محلل أميركي يسلط الضوء على طبيعة التنافس بين القوات التي شاركت في “نصر الموصل”

ذكر المحلل العسكري والكولونيل المتقاعد في القوات الخاصة الأميركية، ديفيد ويتي، أن معركة الموصل التي استغرقت نحو تسعة أشهر، تعتبر من أشد حروب المدن شراسة منذ حرب يوغسلافيا عام 1990، وذلك في رد على أسئلة طرحت عليه خلال مقابلة صحفية بشأن الحملة العسكرية لاستعادة المدينة، حيث سلط الضوء على طبيعة “التنافس” بين القوات العراقية التي شاركت في تحقيق “نصر الموصل”.

وأكد ويتي، ان قائد عمليات “قادمون يا نينوى”، الفريق الركن، عبد الأمير رشيد يار الله، كان لديه مهمة صعبة في قيادة قطعات مختلفة من القوات، من ضمنهم البيشمركة الذين ينتمون لحكومة اقليم كردستان، وهناك وحدة مكافحة الاهاب التي كانت تحت قيادة رئيس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة، حيدر العبادي، مباشرة، وهناك فصائل من الحشد الشعبي التي أشاعت أنها تحت إمرة العبادي، أيضا، لكن باعتقاده كان تحت إمرة مستشاريين ايرانيين، بينما قوات الشرطة الاتحادية كانت تحت امرة قائد الشرطة الاتحادية في وزارة الداخلية، وفرقة الرد السريع التي كانت تحت إمرة وزير الداخلية مباشرة، فيما كانت قطعات من الجيش كالفرقة 15 و 16 للمشاة والفرقة التاسعة المدرعة تحت إمرة وزارة الدفاع.

وأوضح الكولونيل الأميركي الذي عمل سابقا كمستشار لجهاز مكافحة الارهاب في العراق، أنه كانت هناك منافسة بين الفرقة الذهبية وقوات الرد السريع، حيث أفاد بأن الفرقة الذهبية التابعة لجهاز مكافحة الإرهاب خسرت حوالي نصف قدراتها في معركة الساحل الأيسر للموصل، كما أن هناك اعتقاد بأنها تركت لوحدها في تلك المعركة من قبل الرد السريع وذلك من أجل استنزافها في شرق المدينة، بينما كان لقوات الرد السريع الدور الأكبر في استعادة السيطرة على الجانب الأيمن للمدينة.

وأضاف ان قوات الرد السريع كان لها دور أيضا في “التدمير” بسبب استخدامها المكثف للمدفعية الثقيلة، لافتا إلى أن قوات مكافحة الارهاب وحدها من انخرطت في معركة استعادة الجزء الشرقي لمدينة الموصل بينما تخلف باقي الفرقاء وبقوا خارج المدينة وهذا مهد لتنظيم داعش الطريق حتى يركز على وحدات مكافحة الارهاب ويخلف إصابات كبيرة فيها، كما حصل هذا أيضا في الجزء الغربي من الموصل حينما انفردت بالقتال هناك قطعات من جهاز مكافحة الاهاب والشرطة الاتحادية وفرقة الرد السريع، لكن عندما هاجمت القوات العراقية بكل قواتها من جميع المحاور حققت الانتصار.

وبالنسبة لباقي القوات العراقية من الجيش والشرطة الاتحادية، قال ويتي، إن هاتين القوتين أظهرتا امتناعا للتوجه إلى شرقي الموصل عند بدء معركة استعادة المدينة، وهذا ما تسبب بخسائر كبيرة في صفوف وحدات مكافحة الاهاب، وخسرت قوات العمليات الخاصة “اللواء الاول” نحو 50%، من عرباتها العسكرية بحلول نهاية العام الماضي، ورغم ذلك توجهت وحدات مكافحة الارهاب للقتال في غرب الموصل بنصف قدراتها، حيث تشير تقارير إلى أن قوات الشرطة الاتحادية والجيش لم يدخلوا المدينة لكي يتمكنوا من إسقاط جهاز مكافحة الارهاب الذي تصدر المشهد العسكري في البلاد منذ 2014.

وأضاف المحلل العسكري الأميركي أن دور فرقتي الجيش 15 و 16 في معركة استعادة الموصل كان يقتصر على خارج المدينة، وقد أسند للفرقة 16 إحلال الأمن في المناطق المستعادة قبل أن يقحموا في حرب الجانب الايمن، حيث شهد دور الفرقتين تحسنا ملحوظا خلال معاركها وأسند للفرقة الـ 15 معركة استعادة تلعفر، كما أفاد بأن الفرقتين أظهرتا خلال مشاركتهما في معارك الاستعادة قدرة أكثر في فرض الحماية على المناطق المستعادة التي كان يعاني منها الجيش العراقي منذ سقوط الفلوجة 2104.

وبالعودة إلى قوات الشرطة الاتحادية وفرقة الرد السريع، أكد ويتي، أن تلك القوات استخدمت المدافع والصواريخ بشكل كبير في قصف المدينة القديمة وبدون انتظام، ومثال على ذلك ما عرضته قنوات الحكومية الرسمية العراقية عن قصف الجنود للاماكن بدون تحديد أهداف وبشكل وابل، وهذا ما عرضهم للكثير من الانتقادات خاصة انهم لم يدربوا على حرب المدن التي كانت من اختصاص قوات مكافحة الارهاب.

وبين أن القوة الاكثر قدرة على محاربة التمرد ومكافحة الارهاب استخدمت بتهور في حرب الموصل وهي قوات مكافحة الارهاب، بالرغم من انها بحاجة لاعادة بناء هيكلتها واستعادة قوتها قدرتها وازدياد أعداد منتسبيها الى نحو 20 ألفا، إلا أن ذلك يعتبر أمرا صعبا، خاصة أن بعض عناصر وحدات مكافحة الارهاب تلقوا تدريبات من القوات الاميركية منذ عام 2003 وهذا الشيء لا يعوض بسهولة.

وفي نهاية تحليله أفاد الكولونيل السابق لدى القوات الأميركية الخاصة، أن القوات العراقية ما زال أمامها حرب صعبة وتقليدية لاستعادة مناطق تلعفر والحويجة وغرب الانبار، حيث عبر عن أمله بأن لا يتحول النصر المحقق في الموصل الى نصر باهظ الثمن، على حد تعبيره.

الجدير بالذكر ان ديفيد ويتي، كان قد شارك سابقا في حرب استعادة الكويت عام 1990 كمستشارا للقوات الكويتية، ثم شارك كمستشار أيضا لدى قوات جهاز مكافحة الارهاب العراقية والفرقة الذهبية خلال العامين 2007 و2008 ثم عامي 2013 و2014.

من عمر عزيز

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here