هولاكو والملائكة… الإرهاب لا دين له.

حامد مهدي الزهيري
اجتمعوا أولئك الذين خلقوا من نور الله فتحدثوا بقدسية السماء أحاديث لم يتكلموا بها منذ أن خلقهم الرحمن.. أنهم أنوار الله القدسية الذين أسمائهم (بالملائكة) أنها المرة الأولى التي يخيم على وجوههم الحزن لأنهم لا يعلمون غيب الملكوت الأعلى ولا يعرفون متى يكون الفرج !!
قال ملك منهم في قلبه حسرة لما هم هكذا مفترقون لم تجمعهم كلمة الله على حد سواء؟ أليس ربنا القائل ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)!! ثم قال ملك آخر ولما هم لا يفقهون؟ أليس ربنا القائل (لهم قلوب لا يفقهون بها) فقال ملك آخر ولما هم لا يعقلون ولا يهتدون ؟ أليس ربنا القائل (لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون) ثم قال آخر وتعبه آخر وطال القال وكثر النقاش حتى تكلم الملك الذي كان صامتاً فقال : جوابنا عند هولاكو! فقالت الملائكة وما علاقة هولاكو يا ملكنا الصالح فأجاب ستعلمون بعد حين.
يجلب هولاكو ويقف أمام الملائكة فيدور الحديث التالي :
الملك: حدثنا أيها العابث ببغداد, حدثنا يا من افسد الأرض وسبى العباد حدثنا ماذا فعلت ببغداد.
هولاكو: يا ملائكة الله هناك كانت وقبل 759 عاماً أرضاَ معفرة برائحة الجنة اجتباها الله من الفردوس سميت ببغداد, ظلها دائم ونعميها قائم يجري بين ذراعيها نهران صافيان ينبعان من عين غير آسنة كأنهما سلسبيلا, سمائها صافية تتلألأ فيها النجوم كأنها قناديل معلقة, هوائها عذب فيه نسمات من نسائم الرحمن.
الملك : أكمل يا هولاكو.
هولاكو: يا ملائكة الرحمن .. كان لبغداد مجد وعنوان ! كان لها تأريخ وحضارة ملأ نور علمها الأفلاك والأكوان..رجالها رجال خيل وليل ما كبت خيولهم أنهم فرسان.. يضربون بالسيف ويكرمون الضيف لا يعرفون الهزيمة أو الخذلان, صائمون النهار قائمون الليل لم يهنوا ولم يستكينوا يقاتلون في سبيل دينهم كأنهم صف من بنيان, يعشقون الموت ويكرهون الحياة أنهم أعجوبة ذاك الزمان.
الملك : أكمل يا هولاكو.
هولاكو : يا ملائكة الله عندما يأتي مساء بغداد تتراقص الأضواء فيها كالنجوم.. وتغفوا العصافيرعلى الأشجار.. ويصدح من ذاك الزقاق ناياً وتعلوا من تلك المساجد الأذكار.. كان عندهم متنبياً وأبا نؤاساً وفرزدقاً وأخطلا إنهم كانوا يا ملائكة الله يحبون الكلمات ويحبون الأشعار كانوا يتغنون ببغداد فيقولون (( يا أحلام يا قمر.. يا حب يا وجد… يا أشواق يا سهر )).
الملك : وبعد يا هولاكو
هولاكو : كان في بغداد غيد حسان جيدهن كأبريق فضة مطعم بلؤلؤ ومرجان ..هيفاوات إذا أقبلن لا يشتكي منهن قصر ولا طول كأنهن أغصان بان … تغار المها من سواد الكحل والخد جلنار ورمان… أنسيات سماويات كأنهن الحور في الخيام لا ينجوا من سهم اللواحظ أنس ولا جان .. يقلبن القلب كيف شائن كأنهن الشموس والأقمار وبدر الزمان.. تميل الروح حيث مالن ولهن حكاية اسمها ألف كان وكان.
الملك : أكمل يا هولاكو.
هولاكو : يا ملائكة الرب زاد بنا الطمع وقررنا احتلال بغداد.. اعددنا العدة والسلاح والزاد ..قررنا القتل والذبح بلا هوادة أو رحمة …أردنا أن يحل بهم العذاب والنقمة.. كرهناهم لأنهم في خير كثير ونعمة… أوجفنا عليهم الخيل وأحلنا نهارهم ليل… ذبحناهم بالخنجر والسيف وجعلنا ربيعهم صيف.. ملكنا الأولاد والرجال والنساء وابكينا عليهم الأرض والسماء… سبينا العرض وسفكنا الدماء ..رمينا كتبهم بالنهر فأصبح مائهم حبر … هدمنا في بغداد المآذن والكنائس وفرقنا جمعهم بالمكر والدسائس.. خضعت لسطوتنا بغداد ومحونا أسمها من البلاد.. كان هذا فعلنا نحن المغول والتتر لا نبقي لعدونا اسماً ولا حتى أثر..
الملك : سنزيد عليك ضعفين من العذاب لأنك فتحت للظلم والدمار ألف باب وباب… ثم نزيد العذاب كرتين لأنك أورثت رغم طول السنين من فاقك ظلما وخراب.. فأحفادك لا زالوا يعيثون في الأرض فساداً ما بين سارق وفاجر وظالم وكذاب… هل علمت يا ملعون ما حل بعدك ببغداد فيا لفعلك السوء إن أبليس أهون على الله منهم أن ندم وتاب.
هولاكو : وما علمي بعد كل هذه السنين الطوال وما ذنبي إن كان حالهم على هذا الحال, الم نكون لهم درس وآية !! فلما تحاسبوني على الخراب في النهاية !! بدئت أنا الحكاية فلما لم ينهوا هم الحكاية !! لما فاقوني بالخراب ؟ اليس عندهم من الله كتاب؟ إني أنا هولاكو قائد المغول والتتر أتبرأ الى الله مما فعل بعدي ببغداد الغجر, لو عدت الى بغداد لبكيت على أعتابها إذ فعل ما فعل بها القدر, إني أنا هولاكو قاتل بغداد والبشر اسألك يا رب أن تعيدني لها كي ابني بغداد حجراً بعد حجر…
كل من سعى في خراب بغداد تحت أي مسمى أو عذر فعليه لعنة الله الى يوم الدين.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here