الموصل تتحر بسواعد سمراء مرتين

صادق غانم الاسدي

أي نوع من الرجال تسابقت لقتال اشرس عدو على وجه الارض لايعرف معنى الانسانية والحياة والدين تتري متوحش ومع ذلك فأن من قاتله وأوقع به الهزيمة هم فتيان وشباب بلغت اعماره زهور الربيع لم يلتفتوا الى مغريات التكنلوجيا فأثروا على انفسهم النصر او الاستشهاد عزيمة لاتقهر وليس لها مثيل في سفر التاريخ , نحن نكتب ولانعطي وصفا حقيقا للمأثر والتضحية وقد نبتعد كثيرا عن ماجرى من ملاحم وانجازات كبيرة ونجافي واقع المعركة التي تجللت صفحاتها البيضاء بالمواقف الانسانية الشجاعة والغيورة ,فقد تحررت الموصل مرتين بسواعد سمراء ووجوه تعفرت بالبارود ونسيم الودق الذي يخرج من فوهة المدافع والاسلحة ولم تتوقف صولتها ليلاً ونهاراً , لانريد ان نستذكر الماضي الأليم في عام 2014 حينما استقبل اهالي الموصل بصيحات طائفية مبغضة بعيدة عن الانصاف والعدل وهم يحملون عناصر وسخه نتنه من عصابات داعش على الاكتاف ضانين منهم قد تحقق حلمهم في بناء مستقبل يحلمون به , وبعد صراع مرير انتهكت به حرياتهم وتبددت امانيهم تمنوا الخلاص من هذا العنكبوت السام الجاثم على صدوروهم , مدينة الموصل يقدر عدد سكانها اكثر من مليونين ونصف نسمة وسميت موصل بمعنى مكان يصل كل شيء من التجارة والمعاشرة للبيع ,وفي زمن الدولة الاموية اصبحت الموصل أهم مراكز انطلاق للفتوحات الاسلامية بعد ان استقرت بها القبائل العربية وساد الاسلام كدين فيها اضافة الى بقية الديانات الاخرى القليلة والتي احتفظت بأرثها من زمن بعيد , كما تعاون اهل الموصل مع دولة بني العباس لدى اخر معركة مع قيادة الدولة الاموية معركة الزاب الحاسمة والتي انتصرت فيها فلول الدولة العباسية وتحطمت دولة بني أمية سنة 749 م , وحكم ايضا الحمدانييون الموصل كمندوبين للخليفة العباسي وزدات استقلاليتهم تدريجيا عندما ضعفت الخلافة العباسيىة واستقلوا بذلك حتى اصبحت الموصل إمارة مستقلة بشكل فعلي وتطورت الموصل في زمن حكم الحمدانيين من ناحية البناء والحضارة وازدهرت بيها الحياة والقصور التي بنيت على مشارف نهر دجلة وكانت اثارها شاهدة لكل من زارها في وقتها وقد كتب عنها الكثير من المؤرخين ودونت في كتب التاريخ , اما في العصر الحديث فقد تعرضت الموصل الى قمع واضطرابات اثرت على الحياة الاجتماعية والاقتصادية لسكان الموصل بسبب قيام حركة الشواف عام 1959 من اعمال عنف وماثلها في منطقة كركوك على اعقاب حركة العصيان العسكري المسلح من العقيد عبد الوهاب الشواف واشترك فيها العميد ناظم الطبقجلي ورشيد عالي الكيلاني , وتضررت الموصل من هذه الحركة بعد ان تحركة طلائع وقوى ثورة تموز بقمعها مما جعل سكان اهل الموصل ان يبتعدوا عن اي نشاط سياسي او عصيان ضد الحكومات المتعاقبة خوفا من اعادة التجربة القاسية عليهم ,وبعد دخول تنظيم داعش كان لسكان الموصل دورا كبيرا في احتضان هذه الحركة للتخلص من الحكم العسكري وهم يعتقدون ان داعش المنقذ الحقيقي ,وسرعان ماتضرر سكان الموصل من الطقوس الغريبة والدخيلة عن الدين الاسلامي بعد ما انزلت عناصر داعش القصاص والجلد وقطع الرؤوس والصاق التهم بشعب غسلت ادمغتهم منابر التحريض والفتن وسايروا مشايخهم طوعا في بادىء الامر الا انه اتضح حقيقة التنظيم الماسوني واهدافه , وبتاريخ 17ـ ت1 ـ 1916 اعلن رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي عن بدأ عمليات تحرير نينوى وانقاذ شعبنا في الموصل من سطوة الارهاب وخاضت القوات المسلحة بما فيها حشدنا المقدس الذي امتثل لكل تعليمات المرجعية من شرف العقيدة واحترام حقوق الناس وراع الأمانة وكان له الدور الاول في اعادة الثقة لكل مقاتلي جيشنا بعد الانكسارات والهزائم في ظروف صعبة , داعش عدو للحضارة والارث التاريخي التي تميزت به الموصل فقد فجر في ايامه الاخيرة جامع النوري ومنارة الحدباء الذي بناه نور الدين زنكي في القرن السادس الهجري واستمرت معالمه لتسع قرون وشيد الجامع بمنارته الحدباء نحو الشرق بعد ان حوصر وفقد كل شيىء بدأ يظهر وحشيته من حجز الاطفال والشيوخ كدروع من تفجير وتخريب اي معلم حضاري , وفي يوم 29ــ حزيران ــ 2017 وبعد قتال استمر حوالي 254 يوم تحت اصعب الظروف الجوية وخلال غرة شهر رمضان لم يتوقف القتال ,أعلنت وزارة الدفاع العراقية عن نهاية وجود داعش في الموصل وماتبقى هو عبارة عن عناصر سيتم تطهير المناطق المتبقية , وبذلك تحررت الموصل من اذناب داعش والتحرير الثاني هو ان قلوب وضمائر اهل الموصل قد تجلت لهم المعرفة بان من قاتل في سبيلهم واعطى الدماء الزكية هم من اهالي الوسط الجنوب والذين كانوا ينظرون اليهم بعين الطائفية المقيتة بسبب مابث في مسامعهم من كراهية وحقد عليهم في سبيل ان لايلتحم الجسد الواحد في عراقنا وننبذ الخلاف الطائفي ,فأتمنى ان تزال الاحقاد وان يهضموا الدروس والعبر اهالي نينوى بما جرى عليهم من ويلات ويتذكروا بان اهل الوسط والجنوب قدموا لهم انفسهم قربانا من اجل تخليصهم من نار داعش وسيبقى هذا العمل خالدا وجيد معلق في عنق كل مواطن من اهالي نينوى واشد عقوبة عند الله رجل كافىء الاحسان والمعروف بالسيئة .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here