نيويورك تايمز: إجراءات إعادة النازحين تهدد باندثار النصر الباهظ في الموصل

ترجمة: حامد أحمد

كل ما هنالك ان المعركة قد انتهت في الموصل, ونصبت لوحات الاعلانات والبوسترات التي تحث فيها الحكومة اهالي المدينة من السنّة ان “يطووا صفحة” ارهابيي تنظيم داعش.

رئيس الوزراء حيدر العبادي قد زار الموصل لاعلان النصر والدعوة للوحدة, في حين قام المدنيون من اهالي الجانب الشرقي للموصل الذي تحرر منذ وقت طويل بالرقص في الشوارع والتلويح بالاعلام العراقية. وبعضهم دعا في اهازيجه الى الاخوة والتلاحم بين السنّة والشيعة بقولهم: “بالروح بالدم نفديك يا عراق”.
انها لحظة مناسبة ليحتفل فيها العراقيون بعد قرابة تسعة اشهر من حرب دموية مع مسلحي تنظيم داعش. ولكن على الرغم من الأمل المتقد بتحقيق وحدة وطنية جديدة, فان نصر الحكومة الباهظ في الموصل والقضايا التي ماتزال معلقة لما بعد مرحلة انتهاء المعركة تبدو وكأنها ستكون بمثابة الفصل الثاني في القصة الطويلة لعدم استقرار العراق.
الشيء الاكثر إلحاحاً الآن هو ضرورة ارجاع مئات الآلاف من المدنيين السنّة النازحين الى بيوتهم. ولكن العراق فشل في اعادة اعمار او اعادة توطين بعض من المجاميع السكانية الاخرى التي تحررت من داعش في وقت ماتزال فيه التوترات بين السنّة والشيعية تعيق جهود إعادة توحيد البلاد.
التقارير التي تحدثت عن اساءات سابقة للحكومة الشيعية وقواتها الامنية والمليشيات الموالية لها ضد عوائل سنّية قد ابقت على التناحرات الطائفية قائمة لحد الان.
وبدون وجود اي عملية مصالحة تذكر, فان اي انتكاسة وتراجع في عملية إعادة الاستقرار للموصل قد تضيف وبشكل خطر تبعات اخرى الى قائمة المظالم الموجودة.
بالنسبة لسكان الموصل ــ وغالبيتهم من السنّة, فهم يعانون من الاثار التخريبية لما بعد العيش تحت حكم تنظيم داعش, وهناك شكوك ومخاوف عميقة لما سوف يحدث بعد ذلك.
وتقول انتصار الجبوري، عضوة البرلمان عن محافظة نينوى، إن “اهالي الموصل بحاجة الى ان يعالجوا نفسيا, وان يُعاد تأهيلهم عبر برامج طويلة الأمد مخصصة لذلك. لقد فقدوا معظم أفراد عوائلهم وتعرضوا للتعذيب والضرب على أيدي داعش لأسباب سخيفة”.
ولذلك فان نهاية معركة الموصل ـ رغم بقاء عدد من مسلحي التنظيم يسيطرون على مناطق اخرى من البلاد ــ تعيد سؤالاً حيوياً للسطح كان قد طُرح منذ ان تأسست دولة العراق ذات التعددية الطائفية من تحت رماد الحرب العالمية الاولى, وهو: هل يستطيع البلد ان يحافظ على وحدته؟
فرغم الكلف الباهظة بالارواح والممتلكات اظهر العراقيون ان باستطاعتهم دحر تنظيم داعش عسكريا. ولكن هل سيكونون بمستوى التحديات السياسية للحفاظ على وحدة البلد من جديد, او حتى ارجاع الأضوية مرة اخرى للموصل, او إعادة النازحين الى بيوتهم, فهذه مسألة مختلفة بالكامل.
الامين العام لقوات البيشمركة الكردية جبار ياور قال لصحيفة نيويورك تايمز “اننا حاليا نقاتل تنظيم داعش عسكريا فقط. ليس هناك خطة لما بعد داعش. نركز على القتال فقط. وهذا كل مالدينا”.
ويقول هوشيار زيباري, وزير خارجية العراق السابق, ان “الكل في عجلة لتحقيق نصر عسكري, دون اعارة اي اهتمام للدمار الذي حصل, او ما سيحصل بعد ذلك”.
ويعمل زيباري الآن على دعم استفتاء كردي, الذي من المحتمل ان يقام رغم اعتراضات من الولايات المتحدة وتركيا وايران, والجميع يتوقع تصويت المشاركين بـ”نعم” الذي يعبر عن عمق الشعور لدى الاكراد بان تكون دولة خاصة بهم.
من ناحية اخرى فان هناك الحرب الأهلية الدائرة في سوريا عبر الحدود مع العراق, ويقول مسؤولون انه بدون احراز سلام في سوريا فلن تكون هناك فرصة لتحقيق سلام واستقرار في العراق.
وكان رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي قد ذكر في مقابلة جرت معه هذا العام ان “سوريا والعراق مرتبطان ببعضهما جدا, فاذا كان الوضع في سوريا غير مستقر فان العراق سيكون غير مستقر ايضا”.وعندما سئل عن مستقبل العراق بعد القضاء على تنظيم داعش قال: “سوف لا تستطيع الدولة السيطرة على الوضع. المرحلة القادمة ستكون سيئة”.
ومع وجود مسائل كبيرة معلقة حول البلاد, فان التحدي المباشر لاعادة الاستقرار للموصل هو بمثابة التحدي الاكبر خصوصا ما يتعلق بالجانب الغربي من المدينة الذي تعرض لدمار كبير وابنية وبيوت محطمة عكس الجانب الشرقي الذي عادت الحياة اليه حيث الاضوية والمحلات والمطاعم المفتوحة مع صخب الازدحامات المرورية.
واستمر القتال يوم الاثنين ضمن قطعة صغيرة من المدينة القديمة, وتمكنت القوات الامنية من تحرير فتاتين ايزيديتين اخريين لدى داعش.
وفي مساء الاثنين اعلن العبادي في خطاب تاريخي له تحقيق النصر على داعش، مشيرا الى ان العراق اصبح موحدا اكثر من اي وقت اخر معلنا الثلاثاء عطلة وطنية للاحتفال بالنصر.
وفوق سماء الموصل, ألقت الطائرات العراقية ثلاثة ملايين منشور على مدينة أكثر سكانها لم يعودوا موجودين فيها. واظهر كل منشور خارطة الموصل بألوان العلم العراقي, احمر وابيض واسود, مع رسالة تقول: “الموصل قد رجعت الى أحضان العراق”.
عن: نيويورك تايمز

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here