الاستفتاء وردود الفعل

بقلم: ناظم امين
الاستفتاء الذي من المقرر ان يجري في اقليم كردستان والمناطق الكردستانية الاخرى، اضافة الى المدن والمحافظات التي يتواجد فيها الاكراد ، هو حق طبيعي ومشروع، ليس للشعب الكردي فحسب ، بل لجميع الشعوب التي ترغب في الاستقلال. هذا الحق منصوص عليه في القوانين الدولية ومارسته شعوب كثيرة.
البعض ينظر الى هذا الحق كجريمة لاتغتفر. فمنذ الحديث عن الاستفتاء، تعالت أصوات العنصريين في داخل العراق وخارجه، مطالبة بمعاقبة الاكراد وافشال الاستفتاء. الحديث في العراق وعلى لسان السياسيين المعروفين بعدائهم وكرههم للشعب الكردي بدأ يأخذ منحنيات خطيرة، تمثلت بمناشدة الدول المجاورة للضغط على الاكراد وارغامهم على التخلي عن عملية الاستفتاء، إضافة الى تهييج الشارع العراقي ضد الاكراد وخاصة الذين يعيشون خارج الاقليم وبالتحديد اكراد بغداد.
سعيد المطلبي من دولة القانون اصدر بيانا طالب فيه بطرد الفيليين من بغداد وسحب الجنسية العراقية منهم، متناسياً ان اللذين يتحدث عنهم هذا المعتوه هم من سكنة بغداد الاصليين قبل ان يأتي هو من إحدى قرى العراق النائية٠ ليس عجيباً أن يصدر من هذا الشخص وأمثاله هكذا تصريحات، لانهم تخرجوا بامتياز من مدرسة البعث٠ ما من شك ان نوري المالكي واتباعه هم من وراء صدور مثل هذه التصريحات من اجل وضع العراقيل امام اجراء الاستفتاء على استقلال كوردستان، لكن هذه المحاولات ستفشل.
الحكيم هو الاخر بدأ يهدد ويتحدث عن خطوط حمراء وكذلك فعل قيس الخزعلي المعروف يتصريحاته الاستفزازية٠ والقائمة طويلة٠ كما قام أحد منتسبي قوات “سوات” التابعة لوزارة الداخلية بقتل الشاب الفيلي دلشاد علي خداداد أمام أنظار الناس ليفرح به صاحب مقولة الدم بالدم٠
تركيا وعلى لسان رجب طيب اوردغان وأكثر من مسؤول تركي، تدعي حرصها على وحدة العراق وسيادته في وقت تتواجد جندرمتها داخل الاراضي العراقية وترفض الخروج منها. الموقف التركي نابع في الاساس من حقد دفين للانظمة والحكومات التركية المتعاقبة ازاء الاكراد.
أما ايران فحدث ولاحرج. نظامها يحذر من ظهور ((اسرائيل ثانية)) في المنطقة فيما لو انفصل الاكراد عن العراق ويدعي بان هذا الامر يضر بالمنطقة برمتها٠ ان الدولة الكردية القادمة ستكون جاراً مسالما للدول المحيطة بها على العكس منها، فهي ومنذ زمن الشاه أضرت بالعراق كثيرا عبر الحروب والتدخل المباشر في شؤون هذا البلد٠وهاهي الان تقوم بتخفيض المياه القادمة من اراضيها الى العراق عبر كردستان، دون ان تشير الحكومة العراقية ولو بكلمة واحدة الى هذا الامر الخطير. كما بدأت تكثف من قصفها للمدن الكردية الواقعة ضمن حدود الاقليم بحجة ملاحقة الفصائل الكردية المسلحة والمعارضة لها. أما زيارة جلال الطالباني في هذا الوقت والذي جاء بدعوة من ايران فانها تثير تساؤولات كثيرة. الرجل مريض ولايستطيع الخروج من بيته منذ انتهاء معالجته في الخارج وقدومه الى الاقليم. هذا الى جانب انه لايستطيع التكلم وان وضعه الصحي لايساعده أبداً على تحمل أعباء السفر. الغاية من هذه الدعوة هي تعميق الخلافات في الاقليم وبالتالي افشال الاستفتاء بهذه الحيل الشيطانية. والا هل دعوه لنزهة في شوارع طهران؟
ان موقف المناهضين للاكراد في داخل العراق وفي الدول المجاورة من عملية الاستفتاء وحقوق الشعب الكردي ليس خافياً على أحد وليس وليدة اليوم٠لكن الطامة الكبرى تتمثل برفض حركة التغيير والجماعة الاسلامية للاستفتاء، بحجة ان برلمان كردستان مُعطَل وهناك أزمة اقتصادية وان الوقت ليس مناسبا لاجراء الاستفتاء في المرحلة الراهنة٠ بل ذهبت أكثر من ذلك من خلال سعييها الدؤوب لتعبئة الجماهير الكردية، خاصة أبناء السليمانية الشرفاء لمقاطعة الاستفتاء. هذا الموقف المخذل نابع من سياساتها الحزبية الضيقة وارتباطاتها بدول الجوار التي تُملي عليها سياساتها. كما ان نواب تلك الجهات في البرلمان العراقي اصبحوا ابواقاً للاعداء، يثلجون بتصريحاتهم المخزية صدور الحاقدين على الشعب الكردي.
ارام الشيخ محمد نانب رئيس البرلمان العراقي عن حركة التغيير برر الاعتداء على الاكراد في بغداد وبالاخص الفيليين منهم كرد فعل على اصرار الاقليم على اجراء الاستفتاء! هذا تبرير بائس من شخص يدعي حرصه على أبناء الشعب الكردي٠ فبدلاً من استنكار تللك الاعتداءات والمطالبة باعتقال المعتدين وتقديمهم للمحاكمة، بل وتوفير الحماية الحقيقية للفيليين، نراه يوجه اللوم للقيادة السياسية الكردية ويطالبها بالغاء عملية الاستفتاء. وتتحدث زميلته سروة عبد الواحد وزميله هوشيار عبد الله بنفس الاسلوب. هذا في وقت يعيش فيه اخواننا العرب من جميع المحافظات العراقية بسنتهم وشيعتهم بأمن وأمان داخل اقليم كردستان. حتى ان القناة التلفزيونية لحركة التغيير تبث لحظة بلحظة تصريحات كل من يتحدث بسلبية عن الاستفتاء من اعداء الشعب الكردي، لكنها لاتشير ولو بشكل خجول للتحضيرات التي تجري على قدمٍ وساق لانجاح الاستفتاء٠كما ووصل الامر بنواب التغيير والجماعة الاسلامية في البرلمان العراقي الى تكذيب تهديدات عمار الحكيم، وكأنهم أصبحوا ناطقين رسميين باسمه!! وكيف يبررون تصريحات الخزعلي حين قال: “مرحلة ما بعد داعش يجب أن تتناسب مع حجم التضحيات التي تم تقديمها، ولن نسمح للاقليم بتجاوز حدود ما قبل 2003 المسمى بالخط الأزرق”.؟ هل يقولون لنا ان الخزعلي قالها من باب المزح؟
المشكلة ان هؤلاء يقولون بان حق تقرير المصير مدون في برامج أحزابهم، لكن ماهي خطوات أحزابهم العملية في هذاالاتجاه؟ الاستفتاء سيجري في وقته المحدد ولا رجعة فيه، شاء من شاء وأبى من أبى٠

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here