بولتون: العراق بوضعه الحالي لا يعتبر صديقاً


أكد السفير الأمريكي الأسبق لدى الأمم المتحدة جون بولتون، أن الولايات المتحدة بحاجة إلى وضع استراتيجية لمرحلة ما بعد داعش، فيما أشار إلى أن “العراق بوضعه الحالي لا يعتبر صديقاً”.

وقال بولتون في مقال نشرته له صحيفة “وول ستريت جورنال الأميركية” إن “على الولايات المتحدة التخلي عن دعمها العسكري للحكومة العراقية الحالية أو خفضه بشكل كبير”، مشيراً إلى أن “الشيعة الموالين لإيران هم الذين يهيمنون على العاصمة بغداد، رغم بقاء القشرة الثلاثية بين الكورد والعرب السنة والشيعة والعلاقة الهشة بينهم”.

وأضاف بولتون، أن “حال العراق اليوم تشبه حال أوروبا الشرقية في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي، حيث شددت موسكو قبضتها عليها”، موضحاً ان “توسيع السيطرة السياسية والعسكرية لبغداد على المناطق التي استعادتها من تنظيم الدولة إنما يزيد من قوة إيران، وهذا لا يمكن أن يكون من مصلحة الولايات المتحدة”.

وأشار إلى أن “الكورد في العراق على وشك التمتع باستقلالهم بحكم الأمر الواقع، وهم على وشك إعلانه بحكم القانون”، مؤكداً أن “الكورد يقاتلون تنظيم داعش من أجل تسهيل إنشاء كوردستان أكبر”.

وشدد بولتون على أن “الولايات المتحدة بحاجة إلى وضع استراتيجية لمرحلة ما بعد داعش، بحيث تكون الغلبة في المنطقة لأميركا وليس للنفوذ الروسي والإيراني”، مبيناً ان “على أمريكا أن تدرك أو تعترف بأن كلا من إيران وروسيا خصم، وأن العراق بوضعه الحالي لا يعتبر صديقاً”.

وتابع بولتون أن “تطورات الأحداث في سوريا صارت لافتة للنظر، وهناك دلائل على أن حكومة الأسد قد تكون تخطط لشن هجوم جديد باستخدام الأسلحة الكيميائية”، موضحاً أن “طياري الولايات المتحدة سبق أن قصفوا قوات كانت تهدد حلفاء أميركا في سوريا، وأسقطوا طائرة سورية وأخرى من دون طيار إيرانية الصنع”.

وحذر المسؤول الأمريكي الأسبق من “تزايد احتمالات المواجهة العسكرية المباشرة بين أميركا وروسيا”، مشيراً الى ان “تغطية هذه الحوادث والاستجابات التكتيكية لها تحجب القصة الأوسع”.

وأوضح بولتون، أن “الحملة البطيئة على تنظيم الدولة توشك على الانتهاء، لكن القضايا الإستراتيجية الرئيسية لا تزال دون حل”، مؤكداً ان “المسألة الحقيقية ليست مجرد تكتيك، بل إنها تتمثل في افتقار الولايات المتحدة إلى التفكير الإستراتيجي إزاء الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد التنظيم”.

وبين المسؤول الاميركي أن “إلحاق الهزيمة بداعش سيترك فراغا سياسيا إقليميا في الشرق الأوسط ويجب سد هذا الفراغ بطريقة أو أخرى”، لافتاً الى انه “بدلا من تكرار أخطاء الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما فإنه يجب على إدارة دونالد ترمب القيام بإعادة تقييم مؤلمة على طريقة وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون فوستر دلاس، وذلك من أجل تجنب تبديد النصر على الأرض”.

وتابع بولتون الحديث عن نظرة الكورد وخاصة منهم الذين في العراق أو سوريا أو تركيا بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وقال إنها “نظرة غير متجانسة أو مختلفة”، مؤكداً انه “ليس جميعهم ينظرون إلى أمريكا نظرة إيجابية”. وتحدث بولتون عن “الأحزاب الكوردية والفصائل الكوردية المسلحة المتورطة في الحرب في سوريا، وعن مدى تهديدها الأمن الإقليمي بالنسبة إلى تركيا”، داعيا إدارة ترمب ألى “القاء نظرة واضحة على التدخل الروسي في سوريا حيث نُذر الاشتباك بين القوات الأمريكية والروسية”.

وتساءل لماذا روسيا نشطة في سوريا؟ وأجاب لأنها تساعد حلفاءها ممثلين في الأسد وآيات الله الإيرانيين، وقال إنه لا يمكن إنكار أن روسيا تقف في الجانب الخطأ، ولكن أوباما الذي عمي عن الواقع اعتقد أن واشنطن وموسكو تشتركان في تسهيل عملية إخراج الأسد من السلطة.

وقال بولتون إنه يجب أن يكون التفكير الجديد لإدارة ترمب موجها نحو هدف واضح، وهو إبطال هذه المكاسب الإيرانية والروسية.

ومضى بولتون في الحديث عن محاولات طهران تدعيم نفوذها في المنطقة من خلال السيطرة على أراض انطلاقا من إيران نفسها ومرورا بالعراق الذي تسيطر عليه حكومة بغداد الحالية ثم عبر سوريا الأسد فإلى لبنان الذي يسيطر عليه حزب الله اللبناني.

واكد أن “هذا من شأنه أن يمهد الطريق للصراع المحتمل المقبل في المنطقة وهو الذي يتمثل في التحالف الشيعي الإيراني في مقابل التحالف السني الذي تقوده السعودية”، مشدداً انه “يتعين على التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة القيام بعرقلة الطموحات الإيرانية مع سقوط تنظيم الدولة في المنطقة”.

وشدد بولتون على ضرورة “تأمين المزيد من القوات والدعم المالي من الحكومات العربية الإقليمية، على أن تكون حصصهم في هذا السياق مرتفعة جدا، وذلك رغم التناقضات بين دولة قطر والمعسكر السعودي”، مبيناً ان “الولايات المتحدة ملأت عن طريق الخطأ هذا الفراغ أو الفجوة من خلال القوات الحكومية العراقية والمليشيات الشيعية”.

وأوضح بولتون أن “واشنطن توهم نفسها أو تميل إلى الاعتقاد بأن السّنة سوف يقبلون بحكم الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة في العراق أو بالنظام العلوي في سوريا”، لافتاً الى ان “استعادة الحكومة الراهنة في كل من بغداد ودمشق لحدود ما بعد الحرب العالمية الأولى من شأنها أن تضمن تجديد الدعم للإرهاب والصراع في المستقبل”.

وأضاف بولتون بالقول إنني سبق أن “اقترحت إنشاء دولة جديدة علمانية وديمغرافية سنية في أراضي غربي العراق وشرقي سوريا، ولكن قد تكون هناك حلول أخرى، غير أن التلهف أيضا للعودة إلى الحدود التي رسمها الأوروبيون منذ قرن تقريبا لا يعتبر أحد هذه الحلول”.

وأشار إلى أن “على الولايات المتحدة أن تبدأ بالعمل على دحر الوجود الروسي المتجدد في المنطقة وعلى إبطال تأثيره في الشرق الأوسط”، لافتاً الى ان “التدخل الروسي -ولا سيما محور موسكو مع الأسد وملالي طهران- إنما يهدد بشكل خطير مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل وأصدقاءنا العرب في المنطقة برمتها”.

وبين بولتون أن “سقوط الأسد كان أمرا مؤكدا لولا تدخل روسيا وإيران، لكن طهران ونظام الأسد لا يزالان يدعمان الإرهاب ويرتكبان أعمال العنف تحت مظلة الحماية الروسية”، مؤكداً انه “ليس هناك ما يدعو الولايات المتحدة إلى اتباع استراتيجية تعزز نفوذ روسيا أو وكلاءها وأتباعها في المنطقة”.

وختم بولتون حديثه بالقول ان “الحوادث في سوريا والعراق تعرّض القوات الأمريكية للخطر المتزايد، ولا ينبغي لواشنطن أن تضيع في مفاوضات خفض التصعيد أو في تغييرات متواضعة في قواعد الاشتباك”، مبيناً انه “بدلا من ذلك ينبغي لإدارة ترمب أن تعيد صياغة الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة لضمان أن تكون الغلبة لمصلحتها بمجرد إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش، وليس لمصلحة روسيا أو إيران”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here