لنرفع صوت الاحتجاج ضد قتل المثليين أو بشبهة المثلية بالعراق

د. كاظم حبيب
لنرفع صوت الاحتجاج ضد قتل المثليين أو بشبهة المثلية بالعراق
الدراسات العلمية المتخصصة والوقائع الحياتية برهنت، بما لا يقبل الشك أو التأويل، إن المثلية الجنسية ناجمة عن مسألتين علميتين هما الجانب البيولوجي عند الإنسان، ذكراً كان أم أنثى، أولاً، وعن الجينات الوراثية ثانياً، وكلاهما لا يتحكم بهما الفرد، بل تتجلى في نزعاته وتوجهاته الجنسية الطبيعية، وهي ليست سمة يمكن التحكم بها من جانب الرجل المثلي أو المرأة المثلية. فالباحث العلمي محمد الجلالي في بحثه الموسوم “حقيقة المثلية الجنسية .. رأي العلم”، قدم لنا فيه رأياً علمياً مستنداً إلى كمية هائلة من الأبحاث العلمية والتجارب الحياتية على الصعيد العالمي التي تؤكد ما يلي:
“( المثلية الجنسية – Homosexuality) هي الانجذاب العاطفي والنفسي والجنسي لنفس النوع – اي انجذاب – (ذكر × ذكر) او (انثي × انثي)، وهو توجه جنسي سليم ومعترف به طبياً كأحد التوجهات الجنسية الأساسية، والتوجه الجنسي هو توصيف للحالة الجنسية والنفسية للشخص.
* ما هو سبب المثلية الجنسية ؟
ليس سبباً واحداً فالمثلية الجنسية متداخلة الأسباب ..في الواقع المثلية الجنسية سببها مرتبط بعاملين وهما بيولوجي وجيني. ^ ) السبب الجيني : العلاقة بين التوجه الجنسي والبيولوجي ..
في اول مراحل تكوين الجنين يكون ظاهرياً وفزيائياً انثي او بالمعني الأدق (جنس محايد) ويستمر لمدة 5 او 4 اسابيع من التخصيب نتيجة سيطرة كروموسوم X ، وبعد ذلك يبدأ ويظهر مفعول كروموسوم Y وهو الكرموسوم المنتقل من الذكر ويحمل SRY gene ، المسئول عن تثبيط بعض صفات كروموسوم X وفرض صفاته الخاصة والذي يتواجد في الذكر ..
في منطقة في المخ اسمها (SDN) وهو اختصار لـ( sexually dimorphic nucleus ) ويتواجد بجانب الـ( hypothalamus – تحت المهاد ) هو – SDN – المسئولة عن التفضيلات بين الجنسين حيث تتغير حجمها تبعاً لتغير ( التوجه الجنسي ) فمثلاً توجد في الذكور المغايرين اكبر عن غيرهم ..” (أنظر: محمد الجلالي، حقيقة المثلية الجنسية .. رأي العلم”، موقع سيكولوجي، 05/07/2017).
وفي توثيق مهم لعالم النفس البروفيسور الدكتور قاسم حسين صالح كتب تحت عنوان (اوقفوا الاستهتار بحياة الناس) ما يلي:
“في 1987 استدعتني مديرية شرطة بغداد لقضية علمية، هي معاينة مجموعة شباب (مخنثين) بالمصطلح الشعبي، ومصابين باضطراب الهوية الجنسية بالمصطلح العلمي، الذي يعني ان مشاعر الشاب تكون انثوية ويرى انه ولد في الجسم الخطأ، ورفعت توصيتي الى وزارة الداخلية بان الجهة المعنية بمعالجة هؤلاء هي مستشفى الرشاد للطب النفسي.
في 2010 قامت جماعة محسوبة على قوة سياسية شيعية بألقاء القبض على شباب وغلق مخارجهم بالسيكوتين وتقييدهم وراحوا يستمتعون بموتهم .. فكتبنا وقتها مقالة بعنوان (طنطا-يمكنك مراجعتها في الحوار المتمدن).. اوضحنا فيها انه يوجد في كل المجتمعات جنسيون مثليون وان قتلهم يعد جريمة لأن(ربهم خلقهم هكذا!).. فجاءنا تحذير مبطن بتهديد .
اليوم يقتل الشاب (كرار) بطريقة بشعة بالحجة نفسها، مع انه وصف بانه ممثل مسرحي.
العقل السياسي الاسلامي يثبت على مدى 14 سنة بأنه.. متخلف، جاهل، احمق، ومستبد.. وان فضحه واجب كل انسان يحترم حق الحياة ويقدسها.”
وإذ أتفق مع الأستاذ الفاضل في أغلب ما ذهب إليه، إلا أني اختلف معه في كون هذه الحالة ليست اضطراباً نفسياً أو أن المثلي ولد بالجسم الخطأ، بل هي حالة طبيعية نتيجة للجانب البيولوجي والجانب الجيني. وهو ما يؤكده العلم والعلوم النفسية أيضاً. إن ما ارتكب بحق من سُدّت مؤخرته بالسيكوتين، ومن قتل قبل أيام، وأعني به الشاب الطالب في معهد الفنون الجميلة كرار نوشي بذريعة المثلية، هما جريمتان بشعتان ينبغي أن يلاحق مرتكبيها وتقديمهم للقضاء لإصدار الحكم العادل بحق القتلة باعتبارهما مارسا القتل العم مع سبق الإصرار. ومع إن المعلومات التي وردت لي لا تؤكد مثليته الجنسية، ولكن قتل لشبهة بها.
لقد اقرت مجموعة من برلمانات أوروبا الغربية قوانين لا تبيح المثلية في المجتمع فحسب، بل وحقهم في الزواج وتبني الأطفال. وهذا ما حصل في البرلمان الاتحادي لألمانيا الاتحادية بتاريخ 30/06/2017 حين أقر قانوناً يقضي بحق المثليين بالزواج وتبني الأطفال والوراثة وما إلى ذلك. وفي ألمانيا وحدها يوجد مكا يقرب من 4 ملايين مثلي، وهكذا الحال في بقية دول العالم. لقد كانت ألمانيا وكذلك الكنيسة الكاثوليكية تعاقب المثلي عقاباً صارماً، وهو ما تمارسه الدول الإسلامية بدعوى الدين، وكلها دون استثناء إما دكتاتورية بشعة، أو تتمسح بديمقراطية شكلية، في حين إن الإسلام لم يحرم المثلية ولن تجد آية واحدة في القرآن تحرم المثلية، بل هناك تحريم في بعض الشرائع التي وضعها البشر ولا تستند بالضرورة إلى القرآن أو تعتمده، بل اجتهادات شخصية. وفي هذا الاجتهاد اختلافات أيضاً. فالمذهب الحنفي المستند إلى الإمام الفقيه (أبو حنيفة النعمان 80-150 هـ/ 699-767م) لا يعتبر المثلية الجنسية زناً، لأنها لا تنجب ذرية، على سبيل المثال لا الحصر. (أنظر: أبو حنيفة النعمان، موقع قصة الإسلام، بتاريخ 05/07/2017)
على منظمات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني المدركة لدورها في المجتمع أن ترفع صوت الاحتجاج ضد هذه الجريمة الجديدة البشعة وتستنكر ممارستها من قوى وعناصر مجرمة، متخلفة وجاهلة وأن تطالب بتقديم الجناة إلى القضاء لملاحقتهم وإنزال أقسى العقوبات العادلة بحقهم لكي يرتدع غيرهم من ممارسة جرائم مماثلة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here