بعد تحرير الموصل.. أبرز الملفات التي ستواجه الأهالي

بغداد/ أحمد حميد

يحبسُ فهد اليوسف أنفاسه وهو يترقب شاشات التلفزيون لسماع أنباء تحرير مدينة الموصل من سيطرة داعش، بالكامل، في حرب دامت لنحو تسعة أشهر استنزفت المدينة بكل طاقاتها المادية والمعنوية.
ويترقب العراقيون، خلال الساعات القادمة أن يعلن القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي، التحرير الكامل لمدينة الموصل.
وتواصل قوات مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية، تقدمها داخل الموصل القديمة، بعدما نجحت بتحرير حي الميدان وشارع النجفي، وقتلت العشرات من مسلحي داعش، وهي تروم الوصول إلى محاذاة نهر دجلة. وأعلنت قيادة الشرطة الاتحادية، في وقت سابق، عن إنجاز مهامها القتالية في مدينة الموصل، بالتزامن مع تحرير عدد من المناطق.

ويؤكد اليوسف وهو من أهالي الساحل الأيسر المُحرر منذ سبعة أشهر لـ(المدى)، أن “مجمل العالم والشعب العراقي وأهالي الموصل خاصة، يترقبون إعلان تحرير مدينة الموصل من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، لحظةٌ ننتظرها بفارغ الصبر، حيث مع إعلان التحرير سيعود كل النازحين عن مناطق الموصل، وأيسر المدينة تحديداً”، مبيناً انه “بعد تحرير الساحل الأخير لم يعد الكثير من النازحين عنها منتظرين لحظة إعلان التحرير الكامل للموصل، وذلك يعود إلى عامل الاستقرار والطمأنينة الكاملة فضلاً عن قيمة الانتصار الكامنة في تحرير المدينة القديمة، قلب محافظة نينوى”.
ويتابع الناشط المدني قوله “مع انتهاء العمليات المشتركة في المدينة القديمة، سيعود النازحون عن الساحل الأيمن من أيسر الموصل إلى مناطق سكانهم، وبالتالي ستخفف الأعباء عن المواطنين الموصليين، حيث فقدت الغالبية ملاذاتها الأمنية والاقتصادية وحتى الاجتماعية، لذا نترقب إعلان تحرير إن شاء الله”.

استعدادات الساحل الأيسر لفرحة النصر
طموحاتٌ واسعة، لدى أهالي المحافظة، بالعودة إلى الحياة الطبيعية، التي بات “حلماً لنا جميعاً”، كما يصفها اليوسف، مبيناً أن “هذا الحلم نترقبه مع إعلان تحرير المدينة من قبضة داعش، فكلنا أمل بالمستقبل والعودة لممارسة الحياة مجدداً”.
وعن المساعي والاستعدادات المحلية للحظة إعلان التحرير رسمياً أكد اليوسف، أن أهالي الساحل الأيسر “يستعدون لإقامة الاحتفالات بهذا اليوم العظيم، كما حضّرت منظمات المجتمع المدني والناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي فعاليات ابتهاجاً بهذا النصر العظيم على عصابات داعش الإجرامية”.

تحايـا للمضحين في سبيل الموصل
ومع عمليات التطهير الواسعة التي تقوم بها القوات الأمنية المشتركة وجه أهالي أيسر الموصل، “أسمى التحايا لتلك القوات البطلة” كما يصفها اليوسف الذي أشار إلى أن “قلوب الأهالي تحترق خجلاً على تضحيات أبناء الجنوب العراقي والفرات الأوسط وهو يلوذون بالدفاع عن شرف الموصل وأبنائها”، متمنياً بأن “يعود جنودنا المحاربون الآن سالمين غانمين إلى أحضان عوائلهم والرحمة والخلود لكل شهيد سقط بالدفاع عن أرضنا”.
واقتربت القوات المشتركة من إعلان تحرير جميع مناطق الساحل الأيمن من الموصل بعد أن حسمت أمس السبت معارك تحرير أحياء الربيع و17 تموز لصالحها، بعد أعمال قتالية مع تنظيم داعش في أحياء وسط الموصل.
من جهته أعتبر أهالي الساحل الأيمن الذي يشهد آخر المعارك مع داعش، أن يوم إعلان تحرير الموصل “يوم تاريخي للمدينة”، ويقول المواطن علي محمد لـ(المدى)، أن “أهالي الساحل الأيمن يعجزون عن ترجمة مشاعرهم إزاء الإعلان عن تحرير المدينة من بطش داعش”، مبيناً أن “الكلمات تخوننا عن التعبير عن فرحة عودة الحياة للموصل، بعدما تم اغتيالها على يد التنظيم الإرهابي في حزيران العام 2014”.
ويضيف المواطن الموصلي قوله أن “الساحل الأيمن برمته يتأهب كل اليوم، بغية إعلان الحكومة العراقية لتحرير الساحل برمته وتنظيفه من عناصر داعش الارهابيين”.
وأشاد محمد بـ”أداء وسلوكيات القوات الأمنية العراقية، البطلة، حيال أهالي الموصل عامة ومواطني الساحل الأيمن خاصة”، مبدياً في الوقت ذاته خشيته “من عملية استفحال الثارات بين ساكني المدينة، لاسيما بين الأُسر المتورط أبناؤها مع داعش والأسر التي فقدت أبنائها على يد التنظيم الإرهابي”.
وعن مستوى الخسائر التي مني بها قال محمد ” أنا من حي الإصلاح الزراعي، وتعرضت منطقتي لخسائر بشرية ومادية كبيرة، منها قتل العديد من أبناء الحي الذي كانوا يرومون الخروج من مناطق سيطرة التنظيم، حيث تمكن داعش من القبض عليهم ومن ثم إعدامهم أمام الناس”، وتابع قوله “مشهدٌ دمويّ لا يمحى من ذاكرتي بسهولة، لبشاعة الجرائم التي ارتكبها التنظيم داخل الساحل الأيمن ولكل محافظة
نينوى”.
وبشأن خسائره المادية، أشار محمد إلى فقدانه لـ”بيت وسيارتين جراء أعمال عنف داعش مع الأهالي من جهة والقوات الأمنية من جهة أخرى”، مبيناً أن “مجموع ما خسرته طيلة احتلال داعش للموصل هو 30 مليون دينار عراقي، وأنا لست سوى موظف أعمل بحسابات مديرية تربية نينوى”.
وطالب أهالي الساحل الأيمن لمدينة الموصل، نقلاً عن محمد “الحكومة المركزية والحكومة المحلية بتوفير الخدمات الكافية لأهالي الساحل، لكون أغلب شوارع الساحل تعاني من النفايات المتكدسة، فضلاً عن انقطاع الكهرباء وتفاقم أزمة المياه على صعيد المياه الحوضية أو عن طريق الأنابيب”، مشيراً إلى “ضعف المساعدات الاغاثية لنا في مناطق أيمن الموصل” داعياً المعنيين إلى “مساعدة الناس على تأهيل حياتهم مجدداً عبر إسنادهم بالقروض المالية وإعادة كافة مستوى الخدمات لمناطقنا”.

نظرةُ فرحٍ يشوبها حزن
بعدما عمّد تنظيم داعش إلى تهديم كل المحافل الآثارية لمدينة الموصل، الأمر الذي أثار غصةً كبيرة في نفوس الموصليين، أكدوا أنهم ينظرون إلى لحظة إعلان النصر على التنظيم نظرة فرحٍ على الرغم من قلوبهم المكّلومة.
ويشير صالح الياس الناشط المدني داخل المناطق الموصليّة المحررة إلى أن “أهالي الموصل ينتظرون بشغفٍ لحظة الانتصار، بغض النظر عن الخسائر المادية والرمزية، لاسيما النبي يونس ومنارة الحدباء، والكنائس في المدينة، وكل الأشياء الثمينة التي عبث بها تنظيم داعش، كل هذه الأشياء ننظر لها نظرة حزن، ولكن في هذه اللحظة علينا أن نفرح بالانقضاض على التنظيمات الإرهابية”.
وأضاف الياس أن “الإعلان عن تحرير الموصل كاملة، لحظة مصيرية في تاريخ العراق والمحافظة، بعد ثلاث سنوات من حرب مع داعش، علماً أن الحرب العسكرية بدأت قبل 3 أشهر، لكن أهالي الموصل كانوا يعيشون على مدار تلك السنوات حالة حرب حقيقية مع التنظيم”، موضحاً أن “الأخير تجاوز بسلوكياته حدود التصور والتوقعات، عبر القتل و الترهيب وسبي نساء وتدمير ممتلكات وبنى تحتية”، عاداً لحظة الخلاص من داعش “لحظة رمزية ومهمة بالنسبة لكل أبناء الموصل”.
ولفت الناشط المدني إلى أن “ثمة استعدادات عفوية من قبل الناشطين والعاملين في المجال الإنساني بالمحافظة، للاحتفال بهذه اللحظة التاريخية”، مبيناً أن “الكل يعمل على تثبيت هذه اللحظة في ذاكرة وأذهان المدينة”، متمنياً في ذات الوقت “بأن تكون هناك انطلاقة لمرحلة ما بعد داعش، على الرغم من مخاوف المرحلة مجتمعياً وسياسياً، ولكننا نعول على لحظات الانتصار”.

مصير مكونات المحافظة
وفيما يتعلق بمصير المكونات التي غادرت محافظة نينوى، جراء عمليات العنف التي ضربتها إبان سيطرة داعش على المحافظة، يوضح الياس أن “جميع الطوائف الدينية هي مكونات أساسية لمدينة الموصل، ونحن دائماً نصف الطائفة المسيحية والايزيدية بأنهما ملح الموصل”، رافضاً “تسمية المسيحيين والايزيديين وقوميتي التركمان والشبك بالأقليات، لأنهم مكونات حقيقية وجزء أساس وأصيل في جذر المحافظة”.
وأكد الناشط الموصلي “عدم وجود هذه المكونات يمثل نقطة ضعف، ولحظة حزينة في تاريخ الموصل، وكل مكونات المدينة هم ضحايا داعش، ولا تستثنى طائفة أو مكون دون آخر”.
وعن مرحلة إعمار الموصل، طالب الياس الجهات المعنية بـ”الاهتمام البالغ بهذا الملف، لاسيما إذا تحدثنا عن أمور مهمة في الحياة، من طاقة ومياه وبنى تحتية، فهذا الموضوع مصيري، لذا تقع مسؤولية هذا الملف على عاتق الإدارتين المحلية والمركزية، فضلاً عن المواطنين”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here