عمار الحكيم بين إستغلال الفرص وإستثمارها؟؟؟

نور الدين البهادلي

لستُ من الذيّن يميلون الى هذا الشخص، لكنني متابع لحركاته وسكناته, ملماً بخطاباته, متمعناً بكلماته، أراه يستثمر كل لقاء وكل مؤتمر خارجي كان أو داخلي, ليطرح كل ما يختص بالشأن العراقي، محاولاً في ان يجعل من نفسه اباً للشعب العراقي، تابعت كلمته في المؤتمر السابع لسوق الفيلم الإسلامي، المنعقد في (إيران) تحت رعاية الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية.

 

الحكيم كعادته يتحدث في أولويات، حسب المكان والزمان وتسلسل الأحداث، استهل حديثه حول القضايا التي تهتم بالشأن العربي والإقليمي، تحدث عن ما يجري في (سوريا واليمن ولبنان والبحرين)، أرسل رسالة خفية عن اسباب تأزم الوضع في تلك الدول، تحمل في طياتها الكثير من الإشارات في الاسباب والمسببات، كما إنه لم يجعل العراق في معزل عما يجري في المنطقة العربية، مشيراً الى أيادي خفية وراء ذلك، كما أشار الى وجود أدلة تنبئ عن تورط البعض في إشعال المنطقة بنار الحروب الداخلية، لكنه نئى بنفسه ان يشير بأصابع الإتهام الى جهه معينه، فكانت اشاراته واضحة جداً، بقدر ما أراد ان يجعلها رسالة مخفية.

 

عمار الحكيم إستغل وجود الحاضرين في المؤتمر،  وزف بشائر الإنتصارات المتحققة في العراق، وأشاد بالدور الإنساني الذي تعاملت به القوات الأمنية مع المدنيين، والأداء المتميز في تحرير المحتجزين لدى داعش، كما إنه لم ينسى ان يذكر العالم، بمدى وحشية وشراسة ذلك العدو الظلامي، وإن المعركة لم تكن من اجل العراق فقط، وإنما كنا نقاتل نيابةً عن العالم بأسره، لكن حديثه كان واسع المفاهيم، وأوصل رسالة واسعة المضامين الى العالم.

 

قد يستغرب الكثيرمن ثقة عمار الحكيم بنفسه، واصراره على المشاريع التي يطرحها، فما زال متمسكاً بمشروع التسوية الوطنية الذي طرح سابقاً، المشروع الذي حاول الكثير من السياسيين إستغلاله، بعد إتفاقهم جميعاً على طرحه، لكن الغريب في الأمر إنهم حاربوه بكل قوة، ولا نعرف السبب هل هو الندم على طرح هكذا مشروع، ام من اجل استغلال الجمهور لمكاسب سياسية وحزبية؟ أم تناغم مع الجمهور.

الحكيم لن يتوقف أو يتردد في تسويقه في مثل هكذا مؤتمرات، مع العلم سمعنا الكثير من قيادات المجلس الأعلى التابع له، بإنهم تحدثوا عن التسوية وقالوا بأنها وئدت، وهو لا زال يصفه بمشروع إنقاذ العراق، وهو الكفيل بحل المشاكل العالقة بين جميع الأطراف، وقال في معرض حديثه إننا لن نتخطى الدستور، كيف لا يتخطى الدستور؟ فإذا كان ضمن الأطر الدستورية لماذا يذهبون للتسوية، لماذا لا تحل تلك المشاكل ضمن الدستور؟ اكيد هناك امور كثيرة يمكن حلها بدون ان تتعارض مع الدستور، وهذا ما يشير له الحكيم في كل مرة.

 

عندما استمعت لخطاب الحكيم، شعرت انه يتحدث في مؤتمر خاص بالشأن العراقي، وان المتحدث رئيس حكومة وليس رئيس حزب، حاله حال الكثير من رؤساء الأحزاب، التي لا يعنيها الشأن العراقي، بقدر ما يعنيها شأن احزابها.

 تحدث عن امور كان الأجدر ان نسمعها من رئيس الحكومة، تحدث عن الإصلاحات الداخلية, وعن مكافحة الفساد, والسيادة العراقية، وضرورة خروج كل اجنبي على ارض العراق مهما كانت صفته, تحدث عن وحدة العراق ورفض التقسيم، وهي إشارة الى المشروع الكردي الإسرائيلي، الداعي الى قيام الدولة الكردية, كما دعى الى ثورة من اجل تصحيح المسار للدولة العراقية، وطالب بحشد مدني شبيهً للحشد الشعبي، حشد إنساني من اجل رعاية عوائل الشهداء والفقراء والمعوزين, وحشد صحي لتقديم الخدمات المجانية لمحتاجيها, وحشد إقتصادي من اجل النهوض بالواقع الإقتصادي للبلد ودفع عجلة التقدم, وحشد علمي وثقافي وإعلامي من اجل بناء مجتمع واعي ومثقف، يدرك مدارك الأمور جيداً، لدعم المسيرة الصحيحة لبناء البلد والنهوض به بمصاف البلدان المتقدمة، وضرورة إشراك الجماهير في صناعة القرار.

 

وختم حديثه بالإشارة الى إمكانية العراق ان يكون لاعباً اساسياً في تجسير العلاقات بين المتخاصمين، وهذا ما يردده دائماً، وكرر دعوته لدول المنطقة الى الجلوس على طاولة تجمع الأخوة الكبار، لتدارس جميع الخلافات والإختلافات بين المتخاصمين، وتقريب وجهات النظر بينهم، وإن العراق قادراً على ذلك، وأن يكون الإجتماع من اجل المصالح المتبادلة والمشتركة بينهم.

 

لا اعرف لماذا يحارب الحكيم، ولماذا لم يقفوا معه في دعم وتدعيم رؤيها، لماذا تجابه مشاريعه بالرفض؟ مع العلم انه في كل مؤتمر او اجتماع تكون اولويات حديثه هي العراق، والمشاكل العراقية، يبحث عن نقاط التقارب بين الفرقاء، يدعو للعراق اكثر بكثير مما يعو لحزبه وجماعته، فالواضح انه يستثمر كل شيء من اجل العراق، ولا يستغل الأشياء لصالحه كما يعتقد البعض.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here