الزمن الجميل قادم يا عراق

محمد رضا عباس
لا اعتب على أعداء العراق الجديد من الطائفين و العروبيين , والعملاء , ولكن اعتب على كتاب محسوبين على اليسار , العلمانية , المدنية , بل حتى على بعض المحسوبين على التيارات الإسلامية . أقول ان كتاباتكم السوداء ضد النظام الجديد قد بيضت وجه النظام البائد , وجعلتم من المواطن العربي يخاف من الديمقراطية والحرية والانتخابات , ويتمنى العيش تحت اقسى النظم الدكتاتورية , ويقبل بالتخلف . حرام عليكم , و عيب , و مرفوض إنسانيا وانتم تصورون ان ما يجري في العراق ما هو الا تخلف ثقافي و تراجع اقتصادي , وانهيار اجتماعي , وتخبط سياسي , واضطراب امني . العراق اكبر من ذلك , صحيح ان العراق يعاني من مشاكل كبيرة , ولكن المواطن العراقي قد صمم على اجتياز هذه المصاعب . بل بالحقيقة , ان العراق قد اجتاز المصاعب , ولو مرت محن العراق التي عصفت به على بلد غير العراق لتقطع الى عشرة دول . العراقي اختار الديمقراطية , وسوف لن يتخلى عنها مهما كثرت على نظامه الكتابات الصفراء. العراق قدم ما يقارب المليون شهيد وجريح من اجل تثبيت الديمقراطية على ارضه.
العجيب , ان اغلب من يكتب عن العراق سلبا , هم من يسكن أوربا , يحاولون مقارنة وضع العراق الحالي بحال الدول المضيفة لهم وهي مقارنة غير موفقة وغير عادلة ولسبب بسيط ان دول أوربا مضى عليها اكثر من ثلاثة قرون من التقدم والازدهار السياسي والاقتصادي والثقافي . ان هؤلاء الكتاب على ما يبدوا لم يقرؤوا تاريخ دولهم المضيفة الدامي , بل حتى لم يزوروا متاحفها والتي تعرض المئات من الرسوم التي تحكي عن مأسي شعوبها قبل ان تصل الى مرحلة النضوج وترك النزاعات القبلية و السياسية بين مكوناتها وبين جيرانها. ان ثمن الحرية باهض جدا وقد دفعته جميع دول أوربا وامريكا و اليابان وروسيا والهند.
نيويورك اليوم هي ام الدنيا , ولكن هذه المدينة الرائعة شاهدت من القتل والترويع ما يعجز عنه القلم قبل ما يقارب المئتين عام . لقد وصل الفساد الإداري في هذه المدينة خلال الحرب الاهلية ان تتقاتل شرطة إطفاء الحريق من اجل سرقة الدور قبل إطفاء حرائقها. بريطانيا علقت احد عشر راس من ملوكها على جسر لندن , وفي فرنسا , لم تهدئ الاضطرابات السياسية والفساد المالي والاداري الا بعد الحرب العالمية الأولى , وسقط من الهنود مئات الاف قبل ان يستقر بلدهم . مع كل تغير , هناك من الرافضين له ولن يستسلموا للتغيير الا بالدماء . وهذا ما جرى في العراق , التغيير اغاظ الرافضين له , فما كان عليهم الا التحالف مع الشيطان لوقف التغيير , ولكن إصرار المواطن العراقي افشل مخططاتهم .
الديمقراطية هي اقدس النظم السياسية , وما بعد الديمقراطية الا الدكتاتورية والاقصاء و فرض الارادات . الديمقراطية تحترم ادمية الانسان وتعطي كل ذو حق حقه. ومن خلال الانتخابات الحرة يستطيع المواطن اختيار قادته , لا عن طريق المدفع والطيارة , وبيان رقم واحد. الديمقراطية باخرة كبيرة الحجم و تحتاج لوقت طويل لتغيير اتجاهاتها , وفي هذه الحالة فان في النظم الديمقراطية لا يوجد قرار ثوري , وانما هناك إجراءات طويلة لاتخاذ القرارات ولاسيما القرارات الخطرة منها. وهذا بالضبط أحد أسباب ظهور المجاميع المنفلتة والخارجة عن القانون في الدول الديمقراطية. لان ليس من السهل القاء القبض على مواطن بالشبهة وانما بدلالة. وهذا السبب في ظهور الجرائم في المدن الكبرى في الدول المتقدمة. على سبيل المثال , لا يستطيع المواطن في واشنطن السير ليلا في بعض شوارع المدينة , منها لا تبعد اكثر من ثلاثة كيلومترات من البيت الأبيض , البيت الذي يخيف العالم.
لا احد يلعن حكومة واشنطن بسبب وجود مجاميع إجرامية او يدعوا لأسقاط النظام فيها على الرغم من مشاكل المواطن الأمريكي مع رئيسه الجديد دونالد ترامب . ولكن في العراق , نقرأ كل يوم اتهامات و تنديدات و ذم وقدح و تأليب على النظام الجديد وهو يقاتل اعتى مجاميع إرهابية عرفها التاريخ. الكتاب الذين اتحدث عنهم بدلا من تقديم التهاني والتبريكات للقوات المسلحة العراقية بالنصر المؤزر وإدارة الدولة للحرب والتي ادهشت قيادات العالم , يخرج علينا كاتب يريد زرع الفتنة بين الجيش والحشد الشعبي وينتقص من مقام المرجعية الدينية في مقال لا يمكن ان يوصف الا بنذالة والخسة , واخر يتهم إدارة الدولة بالجهل السياسي والعمالة وسرقة أموال الشعب , واخر يعتبر قادة البلاد بالغير الشرعيين , واخر يكتب ” لا امل لنا أيها العراقيون النجباء , الا برفض الواقع … ونفض أيدينا ممن خان وغدر” . كاتب اخر يرثي الحقبة الملكية بالقول ” احن اليك يا زمن الود الأصيل ..يا زمن النقاء والطهر والوفاء ” , واخر يعتبر الشعب العراقي ” من اكثر الشعوب مظلومية واضطهادا “, مطالبا ” الجميع الى المشاركة الفعلية بالتظاهرات من اجل التحرير والخلاص”. حتى استشهاد كرار نوشي على يد مجرمة أصبحت مناسبة لسب الحكومة حيث يقول احدهم , ان ” العقل السياسي الإسلامي يثبت على مدى 14 سنة بانه متخلف , جاهل , احمق , ومستبد.. وان فضحه واجب كل انسان يحترم حق الحياة ويقدسها”. أقول هل ان الحكومة من أمرت بقتل هذا المواطن؟ وهل ان العراق أصبح الدولة الوحيدة في العالم يضيع فيه دماء الضحايا؟ وكاتب اخر , كان يساريا في العراق , ولكن انقلب على عقبيه بسبب الدولار و هو يصور العراق بدار ” وقد شبت به النيران”. هذا الكاتب لم يكتب حرفا واحدا عن تضحيات القوات المسلحة العراقية والتي حمت الدولة التي يعتاش عليها من غضب داعش. واخر كتب مقالة خلط بها الحابل بالنابل واعتبر ان جميع النظم السياسية التي حكمت العراق ما هي الا نظم فاشلة ولم يتعلم المواطن العراقي منها الا ” الطاعة العمياء لمن يحكم خوفا على انفسنا” , ” تعلمنا كيف نسحب الجثث في الشوارع بالحبال”, و ” تعلمنا الانتهازية والنفاق”.
لا انكر، ان هناك الكثير من المشاكل التي يعاني منها العراق والمواطن العراقي , ولكن عتبي هو لماذا هذا التشاؤم ؟ العراق بعد أيام قلائل سوف يطوي صفحة داعش , ومن واجب الكتاب الاحرار مد يد المساعدة للحكومة من خلال كتابة المقالات التي تؤشر مواطن القوة والضعف في النظام الجديد , ولكن بشرط الوطنية . العراق بخير , العراق لديه ثروات كثيرة وله تاريخ ساطع وله انسان يعتبر الاذكى بين الدول العربية والعالم . العراق في قتاله لتنظيم داعش أفشل مخططات تقسيمه وأفشل تقسيم المنطقة على الأساس العرقي والديني والمذهبي، والعراق استطاع تعريف العالم بحب العراقيين للحرية والديمقراطية.
الحمد لله , في العراق رجال ونساء يعشقون الحرية والديمقراطية , وسوف لن ينسوا من وقف بجانبهم في محنتهم , وسوف يرفضون من وقف ضد نظامهم الديمقراطي , حتى وان ادعوا اليسارية والعلمانية او المدنية . هؤلاء قد سقطوا وليس لهم مكان في العراق الجديد. العراق لا يقوده الا من يؤمن بالديمقراطية , لا من تربى على الفكر الاقصائي , وسيرجع العراق الى عافيته الاقتصادية , وسينعم المواطن بالأمن والأمان ووفرة فرص العمل , والعيش الكريم .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here