاذة والغير مبررة اخلاقيا ولا مبدئيا, تنفرد بها القنوات الدينية المسيحية (فقط), في حين نجد كل القنوات الدينية الاسلامية على اختلاف توجهاتها ومشاربها المذهبية , تستنكف السقوط في مثل هذا الحضيض من الانحطاط الأخلاقي والعقدي!

ان ظاهرة الاستعلاء الإيماني الفارغ, وكراهية الآخر المختلف وتحقيره, هو جزء أصيل من الإيمان المسيحي المستند على نصوص العهد الجديد, فالمسيحيون يعتبرون أنفسهم وفقا لهذه النصوص انهم ابناء الله وشعبه وهيكله وقدسه!

وانهم نور العالم, بينما كل من لا يتطابق معهم في الإيمان هم ابناء ابليس وأبناء الظلمة وانهم حيوانات نجسة هالكة!

(أَمَّا هؤُلاَءِ فَكَحَيَوَانَاتٍ غَيْرِ نَاطِقَةٍ، طَبِيعِيَّةٍ، مَوْلُودَةٍ لِلصَّيْدِ وَالْهَلاَكِ، يَفْتَرُونَ عَلَى مَا يَجْهَلُونَ، فَسَيَهْلِكُونَ فِي فَسَادِهِمْ)

بطرس 2\12

(نعلم اننا نحن من الله والعالم كله قد وضع في الشرير) يوحنا الاولى 5\19

(كُلُّ شَيْءٍ طَاهِرٌ لِلطَّاهِرِينَ وَأَمَّا لِلنَّجِسِينَ وَغَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَيْسَ شَيْءٌ طَاهِرًا بَلْ قَدْ تَنَجَّسَ ذِهْنُهُمْ أَيْضًا وَضَمِيرُهُمْ) تي 1\15

فالمسيحي ,هو وحده الطاهر, وهو ملح الارض ونور العالم , وغير المسيحي متنجس الذهن والضمير لأنه ابن الشيطان!

والشواهد من النصوص التي تظهر الاحتقار والكراهية المسيحية ( المقدسة) لغير المسيحيين, كثيرة لا يتسع المقام لذكرها , وقد أوردت بعضا منها في الحلقتين الثانية والثالثة من سلسلة (حوارات في اللاهوت المسيحي), والكنيسة المسيحية من خلال قنواتها الدينية تمارس وبحرفية هذا الإيمان , وخصوصا ضد المسلمين , حيث تحولت معظم برامجها, الى منابر لإثارة الكراهية وتحقير مقدسات المسلمين واستفزاز مشاعرهم, ومن الطريف ان نفس هذه القنوات لا تكل ولا تمل عن عزف اسطوانة المظلومية والتشكي من الخطاب الإسلامي!

عند حصول التفجيرات الاجرامية الاخيرة التي طالت بعض الكنائس في مصر, انبثق بعدها, خطاب ونقاشات من قبل بعض المسلمين المتألمين لفداحة الخطب وحقارة الاعمال الاجرامية, التي طالت الأبرياء من المسيحيين, ووجه بعضهم اللوم بشكل مباشر الى الأزهر ومناهج التدريس فيه, والى بعض النصوص في كتب التراث , وكلامهم كان صحيحا ونقدهم صائب, ولا يختلف حوله اي منصف, ولكن بنفس الوقت تناسى الجميع المسؤولية التي تقع على الجانب المسيحي!

نعم , ان بعض النصوص في الكتب التراثية الإسلامية, وطريقة تفسيرها تؤدي الى التطرف والارهاب, ولكن بنفس الوقت, نجد خطاب الكراهية والعداء الذي يتم نشره من خلال عشرات الفضائيات الدينية المسيحية , ليل نهار, هو ايضا كفيل بتحويل اي شاب مسلم, جاهل ومندفع, او حتى مخبول, الى انتحاري حاقد ومدمر لمجرد الاستماع ولو لمدة يوم واحد فقط الى البرامج الدينية المسيحية التي تهاجم دينه بكل سفالة, وتحقر مقدساته بأسلوب منحط ورخيص وشوارعي!

وارجو ان لا يعتبر كلامي هذا تبريرا للإرهاب والإجرام , وإنما هي الصراحة والمكاشفة الصادقة, من اجل ان ننتبه جميعا الى الخطر الكارثي المحيق بنا ,وكذلك الالتفات إلى مسؤولية الجميع في وقف نزيف الدم و طوفان الكراهية المجنون!

انا شخصيا, مدين للقنوات الدينية المسيحية بالامتنان والشكر!, لان متابعتي لها, كشفت لي حقيقة العقيدة المسيحية, و زيف الأسلوب الدعائي المتلون والازدواجي, لمؤسسات الكرازة المسيحية ,والذي يرتكز على التناقض والانتهازية وبيع الوهم الممزوج بعاطفة كاذبة وخادعة.

رغم كل ماتقدم, اكرر واقول, ان من حق اخوتنا واحبتنا المسيحيين , نقد , بل وحتى مهاجمة عقائد غيرهم, بما فيها العقيدة الإسلامية, ومن حقهم استخدام اي أسلوب يرونه مناسبا وفعالا, سواء كان اسلوب ( مكشات الزفر) او غيره للتنفيس عن ازدرائهم واحتقارهم لعقائد المسلمين ,ولبث كراهيتهم للإسلام والمسلمين, لانهم احرار في عقيدتهم و اسلوب الدعاية لها!

ولكن, ليس من حق الاخوة المسيحيين, بعد ذلك, ان يستمروا في الاستعراض المسرحي المبتذل لمفهوم ( المحبة) وان يتوقفوا عن تكرار ( نكتة) دين المحبة! والعزف على هذه الاسطوانة المشروخة السمجة, لان هذا النوع من الخطاب التمثيلي اصبح مملا و مفضوحا, ومثيرا للتقزز, فليس كل المتلقين من الأطفال أو السذج!

فكل إنسان عاقل يفضل ان يواجه خصما او عدوا شرسا, على أن يصاحب شخصا يحسبه أخا او صديقا, وهو لايعلم ان هذا الشخص يخفي تحت ثيابه خنجرا مسموما, او ربما يخفي سما فتاكا, ويتحين الفرص لكي يلحق به أشد الضرر!

د. جعفر الحكيم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here