تحرير الأنسان قبل الأرض

محمد حسين النجفي
تحررت معظم المدن العراقية من داعش، فمتى يتحرر الأنسان العراقي من النوازع الداعشية ؟ وهل ان تحرير المدن والقرى والقصبات يعني حقاً ان ساكنيها قد تحرروا فعلاً من سطوت ونفوذ وافكار النزعة الظلامية الرجعية الأضطهادية والمبررة بحجج دينية واهية من بُنات القرون المظلمة الوسطى؟
لا ارى ان تحرير الأرض كافياً كي يؤدي ذلك الى تحرير العقول وتنوير القلوب وتغيير الموازيين من حيث المعتقدات والتخندق الطائفي وتبريرات التكفيير والقتل الجماعي. ولكن السؤال دائماً سيكون ما الحل؟
والحل لا يكمن على مستوى الفرد او العائلة في المجتمع العراقي. الحل يكمن في تركيبة الدولة العراقية الحالية التي تنص وتؤطر الحياة السياسية بالمحاصصة والمصالح الشخصية. المجتمع العراقي ليس ممزق طائفياً فقط، كما يعتقد العموم من الناس. العراق ممزق سياسياً ودينياً ومناطقياً وعشائرياً واقتصادياً. فعلى سبيل المثال لا الحصر هناك صراعات عشائرية في الجنوب وكلهم عرب وشيعة. هناك صراع كردي كردي بين اربيل وسليمانية. هناك صراع شديد اللهجة بين شيوخ وعشائر الأنبار فيما بينهم.
لقد تحررت الفلوجة والرمادي عدة مرات، فهل تحررت فعلاً؟ لقد تمتع الأكراد بسلطة اقليم وبصلاحيات واسعة، فهل استطاع الأكراد ان يحكموا بأنفسهم ام انهم تحت رحمة الأغوات المتسلطين بصلاحيات بارزاني وطالباني. يعتقد البعض ان هناك سنة وشيعة، وهذا غير صحيح. هناك العديد من مذاهب ومدارس وافكار وطرق ممارسة الشعائر السنية. اي ان هناك خلافات سنية سنية. اما الشيعة فإنهم لا يخفون ذلك ويؤمنون بالتقليد والمرجعية والتعددية، وكان ذلك واضحاً بأختلاف قرار يوم عيد الفطر وغيره. وهذا يعني ان هناك صراع شيعي شيعي. اما المكونات السياسية التي اصبحت اقطاعيات وشركات واستثمارات طفيلية تسرق الثروة الأقتصادية علناً لانها تتمتع بحصانات برلمانية وحمايات مسلحة لا تمت للدولة بصلة.
اننا نعيش في دولة بداخلها دويلات. وهذا سبب كل الويلات التي تتحكم بالأمن العام وسلامة المواطنيين. وهذ الدويلات لا بد من تفكيكها كي يتوحد الأنسان العراقي. الدولة المدنية العراقية تحجم دورها واستفحل دور العشائر والعوائل والأنساب والألقاب معززة بقدسية دينية وارتباطات خارجة عن حدود الوطن. ان الأرض حررها الجيش والحشد الشعبي والشرطة الأتحادية، فمن سيحرر الأنسان كي يصبح مواطناً؟

محمد حسين النجفي
30 حزيران 2017

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here