قصة قصيرة جدا : المدمنون كلاما !! ..

قصة قصيرة جدا : المدمنون كلاما !! ..

جاء في رسالة جوابية كتبها لصديقه المعتزل صمتا و تأملا ، في زاوية منسية في محيط آخر من العالم ،
ردا على رسالته التي قال فيها صديقه أنه ” يحسده ” على كثرة كلامه فكتب في رسالته الجوابية :
أحيانا أصفن أنا أيضا مع نفسي معتقدا :
بأن أخطر ما في كثرة الكلام
هو …………………………..
عندما يتحول هذا الطوفان اليومي من سيول الكلام إلى نوع من عملية تنفيس سلبية .
معطلة بذلك عملية التغيير الضرورية التي يجب أن تحصل
نحو أحسن و أجمل في هذا الطرف البائس من العالم ..
فكل واحد منا يعتقد بأنه يقوم بواجبه ــ كلاميا ــ و خلاص !! ..
بينما ما من عراقي إلا و أصبح مشبعّا لحد النخاع ــ سمعا أو حديثا أو قراءة ــ بالكلام عن الفساد والفاسدين !!..
و من ثم ماذا ؟ ……………………..
ـــ حقا.. و من ثم ماذا ؟ ………………..
لاقنع نفسي ــ بعد ذاك ـــ بضرورة الإضراب عن الكلام لفترة معينة .
غير ان تعلقي و افتتاني بالكلام لحد الولع
ـــ كما هي الحال عند أغلب الشرق الأوسطيين
يحول دون ذلك ……………………..
و هذا يعني بأن انقطاعي أو إضرابي عن الكلام أو عن الكتابة سيلهب و يجلد شعوري بفقدان شيء ما مهم جدا بالنسبة لي ، كحالة مدخن بالنسبة للسجاير مثلا !..
أو تحولي شيئا فشيئا إلى طفل يعاني من حرامان شديد طوال الوقت و يضطرب قلقا و ضيقا
من أجل شيء مولع به ، ولكنه يعجز عن الحصول عليه .
فنحن الشرق الأوسطيين يا صديقي ــ عموما ــ مدمنون على الكلام و بدونه ربما سنصاب بجنون جماعي ، ومن حسن الحظ أنه مجاني ومسموح بهدره بدون حدود أو سدود !!.

مهدي قاسم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here