حرية الصحافة مهمة الأحرار

فراس الغضبان الحمداني

تصدر تنظيم داعش الإرهابي وكالعادة ومنذ دخوله الموصل في حزيران من العام 2014 وحتى اليوم قائمة الجهات والمنظمات والدول التي إنتهكت بشكل فاضح حرية التعبير وتجاوزت على الصحفيين ووسائل الإعلام ومازال المرصد العراقي للحريات الصحفية يصدر بيانات الشجب والإستنكار، ويوجه النداء تلو النداء الى السلطات لتتخذ إجراءات عملية لوقف مسلسل قتل الصحفيين وإنتهاك حريتهم والتعدي عليهم ومنعهم من التغطية، وهناك من يقول ، إن الشجب والإستنكار هو كلام العاجز ومبرره ليغطي عجزه الفاضح ، ويربط البعض ما يجري بكلمات الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون الذي ما إنفك يردد عبارات القلق العميق بعد كل بلوة ومصيبة تقع وتدمر وتهتك وتثير الرعب والفوضى في مجتمع من مجتمعات الأرض .

لكننا نشعر بأن محاولاتنا وكلماتنا لاتضيع في الهواء لأنها تأتي في ظروف معقدة، وهي ترسخ لمبدأ الضغط المستمر على السلطات لتنبيهها الى نوع الخطر السائد، ثم لعدم وجود ما يكفي من عناصر التأثير المباشر الذي من شأنه تغيير الموازين على الأرض لصالح الصحفيين الذين يواجهون التحديات ليس في العراق لوحده، بل في دول عدة، وهم الآن يلاحقون في مصر وفي تركيا، وتتهددهم مصاعب شتى في أوربا، فليس من كبير أمل لنقول، أن الحرية وصلت الى مراحل متقدمة مادام هناك من يديم محاولة الضغط لتخويف الصحفيين ومنعهم من أداء دورهم الإنساني والمهني .

لاتستطيع أن تتكلم بحرية أو تكتب إلا ما يمليه عليك رقيبك الذاتي فأنت خائف تترقب، وليس معقولا أن نرهن الحرية بعدد القنوات الفضائية والصحف فهي أدوات يمكن أن يستخدمها الدكتاتور، والمهم هو نوع الخطاب ومساحة الحرية المتاحة، فلو كان لدينا مائة قناة فضائية لاتمتلك الحرية فلا جدوى من وجودها، بينما يمكن لقناة واحدة أن تقلب الموازين لمجرد أنها تفهم اللعبة وتدار بشكل حديث تقنيا وفكريا وتتوفر لها مساحة من حرية التعبير جيدة .

أتيحت لنا الحرية لنكتب ونتحدث، ونؤسس لوسائل إعلام أغلبها تافهة ولاقيمة ولاتأثير لها، لكن لم تتح لنا الفرصة لنؤسس لحرية حقيقية متماسكة مؤثرة صانعة للتغيير ودافعة لمزيد من القدرة على إصلاح البنية المجتمعية على أصعدة السياسة والإقتصاد .

مايثير القلق فعلا هو إستمرار المعاناة والضغط السلبي على الصحفيين وتخويفهم بالقتل والسجن والغرامة، بينما لم يسمح لهم بممارسة دورهم البناء الناقد والمغير الذي يؤشر تفاعلا بين الصحفيين والمواطنين والسلطات فبقي دورهم سطحيا في الغالب وهم ينقلون الأخبار والتعليقات دون العبور الى ضفة النقد الشديد لممارسات وسلوكيات منحرفة وسلطوية لجهات وأشخاص يمثل التجاوز عليهم أو نقدهم نقدا للذات المقدسة ويستدعي التهديد بالتصفية ربما، فلا يعود الصحفي راغبا في العمل من أجل الصحافة الحرة، بل هو يعمل لتمضية يومه وتحصيل قوته فقط ، ولو إننا كتبنا البيان رقم عشرة آلاف في بلد مثل العراق للتنديد بقمع الحريات لإحتجنا لعشرة آلاف أخرى وهي لن تنفع لأن البلاد تمر في دائرة الفوضى .

لاشك إن دور نقابة الصحفيين العراقيين متقدم للغاية وقد بذلت جهود كبيرة لتدعيم حرية التعبير وحققت منجزات كبيرة خلال المرحلة الماضية للصحفيين وجعلت الصحافة في مقدمة الإهتمام وصار الجميع يحسب لها ألف حسب كما عن نقيب الصحفيين العراقيين الزميل مؤيد اللامي تمكن بجهود حثيثة من تتويج تلك المسيرة برئاسته لإتحاد الصحفيين العرب وهو منصب رفيع مكن العراق من تسيد منظومة العمل الصحفي العربي ويعد بالمزيد خلال الفترة المقبلة .

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here