سقوط الموصل.. جريمة متكاملة يتجاهلها القضاء العراقي

بغداد/ محمد صباح

بعد مرور ثلاث سنوات على سيطرة تنظيمات داعش على محافظة نينوى كبرى المدن الشمالية لم يحرك القضاء هذا الملف على الرغم من تشكيل لجنة تحقيقية من قبل مجلس النواب عملت على مدار ثمانية أشهر استجوبت ما يقارب عن 90 شخصية سياسية وأمنية ووجهت إدانات إلى 35 شخصية سياسية وامنية في مقدمتهم نوري المالكي واثيل النجيفي.
ورغم تصويت مجلس النواب على هذا التقرير قبل عامين وإرساله إلى القضاء إلا انه لم يتم تفعيله من خلال إلقاء القبض على الأشخاص المطلوبين.
في بداية الأمر كلف رئيس مجلس النواب سليم الجبوري لجنة الأمن والدفاع البرلمانية بتشكيل لجنة مصغرة لإجراء تحقيقات بشأن سقوط مدينة الموصل كبرى مدن العراق الشمالية بيد تنظيمات داعش، والتقت اللجنة في 17 من كانون الأول لعام 2014، معاون رئيس أركان الجيش السابق عبود قنبر، وقائد القوات البرية السابق علي غيدان، بالإضافة الى قائد الشرطة الاتحادية السابق محسن الكعبي.
ولاقت هذه اللجنة التحقيقية موجة اعتراضات من كتل سياسية طالبت أن يكون التمثيل على أساس المكونات والكتل السياسية الأمر الذي دفع رئيس مجلس النواب بإعادة تشكيل لجنة التحقيق لتشمل نوابا عن نينوى وتوسيع قائمة الاستدعاء، على خلفية اتهامات وجهت لأعضاء اللجنة بمحاولة حرف مجريات التحقيق لاغراض سياسية وطائفية.
وكانت محافظة نينوى تعرضت إلى سيطرة تنظيم “داعش” منذ (10 حزيران 2014)، بعد انهيار للقوات الأمنية المكلفة بحماية المحافظة الأمر الذي دفع نواباً عن نينوى إلى إجراء تحقيقات في الأحداث.
وضمّت اللجنة التحقيقية بسقوط مدينة الموصل عضوية كل من النواب عامر الخزاعي، رعد فارس، عبد الكريم النقيب، حاكم الزاملي، كامل الزيدي، قاسم الأعرجي، عمار طعمة، عبد العزيز حسن، عباس الخزاعي، صباح مهدي، أحمد الجبوري، عبد الرحيم الشمري، عز الدين الدولة، عبد الرحمن اللويزي، فارس السنجري، يونادم كنا، محسن السعدون، هوشيار عبد الله، سالم جمعة، شاخوان عبد الله، محمد تقي المولى، حنين قدو، فيان دخيل، حجي كندور، نايف الشمري
وكانت كتل سياسية مارست ضغوطات على رئيس البرلمان سليم الجبوري بعدم تشكيل اللجنة التحقيقية للبحث بأسباب سقوط مدينة الموصل بيد تنظيم (داعش).
وأبدت لجنة الأمن والدفاع البرلمانية في حينها، استياءها من زيادة أعضاء اللجنة البرلمانية المكلفة بالتحقيق بملابسات سقوط الموصل. وفيما كشفت عن زج اسماء 23 عضوا من مختلف الكتل السياسية، أكدت ان هذه الزيادة ستؤثر على مجريات اعمال التحقيق بشكل سلبي”
وصوّت مجلس النواب، في بداية العام 2015على تشكيل لجنة للتحقيق في أسباب سقوط محافظة نينوى بناء على طلب مقدم من 89 نائبا. ومن المتوقع ان تستدعي اللجنة كبار القادة الأمنيين ومحافظ نينوى من أجل تحديد المقصرين وإحالتهم الى القضاء.
وكان رئيس لجنة التحقيق في أسباب سقوط مدينة الموصل حاكم الزاملي أعلن، في 13 من كانون الثاني، عن مباشرة اللجنة بعملها.
وكشفت افادات كنبر وغيدان شرحا لطريقة دخول داعش إلى المدينة بعد استيلائهم على معدات وآليات اللواء السادس التابع للفرقة الثالثة في الساحل الأيمن حيث توجهت بعد ذلك إلى منطقتي 17 تموز والإصلاح الزراعي”.وأكدت هذه الافادات على أن كل ذلك حصل في السادس من حزيران مع وجود مقاومة من قبل فوج من الشرطة ولمدة ثلاثة ايام”.
كما حمّلت هذه الافادات قائد عمليات نينوى مهدي الغراوي مسؤولية سقوط الموصل، وانه كان (اول الهاربين) بينما يقول الأخير ان أوامر انسحاب جاءته من أحد ثلاثة (غيدان أو كنبر أو نوري المالكي).
وكانت لجنة سقوط الموصل كشفت ان 85 ساعة هي الحصيلة الأولية للتحقيقات التي جرت مع 50 شخصية أمنية وحكومية على مدار الشهرين الأولين من تحقيقاتها.
وكان آخر الذين تم التحقيق معهم هو اثيل النجيفي، محافظ نينوى، الذي استغرق استجوابه أكثر من 7 ساعات متواصلة، والذي قال إن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وقائد الشرطة الاتحادية كانا السبب الرئيس في سقوط مدينة الموصل في حزيران من العام 2014 بيد عناصر داعش.
وشملت التحقيقات كل القيادات الأمنية ورئيس مجلس محافظة نينوى بشار الكيكي وبعض الضباط ومجلس إسناد نينوى وكذلك وكيل الداخلية السابق عدنان الأسدي وقائد عمليات نينوى، “بعد ورود أسمائهم في إفادات كبار الضباط الذين استمعت اليهم اللجنة في جلسات الاستماع التي تمتد الواحدة منها الى 8 ساعات متواصلة احيانا.
ذكرت اللجنة التحقيقية بسقوط الموصل، أن استضافتها للوكيل الأقدم السابق لوزارة الداخلية كانت “مقتضبة” نظراً لتوفر المعطيات التي تمتلكها اللجنة.
وقالت مصادر في اللجنة ان عدنان الاسدي رد على اتهامات وجهها له محافظ نينوى اثيل النجيفي. ورغم اعتراف الاسدي بتسلمه رسائل تطالبه بارسال تعزيزات عسكرية الى الموصل، أكد انها كانت متأخرة، نافيا اعطاء اوامر انسحاب لقائد الشرطة المحلية.
في هذا الاطار تم استدعاء أكثر من (35) شخصية أمنيّة ومدنيّة بينت في وقتها اللجنة إنها بصدد استجواب (20) آخرين، مؤكدة أن وزير الدفاع الحالي(السابق) خالد العبيدي الذي كان يعمل مستشارا أمنيا لمحافظ نينوى اثيل النجيفي، سيكون من ضمن الذين سيتم استدعاؤهم للّجنة.
ويبين عضو لجنة الأمن والدفاع صباح مهدي الساعدي في لقاء مع”المدى” في وقتها أن اللجنة أكملت التحقيقات مع مدراء المخابرات والاستخبارات الذين كانوا يشرفون على محافظة نينوى ، لافتا إلى “أن اجتماع اللجنة الاخير هو لمراجعة أقوال وإفادات كل القيادات الأمنية والمدنية من الذين حضروا للبرلمان”.يأتي هذا في الوقت الذي رفعت فيه اللجنة التحقيقية تقريرا أوليا إلى رئاسة مجلس النواب متضمنا طلبا بتمديد عملها لشهرين أو شهر لاستدعاء 40 مسؤولاً آخرين. وناقشت اللجنة فيه موعد استدعاء رئيس الوزراء السابق وكل من وزير الدفاع والوكيل الأقدم لوزارة الداخلية.
كما تضمنت الاستجوابات وزير الدفاع السابق سعدون الدليمي (الأحد) للاستماع إلى شهادته بشأن سقوط الموصل بيد تنظيم داعش في حزيران 2014 الذي زود اللجنة بالعديد من المعلومات التي تخدمها في كتابة تقريرها النهائي “.
وكشفت اللجنة التحقيقية المختصة بسقوط الموصل عن تفاصيل جديدة “بعضها غامض” قدمها الفريق اول فاروق الاعرجي مدير مكتب القائد العام السابق نوري المالكي. وأقر الاعرجي، بحسب اعضاء في اللجنة، بتلقيه معلومات من محافظ نينوى تفيد باعتزام مسلحي داعش دخول المدينة، وانه قام بإيصال المعلومات الى القائد العام للقوات المسلحة.
ويبدو ان افادة الضابط الكبير دفعت اللجنة للتفكير باستجواب القائد العام السابق نوري المالكي ومسؤولين آخرين، لكن ذلك يصطدم بمعارضة اعضاء في اللجنة وهو ما أجبرها لاعتماد آلية التصويت لتحديد 100 شخصية سيتم استجوابهم خلال الفترة المقبلة.
وفشل مقترح تقدم به بعض من أعضاء لجنة التحقيق بسقوط الموصل بشأن استضافة القيادات السياسية الكبيرة التي طرحت أسماؤهم في التحقيق ومنها طلب استضافة القائد العام للقوات المسلحة السابق نوري المالكي بعد موافقة تسعة أعضاء فقط صوتوا مع المقترح من مجموع 26 عضوا
وكشف رئيس اللجنة حاكم الزاملي في وقتها أن لجنته “سترسل الأسئلة إلى رئيس مجلس الوزراء السابق نوري المالكي ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ورئيس مجلس النواب السابق أسامة النجيفي” مشيرا إلى أن “الأسئلة التي ستوجه إلى المالكي هي عن حركة القطعات وصدور أمر الانسحاب باعتباره القائد العام للمنظومة الأمنية”.
وهدد رئيس لجنة التحقيق بسقوط الموصل حاكم الزاملي، بعرض الأسئلة الموجهة لنائب رئيس الجمهورية نوري المالكي ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني على الرأي العام ومجلس النواب في حالة عدم الإجابة عليها، عاداً ذلك “إدانة” لهما، وفيما لفت إلى وجود “تقاطعات” في إفادات بعض القادة الأمنيين، كشف عن وصول التقرير النهائي بالقضية إلى “مراحل متقدمة”.
وقال حاكم الزاملي خلال مؤتمر صحافي عقده بمبنى البرلمان وحضرته (المدى برس)، الثلاثاء، إن “لجنة التحقيق بأحداث سقوط الموصل اجتمعت رغم العطلة التشريعية وهي مستمرة في عملها بقراءة جميع إفادات الذين تمت استضافتهم خلال الفترة الماضية ومدى تقاطعها في ما بينها”، مبينا أن “اللجنة تدرس جميع الملفات والوثائق وهي على وشك إنجاز التقرير الذي وصلنا به إلى مراحل متقدمة لإنجازه بصورة نهائية”.
وغالبا ما كان يتوقف العمل في لجنة التحقيق بشأن سقوط الموصل بسبب الخلافات السياسية بين أعضاء اللجنة من خلال محاولة بعض الكتل السياسية الدفاع عن شخصيات امنية ومدنية ومحاولة اعاقة حضورها إلى جلسات الاستجواب في القاعة الدستورية لمجلس النواب التي خصصت مكانا للجنة تقصي الحقائق.
وكان النائب عن محافظة نينوى أحمد الجبوري، قال في مؤتمر صحفي مشترك مع النواب عن المحافظة عبد الرحيم الشمري وعبد الرحمن اللويزي في مبنى البرلمان إن “نواب محافظة نينوى كان لهم دور بارز في كتابة تقرير سقوط الموصل وكان مجرى التحقيق يتضمن هذا التقرير”، لافتاً الى “بذل جهد ودور كبيرين في صياغة التقرير وكتابته بـ125 صفحة”.
واستضافت اللجنة التحقيقية رئيس مجلس القضاء الاعلى في حينها مدحت المحمود لمساعدتها في كتابة تقريرها النهائي قبل رفعه إلى رئاسة مجلس النواب.
وأنهت لجنة التحقيق بسقوط الموصل، ، كتابة تقريرها النهائي بعد عمل استمر 8 اشهر وقد تضم شهادة اكثـر من 60 شخصية عسكرية ومدنية لها صلة باحداث حزيران 2014.وأدت الخلافات داخل اللجنة التحقيقية الى تأخير كتابة التقرير النهائي والتوصيات التي تتضمن تحديد اسماء المقصرين والمتهمين بسقوط ثاني اكبر مدينة في العراق. وصوتت اللجنة البرلمانية على تقريرها الذي يحدد 30 اسما على علاقة بسقوط الموصل، وقامت بتسليمه الى رئاسة البرلمان. وشهد اجتماع اللجنة والمؤتمر الذي عقده رئيسها حاكم الزاملي توتراً ملحوظاً بين اطراف سياسية عدة ابرزها ائتلاف رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
والاسماء المسربة تُظهر تورط شخصيات سياسية ابرزها القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ورئيس اركان الجيش بابكر زيباري ومحافظ نينوى اثيل النجيفي.
وتكشف الوثيقة التي اطلعت عليها (المدى) اسماء شخصيات اخرى منها قائد القوات البرية السابق الفريق اول ركن علي غيدان، ومدير الاستخبارات العسكرية السابق الفريق حاتم المكصوصي، ومعاون رئيس اركان الجيش لشؤون الميرة السابق الفريق الركن عبد الكريم العزي، وقائد عمليات نينوى السابق الفريق الركن مهدي الغراوي، ووكيل وزارة الداخلية السابق عدنان الاسدي. بالاضافة الى كل من قائد الفرقة الثالثة في الشرطة الاتحادية السابق اللواء الركن كفاح مزهر علي، قائد الفرقة الثانية في الجيش العميد الركن عبد المحسن فلحي، قائد شرطة نينوى السابق اللواء خالد سلطان العكيدي، قائد شرطة نينوى السابق اللواء الركن خالد الحمداني، مدير دائرة الوقف السني في الموصل ابو بكر كنعان، نائب محافظ نينوى السابق حسن العلاف، آمر اللواء السادس في الفرقة الثالثة بالجيش سابقاً العميد حسن هادي صالح، آمر الفوج الثاني المسؤول عن حماية الخط الستراتيجي في نينوى المقدم نزار حلمي، آمر لواء التدخل السريع السابق العميد الركن علي عبود ثامر، مسؤول صحوة نينوى عضو مجلس العشائر انور اللهيبي. وأوصت اللجنة في ختام تقريرها بإحالة جميع الأسماء الواردة والمتهمين بالفساد والارتباط بـ “الارهاب” والذين جرى استعراضهم الى القضاء للتعامل معهم وفق التكييفات القانونية لتلك الاتهامات. واعلن رئيس اللجنة التحقيقية حاكم الزاملي ان اللجنة عملت خلال سير التحقيق على كشف الحقيقة دون مجاملة أو مهادنة.
وذكر رئيس لجنة الأمن البرلمانية بأن “جلسة واحدة غير كافية لعرض تقرير اللجنة النهائي بشكل مفصل خصوصا وانها حققت ما يقارب أكثر من 160 ساعة عبر استجواب 90 شخصية عسكرية ومدنية”. ويلفت الزاملي إلى أن “احدى جلسات الاستماع استمرت 10 ساعات تحقيق، وجلسة اخرى استمرت 8 ساعات وهذه الجلسات فيها الكثير من المعلومات والتي تحتاج إلى عرض تفصلي داخل البرلمان عبر ساعات متواصلة للعرض والتوضيح”.
وأكد رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، خلال استقباله أعضاء اللجنة، أن المجلس سيعرض التقرير في الجلسة المقبلة وبشكل علني، ليطلع الشعب على حقيقة ما جرى من أحداث تسببت في سقوط الموصل بيد داعش.
وأكدت لجنة الموصل، انها ارسلت تقريرها النهائي والاسماء الواردة فيه الى القضاء الذي يتحمل مسؤولية التعامل مع النتائج التي تم التوصل لها خلال اشهر من التحقيق.
التقرير الذي تم التصويت عليه بموافقة 19 عضوا وامتناع 4 وغياب اثنين، من شأنه ان يفتح البابَ أمامَ استدعاءِ بعضِ المتهمينَ للقضاءِ وإصدارِ بعضِ أوامرِ القبضِ بحقِ المدانين.وأدت الخلافات داخل اللجنة التحقيقية الى تأخير كتابة التقرير النهائي والتوصيات التي تتضمن تحديد اسماء المقصرين والمتهمين بسقوط ثاني اكبر مدينة في العراق. ووجه التقرير الادانة الى 36 شخصية عسكرية ومدنية، على رأسها القائد العام للقوات المسلحة السابق نوري المالكي، ومحافظ نينوى المقال اثيل النجيفي، الى جانب عدد من المتهمين بضمنهم القنصل التركي في المدينة.
وكشف رئيس اللجنة عن دور القنصل التركي في المدينة، مشددا على انه كان “المحافظ الفعلي” بحسب شهادة رئيس جهاز المخابرات في المحافظة، الذي كشف ان الدبلوماسي التركي كان يقوم بزيارات ولقاءات مع شخصيات مشبوهة.
ويؤكد اعضاء اللجنة ان اعتبارات دبلوماسية منعت استدعاء القنصل التركي الذي احتجزته داعش في الموصل لاكثر من 3 اشهر، برفقة العشرات من موظفي القنصلية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here