حقيقة الأستثمار الأجنبي في بلادنا!

في بداية سقوط صدام الجاهل اللعين؛ دُعيت لجلسة خاصة مع مجموعة من العراقيين في كندا, لدراسة المساعدة المالية النقدية التي قدمتها حكومة كندا عن طريق البنك الملكي رويال بنك, و كان المبلغ النقدي المقرر هو 300 مليون دولار, جاءت ضمن مجموعة من المساعدات التي قدّمتها الدول الرأسمالية الأخرى كأمريكا و أنكلترا و فرنسا, المهم لا أعلم شيئاً عن حقيقة المساعدات الدولية الأخرى, لكني سأتحدث عن المساعدة الكندية الملكية للعراق, لعلمي بتفاصيلها!

تحدث الأخ المندوب الذي جاءنا من (اوتاوا) عن أهداف و كيفية صرف هذا المبلغ, و قدّم إستمارات للمهندسين و المختصين في المجالات المختلفة الراغبين بآلعمل في العراق, و كنت واحدا منهم, لكن الذي سمعته هو أن هذا المبلغ مجرد مساعدة لأقامة مشاريع ضمن توجهات و إرشادات الحكومة الكندية على أن تكون مشاريع أنمائية منتجة يضمن في النهاية البنك الدائن ليس فقط عودة أمواله التي قدمها كمساعدة ؛ بل و إستمرار دفع الفوائد و الضرائب و النسب المئوية المستحقة للبنك إلى آخر العمر!

إستوقفني كثيراً هذا الأمر .. و تساألت من المبعوث؛ كيف تعتبر هذه الأموال (تبرعات) أو (مساعدات) وهي مشروطة بهذه الشروط؟

لم أحصل على جواب؛ و كآلعادة حين لا يكون هناك جواباً لسؤآل .. يعني أنّ القضية فيه الكثير من الأمور التي نجهل حقيقتها و ما ورائها, بل على الأقل يمكننا القول, بأن المشروع شيئ آخر و إن كانت كمساعدة و تبرعات!

أنها إستعمار و هيمنة و تسلط بعيد الأمد و ليس إستثمار ينفع الناس, إنما جميع تلك الفوائد و الأستثمارات و العوائد المالية ستصب في جيوب المنظمة الأقتصادية العالميّة التي تتحكم بكل شيئ, و كما بيّنت لكم تفاصيل ذلك في مباحث سابقة.

و آلان يا أخواني الأعزاء: ما حكمكم بشأن الأستثمار الأجنبي في العراق الذي إدّعته الحكومة العراقية مؤخراً و الذي بدأ من لندن أم الفساد و مركز المؤآمرات ضد العراق و الأمة الأسلامية!؟

هل تعتقدون بأن أموالاً أجنبية لعائلة (روتشفيلد) ستُستثمر لصالح الشركات الأجنبية في العراق و لا (تُقدم كمساعدة) يُمكن أن تنفع العراق أو العراقيين؛ إن لم يكن ورائها ألف مشروع و مشروع إستعماري و عسكري و إقتصادي و سياسي و أمني و تجسسي وووو غيرها لمنفعة تلك الدول الأستعمارية الدائنة؟

ثمّ كيف يمكن للعبادي أو الجعفري البعثي أو الجبوري الأرهابي أو وزراء العراق الأميين فكرياً .. الذين يجهلون حتى عناوين هذه المسائل الكبرى أن يدّعوا كسب الخير و الرّزق للعراق, و هم أساساَ قد ثبت فسادهم و سرقتهم للمال العام فيما سبق و كما أثبتت لكم بآلأرقام و الحقائق التي لم تعد خافية .. أقلها الرواتب و المخصصات و الأستشاريات المليونية الحرام التي يعرفها حتى البدوي الذي يعيش في الصحراء!؟

الحلّ هو:
علينا أن نعمل مثلما فعلت الدولة الأسلامية المباركة؛ حين فرضت أوّل ما فرضت شروط كثيرة و قوية و تفصيلية على المستثمرين, منها؛
أن يكون المتحكم بالأستثمار شأناً عراقياً داخليا تفرضه المصلحة الوطنية و البنى التحتية, و كما كانت المشاريع الأجنبية الأستثمارية بين إيران و الدول الأوربية و الآسيوية عام 2016 و 2017م شأناً إيرانا يتحكم بتفاصيله الأيرانيون, الذين كانوا يفرضون علي تلك الشركات أن يكون حتى العمال و الفنيين و المهندسين إيرانيين في تلك الشركات .. هذا أولا!

و ثانياً: يجب أن تكون المشاريع المزمع تنفيذها تختص بآلأنتاج ألزراعي و الصناعي و التكنولوجي و ترتبط بآلبنى التحتية و رفض المشاريع الشكلية كفتح شركة للكماليات أو إنتاج المساحيق أو البسكويت أو لعب الأطفال أو ما شابه ذلك.

و هيهات أن يصل الساسة العراقيون لمستوى قادة الدولة الأسلامية التي لم نفهم للآن حقيقتها . . رغم إن الصّدر الأول أشار تفصيلاً لمكانتها و دورها و مستقبلها لكونها تعتمد على الله لا على أمريكا, و لكن غباء الدُّعاة الذين لم يعودوا ميامين .. و جهلهم بآلفكر و العقيدة, هي التي سببت فسادهم و عمالتهم!

و ثالثاً: يجب فرض شروط دقيقة على موارد تلك الشركات و المعامل التحتية قبل بدء المشروع و عدم التوقيع على أية إتفاقية لا تلاحظ فيها كل المسائل المالية و الإدارية و حتى مسألة الأيدي العاملة التي تعمل في تلك الشركات, التي عادة ما تجلب المدراء و الخبراء و المهندسين و العمال من بلادها, و بآلتالي العراق في هذه الحالة حين لا يكون له دور في تلك الشركات . . يكون وضعه مجرد حاضنة لأستثمارات أجنبية شكلية لا يجدي من ورائها العراق شيئاً!

و رابعاً : يجب تحديد قيمة الضرائب و العائدات و مجالات صرفها و كيفية الأستفادة منها, بحسب الشروط العراقية لا الأجنبية

و صدق كيسنجر منظر السياسية الأمريكية الحديثة حين قال: [لو خرجنا من بلد إستعمرناه عسكريا فأن إستعمارنا الأقتصادي و السياسي يمتدّ فيه إلى مئات السنين]!
و الحال أن الأمريكان و الأجانب لم يخرجوا من العراق للآن بل قواعدهم الأستعمارية و شركاتهم الأمنية؛ باتت ثابتة في غرب البلاد و الحدود السورية الأردنية!

و ختاما ًو للأسف الشديد: لا أرى أية فائدة من مقالي هذا, لأن العبادئ او الجعفري أو معصوم أو أو أمثالهم حتى لو إطّلعوا .. و سيطلعون عليه؛ سيخرجون أمام العراقيين المساكين الذين للآن لا يعرفون حقوقهم الطبيعيّة الشرعيّة .. و سيعلنون بأنهم يعرفون كلّ شيئ و إن الشركات الأجنبيّة كما تلاحظون سيفتحون المشاريع ووووو إلخ من الكلام المعسل الذي يتقنون عناوينه فقط أمام الأعلام للأستهلاك المحلي من دون تفاصيله ناهيك عن تطبيقه!

و بآلتالي سيبقى العراقيون كما كانوا في عهد البعث فاتحين فاهم ينتظرون الجنة الموعودة و لكن في صحراء قاحلة خالية من أيّ ثمر أو نهر أو فائدة!
و المشتكى لله.
عزيز الخزرجي
مفكر كونيّ

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here