محمد بن سلمان والحرس القديم

ادهم ابراهيم

تاسست الدولة السعودية بالتحالف مع الحركة الدينية السائدة آنذاك . ولذلك اتسم طابعها بالتوجه الديني وقد ساعد وجود مكة المكرمة فيها على هذا التوجه ايضا . وبقي الطابع الديني سائدا فيها الى يومنا هذا

وقد كانت السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية معادية دائما لكل حركات التحرر العربية والعالمية . وكانت تتماهى على الدوام مع مصالح الولايات المتحدة الامريكية . فيما عدا الفترة اللاحقة للاتفاق النووي مع ايران في عهد الرئيس الامريكي السابق باراك اوباما والتي اتسمت بالفتور

كما اتصفت سياستها الداخلية بشكل اساسي على معاداة المرأة وعزلها عن المجتمع . مع حظر كل وسائل الترفيه الثقافي والاجتماعي والفني للشباب السعودي ، وقد ادى ذلك الى التطرف الديني الى حد اليأس من الحياة ، وتبني العمليات الانتحارية وشيوعها كظاهرة جهادية في الوطن العربي والعالم اجمع

ان الجمود بالحياة السياسية والاجتماعية للمملكة العربية السعودية وثباتها على مفاهيم متخلفة ، وتفسيرات دينية متشددة قد دفع الاسرة الحاكمة فيها الى ادراك مخاطر هذا الركود على المستوى الداخلي والخارجي ، والتشدد مع المواطنين مما قد يؤدي الى ضياع الحكم من هذه الاسرة الحاكمة . . ولذلك نجد ان الملك سلمان ، ومن خلفه هيئة البيعة المتكونة من الاسرة الحاكمة ، قد اختاروا نجله محمد بن سلمان ابن ال 31 عاما ليكون ولي عهد المملكة ، ومن ثم الملك القادم . ليكون اول شاب يدير المملكة بعد سنوات طويلة من حكم الملوك المسنين

ان المملكة العربية السعودية بحاجة الى تحديث نفسها بما ينسجم مع التطور العلمي والحضاري الذي يشهده العالم ، وان بقاءها معزولة عن ركب الحضارةبهذا الشكل يجعل منها دولة فاشلة متخلفة

ولانعلم عما اذا كان ولي العهد الشاب الجديد سيتمكن من تجديد الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية للمملكة ، ام سيكون شبيها لبشار الاسد ، الذي حاول اصلاح النظام السياسي في سوريا ، عقب وفاة والده . الا انه اصطدم بكتلة النظام الحاكم من السياسيين والطفيليين المتنفذين في عهد والده ، وهو مايطلق عليه الحرس القديم ، الذين لايرغبون باي تغيير للحفاظ على مصالحهم ونفوذهم على حساب مصلحة الشعب العليا

ان الوضع الاقتصادي السعودي سائر نحو التدهور نتيجة انخفاض اسعار النفط ، والكلفة العالية لحربها في اليمن ، دون ان تحقق نجاحات على المستوى المنظور ، رغم مضي اكثر من سنتين على هذه الحرب . . كما

ان الوضع الاجتماعي المتدهور وخصوصا النظرة الدونية تجاه المرأة بحاجة الى اعادة نظر لتساهم في النشاطات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة ، اضافة الى ان المملكة بحاجة الى توفير مراكز ثقافية وفنية وترفيهية للشباب السعودي العاطل عن العمل بعد فشل السعودة . اي احلال السعوديين محل العمالة الاجنبية . حيث ان السعوديين يعزفون عن كثير من الوظائف لاسباب شتى ومنها توفر الموارد المالية الكافية لهم ، نتيجة الدخل القومي المرتفع للمملكة الذي لن يستمر طويلا مما يتطلب حشد الشباب في العمل بدل تعاطيهم المخدرات على نطاق واسع كما هو جاري ، ومتزايد بشكل مخيف في المملكة

ان هذه العلل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها المملكة تعود كلها الى وجود وتسيد طبقة من الفقهاء الذين يفتون بفتاوي رجعية متطرفة ، ويتسمون بالانعزال الفكري عن كل مظهر من مظاهر الحضارة الانسانية المتقدمة . . ان فئة الفقهاء والحرس القديم من الطبقة الحاكمة المستفيدة من هذه الاوضاع سوف تقف عائقا امام اي اصلاح قد يتوجه اليه الملك القادم . . وانني ارى ان التصادم سوف يحصل

سريعا ، مما يجعل المملكة السعودية في مفترق طرق ، اما ان تنهض على وفق اسس قريبة من التحضر والتمدن ، او بقاء الوضع على ماهو عليه من ركود وتخلف في المجالات كافة . ان مهمة التطوير هذه ستكون من الصعوبة بمكان اذا ماعلمنا ان الحرس القديم في السعودية يملك هيئات وادوات دينية قسرية متنفذة تمنع اي تطور او تقدم لهذا المجتمع المنغلق على نفسه

يضاف الى ذلك السياسة الخارجية المتشددة التي سوف تتبع ، وربما ستؤدي الى منزلقات خطيرة اذا ماتهور الملك الشاب باتخاذ قرارات قد تؤدي الى صدامات عسكرية مع دول الجوار وخصوصا ايران . حيث ان هذا الصدام لايحقق اي مصلحة لايران او للعربية السعودية او لدول الجوار

ادهم ابراهيم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here