تخويف الكرد الفيليين من استقلال كوردستان.. لماذا؟

تسربت قبل اسابيع وثيقة صادرة من مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي، تهدد الكرد في وسط وجنوب العراق بالتهجير، ومصادرة املاكهم، ومنعهم من مزاولة العمل ، في حال قرر اقليم كوردستان الاستقلال عن العراق الاتحادي. ويشمل ذلك سحب الوثائق الرسمية منهم.

وبعد ان انتشرت تلك الوثيقة ووصلت لكل الكرد في العراق، كرسالة تهديد، اعلن المتحدث الرسمي باسم المكتب انها وثيقة غير صحيحة، ولم يقدم اعتذار.

بعدها خرج احد اعضاء مجلس محافظة بغداد، من كتلة المالكي (حزب الدعوة) الى الاضواء على غير عادته، ووجه تهديدا مباشرا لكورد بغداد وواسط والجنوب العراقي برمته، في لقاء متلفز، وحديث صريح وواضح، بان لا كردي سيكون بامكانه البقاء في العراق اذا قررت كردستان الاستقلال، مشددا على كورد بغداد والجنوب.

خرج بعدها بفترة ليعلن اعتذاره، ويا ليته لم يعتذر، فكان عذره اقبح من الفعل نفسه، اذا قال انه لم يكن يقصد كرد بغداد والجنوب وانما الكرد الشماليين.

ولو غضضنا الطرف عن المفردات التي تعودنا عليها في زمن النظام البعثي السابق مثل مفردة “اكراد الشمال” فتصريحه بحد ذاته هو محاولة لتفريق الكرد بشكل طائفي، على غرار المرض الذي ابتلي به العرب العراقيين (شيعة وسنة)، واعتذاره بهذه الطريقة العفلقية المنشأ هو اسوء من لقاءه الاول، ويستحق ادانه اكبر.

بل ان المالكي نفسه، خرج واقفا، في مايبدو عليه باحة دار، وهو محاط بمجموعة من “اصدقائه” من الكرد، ليلقي كلمة عن من يطلق عليهم “المكون الفيلي” جاهدا في تحاشي تسميتهم بالكورد، داعيا ضمنا الى عدم حل المعضلة الكردية في العراق، ولم ينسى هو الاخر الاشارة للتهجير.

والتهجير هي اقسى مفردة يمكن للكوردي في جنوب العراق ان يسمعها، وتثير فيه شجون وماسي، ورعب لا يعرفه سوى هؤلاء الذين عانوا من هذه الجريمة، فهي فاقت عندهم ما اصطلح عليه بالتطهير العرقي.

فكم من اخت توفت في الغربة ولم يتسنى لها ان تشاهد اخوانها، وكم من عائلة احتجز البعث شاب او اكثر منها واحتفظ به في السجون لاستخدامه لتجارب الاسلحة الكيمياوية التي كان يصنعها. وكم ابن هجر ابيه ولم يسمع بخبر وفاته الا بعد عشرين سنة…

كيف تصل الدناءة ببعض السياسيين، من الاحزاب الدينية، لارعاب الناس الامنين، بهذه الطريقة، لقرار ليس لهم فيه يد، لامن قريب ولا من بعيد، وليس بامكانهم التاثير فيه سلبا او ايجابا…

لماذا هذه السياسة الملتوية في تخويف وارهاب العوائل الكردية القاطنة في العراق، من مستقبل الشعب الكردي، وما هي اهداف هؤلاء السياسيين الدينيين؟؟؟

اعرف ان من مصلحة ايران ان يبتعد الكرد في واسط والجنوب عموما، وكذلك في بغداد، عن الكرد وعن الثقافة الكردية.. وذلك لان المناطق الكردية الشاسعة على الجانب الثاني من الحدود، والتي تشكل بعضها جزءا مهما من ثروة ايران النفطية، مثل مناطق كرماشان، وايلام، ترتبط ثقافيا بصورة مباشرة بالكرد الفيليلة في العراق، نفس اللهجة ونفس المذهب، ونفس الموروث الثقافي، بل هم شعب واحد قسمتهم الحدود الى نصفين… واي بوادر وعي قومي عند الكرد في الجنوب ينعكس مباشرة على كورد محافظة ايلام المحاذية لواسط والتي تمتد حدودها جنوبا لتحاذي محافظة ميسان العراقية…

واعرف ان من مصلحة العنصريين العفلقيين في العراق، وكمرض شوفيني متفشي بينهم، هو انصهار كل ما هو غير عربي في العروبة، حتى اذا كان وجوده يمثل تنوع ايجابي، وغنى ثقافي للمجتمع العراقي في الجنوب.

لكن ما لا افهمه هو لماذا الاحزاب الشيعية العراقية، التي تصرح علنا بانها مع حقوق المظلومين، وان الاسلام يقف الى جانب الشعوب المظلومة التي تبحث مثل غيرها عن التحرر والاستقلال، لماذا هؤلاء السياسيين يلجأون الى هذه الطريقة غير الانسانية في التعامل مع اضعف فئة من فئات المجتمع العراقي؟

حسين القطبي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here