النجف / رؤى زهير شكر
في الوقت الذي كان يجب أن تصل فيه (هدى) وصغيرها الى طهران على متن الخطوط الجوية الإيرانية لترافق زوجها عمليته الجراحية، قضت اكثـر من ست ساعات في (مطار النجف الدولي) وهي تنتظر طائرتها التي كان من المقرر أن تحلق قبل موعد دخول زوجها صالة العمليات، تنتظر والقلق يلتهم حطب روحها حالها حال عشرات المسافرين ودون معرفة لسبب التأخير، وبعد شد الحديث معها وجلبه تبيّن انها مواطنة ايرانية ذات اصول عراقية كانت في زيارة لمدينتها الأم قبل حصول ظرف صحي طارئ لزوجها، كانت تتمنى لو أنها رأت النجف كما يصورها الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي، إلا أن واقع المدينة قد صدمها بدءاً من (مطار النجف) وصالته وعدم انتظام اوقات الرحلات وطريق المطار وليس انتهاءً بشوارعها المتربة وقمامة أرصفتها وفوضى محلاتها السكنية والتلكؤ الذي ضرب معظم مشاريعها رغم توفر الواردات من جهات عدّة ومنها واردات المطار التي يمكن أن تعيد بناء مدينة النجف مرّات عدة..
عشرون مليون دولار
قبل فترة قصيرة كان وزير النقل كاظم الحمامي قد زار مطار النجف الدولي برفقة وفد من لجنة الخدمات البرلمانية وبحضور مدير عام الطيران المدني حسين محسن، ومدير عام الشركة العامة للخطوط الجوية العراقية سامر كبة وعدد من المعنيين في الوزارة، وقام بجولة على منشآت المطار مطلعاً على التوسعة في مرافقه الاساسية التي من المؤمل انجازها حسب المواصفات الدولية ووفقاً للتوقيتات الزمنية المحددة لها ومن خلال مؤتمر صحفي قد تم عقده على أرض المطار، وضّح وزير النقل قائلاً “إن المطار سيوفر واردات تقدر بـ 20 مليون دولار للمحافظة، التي تعد احد المقومات الاساسية لديمومة عمل المشاريع” مشيداً في الوقت ذاته بـ “التقدم الحاصل في معظم مشاريع التوسعة من صالات مسافرين جديدة ومدرج لهبوط الطائرات، فضلاً عن الخدمات الجيدة المقدمة للمسافرين. حسبما رآه الحمامي!
مطار النجف منافس لمطارات المنطقة
قبل أيام قليلة، أعلن الشيخ فائد الشمري رئيس مجلس إدارة مطار النجف الاشرف الدولي عن إكمال خارطة الطريق لأغلب المشاريع العملاقة التي شملت جميع البنى التحتية والسلامة الجوية وأمن الطيران والتي دخلت حيز التنفيذ مما جعلته يتنافس مع مطارات المنطقة ويتقدم على المطارات العراقية . موضحاً ازدياد عدد الرحلات في عام 2016 إلى 14,118 من مختلف دول العالم، بينما وصلت إعداد المسافرين إلى (3,341,463) ثلاثة ملايين وثلاثمئة وواحد واربعون الفاً واربعمئة وثلاثة وستون مسافراً، اذ سجلت نسبة النمو زيادة (19%) في إعداد المسافرين بينما سجل نسبة النمو إلى (18%) في عدد الرحلات وهذا مؤشر واضح يدل على النقلة النوعية التي تبناها مجلس إدارة المطار منذ تسلم إدارته عام 2013 ولغاية الآن “. واشار الشمري في ختام حديثه إلى (المباشرة ببناء مشروع انشاء مدرج جديد وفق معايير عالمية مدروسة والمباشرة بمشروع الصالة الجديدة الكبرى، حيث تحتوي على خراطيم كبيرة لإيصال المسافر الى الطائرة مباشرةً ومن المقرر أن تستوعب 12 مليون مسافر سنوياً والمباشرة بمشروع بناية(VIP) وتأتي هذه المشاريع ضمن الخطة التطويرية لهذا العام).
باص واحد وغير مكيّف
في عام 2008 تم افتتاح مطار النجف الدولي رسمياً وقد تم إنشاؤه على قاعدة جوية عسكرية سابقة، يضم مبنى الركاب بالمطار بوابتين للمسافرين لإيصال الركاب للطائرة عن طريق الحافلات، كما يحتوي مبنى الركاب على مكاتب لشركات الطيران والخدمات ومواقف للسيارات وبرج مراقبة وصالة للشحن الجوي وصالة لكبار الزوّار، وعن خدمات المطار ومايقدمه للمسافرين تحدث الناشط المدني ازهر ابو غنيم لـ(المدى) مبيناً: أن سوء الخدمات التي يقدمها المطار لمسافريه بدا واضحاً ومتردياً للجميع، فحينما يصل المسافر وقبل نزوله من سلم الطائرة كان يفترض أن يجد باصات مبردة تكفي لعدد المسافرين. مردفاً: إلا أن في (مطار النجف الدولي) على المسافرين البقاء تحت السلم والشمس الحارقة دون وصول الباصات وبعد وقت ليس بالقصير يكون قد وصل باص واحد غير مبرد وهذا مما زاد من امتعاض المسافرين). واسترسل: ابو غنيم بحديثه: في اغلب المطارات يوجد هناك جامع (للمسلمين) داخل المطارات، إلا أن في مطار النجف وكونها مدينة دينية تعتبر قبلة للشيعة، اعتمدت ادارة المطارآلية جديدة، اذ تم بناء جامع كبير يبعد عن بناية المطار بما يقارب (500) م وبسببه يجد المسافرون العناء في الوصول اليه تحت هذه الشمس الحارقة، معتقداً: انهم سيحتاجون إلى صرف مليارات أخرى لربط الجامع بصالة المغادرة لتتوفر فيها قاعة صلاة للرجال وللنساء وهذا العمل مقصود لغايات ومآرب. وختم ابو غنيم حديثه لـ(المدى) موضحاً عدم وجود صالة ترانسيت في مطار النجف على خلاف مطارات المنطقة والعالم، ففي كل مطار (دولي) يجب أن تتوفر صالة ترانسيت للمسافرين متمنياً تحسن اداء المطار وخدماته كونه يعد واجهة ومعلماً للوافدين إلى المدينة. مشيراً: الى ان تسلم الحقائب يتأخر لأكثر من ساعة وخارج صالة المطار تحت اشعة الشمس صيفاً وامطار وبرد الشتاء.
المطار والأيدي
العاملة فيه
(مابين حانة ومانة ضاعت لحايانا) ينطبق قول هذا المثل الشعبي على مايتصدر الإعلام من عدد التعيينات ومابين واقع لانعلم مايقع خلف كواليسه، هذا ما ادلت به المواطنة النجفية أم سجاد وهي تحدّثنا عن المطار وتعيين كوادره، فبعد أن قضمت الطائفية عمر زوجها وتركت لها مهندساً شاباً يعمل في احد المطاعم الشعبية في النجف، تمنت لو أن لها واسطة أو تزكية لعمل ابنها الوحيد في المطار بدلاً من تشغيل عمال (فلبين) مؤكدة لنا التعيينات الحالية تقتصر على مسؤولي ادارة المطار واعضاء مجلس المحافظة،، وفي هذا الشأن كشف رئيس كتلة المواطن في مجلس محافظة النجف خالد الجشعمي، في وقت سابق بأن مجلس ادارة مطار النجف، يقوم بالتعيين بصفة عقود في المطار بشكل غير قانوني وخارج الضوابط ولم يراع معايير العدالة والاستحقاق المبني على الاختصاص والشفافية في الاختيار، مؤكداً تقديمه تقريراً لرئيس المجلس يوضح فيه كافة الخروق المالية والادارية في ادارة المطار.
مجلس المحافظة
وشركات الاستثمار
بدأ عمل المطار كفرصة استثمارية أولى لشركة كويتية عملت حتى عام ٢٠١١ حيث قرر مجلس المحافظة بعدها فسخ العقد مع الشركة لعدم التزامها ببنود العقد، ومن هنا بدأت رحلة الشد والجذب بين الشركات المستثمرة ومجلس المحافظة والطرف الأهم وهو ادارة المطار، وفي هذا الشأن بّين الباحث والناشط المدني مكي السلطاني لـ(المدى): أن مطار النجف قد تم افتتاحه في العام 2008 وقد شيّد من الاموال المخصصة للمحافظة، في البداية كانت ادارة المطار وتشغيله من قبل شركة العقيق الكويتية على أن تقوم بتطويره حسب العقد الموقع بينهما بعدما حدث تلكؤ وخلاف مع الشركة الكويتية، مما جعل مجلس المحافظة يشكل ادارة جديدة وفق المحاصصة الحزبية. مستطرداً: وحتى التعيينات في المطار أيضاً هي وفق تقسيم يعرفه الجميع، حيث الصراع السياسي واطماع المنافع قد طغى على جميع المفاصل مما جعل الأمور تتوتر دائماً بين المحافظة والمطار وتارة أخرى بين البعض من كتل مجلس المحافظة المهيمنة..
الجميع يرى في محاصة المطار وتعييناته وعدم وجود خطة بيانية واضحة تبيّن ايرادات المطار وصرفياته والمبالغ المستحصلة وأين تذهب، كل هذه الأمور تصب في خانة شبهات الفساد وهذا مااختتم به الناشط مكي السلطاني حديثه: أن ملابسات حصار المطار من قبل واحدة من الجهات المسلحة قبل فترة قصيرة ماهي إلا دليل قاطع على تعدد أوجه الفساد في ادارة المطار اضافة الى عدم مهنية اعضاء ادارة المطار من حيث تمثيلهم لجهات سياسية.. مؤكداً: أن عدم توجد هيئة رقابية على ادارة المطار تجعل الأمور منفلتة اكثر، فلا أحد يعلم اين تذهب الاموال المستحصلة والارباح للحكومة المركزية أم المحلية في النجف. وفي ختام حديثه أوضح السلطاني: ابتكار بعض اعضاء مجلس المحافظة وبعض القوى المتنفذة بدعة طرح المطار فرصة استثمارية هي بوابة فساد أخرى. مبيناً: أن هذا مخالف لأبسط مفاهيم واعراف الاستثمار متسائلاً، هل هي ادارة ام استحواذ. لافتاً: فحتى الآن لم تحسم القضية ولم توضح اي من الكتل ماهي اهدافها ومراميها، ولكن الجميع بالتأكيد اصبح منتفعاً بل منتفعاً جداً من بقاء المطار على وضعه المتأرجح هذا؟
دعوة المرجعية للتدخل
عضو مجلس محافظة النجف، زهير الجبوري، بيّن سنحول مسألة مطار النجف الى قضية رأي عام وندعو الشارع النجفي الى التصرف وابداء رأيه في وقف هدر امواله. موضحاً: أن بعض الاحزاب في مجلس محافظة النجف تريد تحويل مطار النجف الى الاستثمار على الرغم من عدم حاجة المطار لشركات استثمارية لأنه متكامل. مبيناً: أن هذه الشركات هي قريبة من الاحزاب المتنفذة . لافتاً: الى أن هذه الاحزاب تحاول الاستحواذ على المطار بطريقة أو بأخرى حتى تستفاد من مقدراته المالية، متجاهلة المشاريع المتلكئة والمتوقفة في المحافظة التي تمس حياة المواطن بشكل يومي.
وليس ببعيد عما ذهب اليه الجبوري، حمّل عضو اللجنة القانونية البرلمانية، صادق اللبان، رئيس الوزراء حيدر العبادي، مسؤولية الفساد الاداري والمالي المستشري في مطار النجف. ودعا النائب عن محافظة النجف في بيان صحافي اطلعت عليه (المدى) رئيس الوزراء الى التصدي بحزم تجاه ما يحصل من مخالفات ادارية ومالية وشبهات فساد في مطار النجف الدولي. ذاكراً: إن الحكومة المحلية في النجف تحاول التغطية على الوضع القانوني وشبهات الفساد والتصرفات المالية في مطار النجف الدولي، وهذا الأمر يعد خطيراً ومخالفاً لما ينادي به رئيس الوزراء حيدر العبادي بمحاربة الفساد، ويكشف عن خلل واضح في ادارة المطار.
ودعا اللبان : المرجعية الدينية في النجف واهالي المحافظة الى الوقوف الجاد والحازم تجاه ما يحصل في المطار. مشدداً: على ضرورة عزل الإدارة الحالية للمطار وتصحيح وضعه واعادة ادارته الى الحكومة التنفيذية المحلية في النجف والتحقق من كل الملفات الادارية والمالية في المطار، معتبراً: اتخاذ اي اجراء غير تنفيذي بحق المشكلة، بأنه تلاعب بالمال العام واستغلال السلطة بصورة سيئة، وتعرض المطار الى خطورة حقيقية.
وطالب اللبان قادة التحالف الوطني بالوقوف ولو مرة واحدة، تجاه ما يحصل في مطار النجف لإثبات صدق النوايا، لافتاً الى أن، الايام المقبلة كفيلة بمعرفة من تهمه المصلحة العامة ومن تهمه المصلحة الشخصية.
تنسيقيات النجف
تعلن موقفها حول استثمار مطار النجف
وفي ظل تسارع الاحداث والتسريبات مع اتمام صفقة استثمار مطار النجف وحسب تلك التسريبات، أن صوت عضو مجلس المحافظة وصل الى حدود (300) الف دينار أصدر تجمع تنسيقيات النجف الأشرف بياناً بيّن فيه موقفه مما يدور حول مطار النجف مستهلاً البيان: شهد مجلس محافظة النجف الأشرف في الأيام الأخيرة حراكاً محموماً لاعادة اقتسام كعكة مطار النجف الأشرف الدولي على وفق منهج المحاصصة المقيت ذاته الذي أودى بالبلد ومقدراته واقتصاده إلى الضياع وحرمان شعب العراق من فرصة تأريخية لاستعادة عافيته والبدء بمشاريع تنمية حقيقية تكفل اعادة الحياة للاقتصاد ورفاه المواطن… مضيفاً: ومن بين أهم ما طرحه زعماء المحاصصة في مجلس المحافظة خياران أساسيان، مفاد أحدهما أن يذهب المطار فرصة استثمارية لمن نهب موارده واغتنى على حساب المال العام … والثاني أن يبقى الحال على ما هو عليه ليبقى المطار نهباً بين الأحزاب المتحاصصة المتنفذة في مجلس المحافظة… وفي هذه الأجواء نودّ أن نبين لجماهير نجفنا الحبيبة الحقائق الآتية:
1. يعد مجلس محافظة النجف الأشرف من الناحية القانونية منتهي الولاية، لكونه أنهى أربع سنوات بالتمام من عمر دورته الانتخابية، وهذا الأمر منصوص عليه بشكل لا لبس فيه في قانون مجالس المحافظات ٢٠٠٨ المعدّل (المادتان ٤ و٦-أولاً)، وعليه فوجوده اليوم أصبح غير قانوني، ولا شرعي، وليس من حق رئيسه ولا أعضائه أن يعقدوا اجتماعاً ولا أن يصدروا أمراً أو قراراً.
2. إن السجال الدائر اليوم على رئاسة المجلس ما هو إلا شكل من أشكال الصراع على النفوذ والسلطة والمال والامتيازات، ولا مصلحة حقيقية للمجتمع النجفي فيه.
3. رفضنا ونرفض رفضاً قاطعاً خصخصة المشاريع الناجحة التي تدر على البلد أرباحاً وتحرّك اقتصاده نحو النمو والازدهار. ولذا نؤكد أن فكرة خصخصة المطار إنما هو مشروع فساد آخر يراد منه ابتلاع المطار ومقدراته بالكامل، والتغطية على ملفات الفساد السابقة فيه.
4. من أجل حل معضلة المطار، نطالب محافظ النجف الأشرف، وهو صاحب السلطة الإدارية العليا بحل ما يسمى بـ(مجلس إدارة المطار) المكوّن من ممثلين للأحزاب المتنفذة المتحاصصة في مجلس المحافظة، وإناطة إدارة المطار إلى كفاءات مستقلة لا تقل كفاءتها في مجال الطيران عن ٢٠ عاماً، حتى لو لم تكن محافظة النجف الأشرف، وحتى لو كانت كفاءات أجنبية، كما يحصل في كثير من مطارات الدول المجاورة، على أن تعلن سيرة المرشحين لإدارة المطار أمام الملأ العام. كما نطالب بأن تذهب نسبة من واردات المطار إلى صندوق خاص في خزينة المحافظة تخصص أمواله لمشاريع لتنمية المحافظة وفائدتها، بدل أن تذهب إلى جيوب السراق والفاسدين المتحاصصين، على أن يتم تنظيم الوضع الجديد للمطار بأيدي فريق من الخبراء المستقلين من النجف وخارجها يتم الإعلان عن أسمائهم للرأي العام.
5. نطالب هيأة النزاهة ومكتب الادعاء العام بفتح تحقيق موسع في ملفات المطار، منذ تأسيسه ولغاية اليوم، والكشف عن أوجه الفساد ومآل إيراداته بشفافية أمام الشعب، وإخضاع حساباته لمديرية التدقيق والرقابة المالية، ومحاسبة الفاسدين فيه والمتسببين بهدر أمواله طبقاً للقانون.
هذا وسيستمر تجمع تنسيقيات النجف الأشرف ومتظاهرو المحافظة بمتابعة هذا الملف والوقوف بحزم وشجاعة ضدّ محاولات بيع أو استغلال موارد محافظتنا وبلدنا الحبيبين.
المدى