تسويات ومصالحات … مؤتمرات اعادة التدوير

ناصر سعيد البهادلي

لايخفى على ابسط العقول وعيا ان مشروع الاحزاب الاسلامية وفق ادبياتها وفلسفاتها الايدلوجية هو اقامة دولة ونظام اسلامي وبغض النظر عن صوره المختلفة وفق كل رؤية حزبية ، هذا المشروع تلقى اقوى واكبر ضربة قاصمة على يد المرجعية الدينية كما عودتنا في مواقفها المفصلية – ولازلنا ننتظر منها ضربة قاصمة للفساد – ، حيث دعت المرجعية الدينية الى دولة مدنية ووفق محددات واعتبارات المجتمع العراقي القيمية لا كما يرفع من شعارات من قبل شراذم متأثرة بالهالة الاعلامية للنظم الغربية التي لا تصلح لمجتمعاتنا ……
ابتلى العراق بعيد سقوط الطاغية والنظام الديكتاتوري بهذه الاحزاب الاسلامية والتي وان كان بعضها لها تاريخ مفعم بالعطاء والتضحية والشهادة الا انها احرقت كل تاريخ الجهاد بفسادها وفشلها ، حيث تفاجئنا وبشكل لايمكن تصور حجمه تكالب هذه الاحزاب على المغانم والسرقة والايغال بالفساد والدماء ، وهذه الصورة البشعة والمخزية التي قدمتها الاحزاب الاسلامية جعلتها مرفوضة اجتماعيا بل وحتى دينيا وهذا ما نلمسه من مواقف المرجعية الدينية الحكيمة ازائها …
لا زالت هذه الاحزاب تعول على الخداع من جهة وخلق بيئة طائفية من جهة اخرى لاعادة تدوير وتسويق انفسها كممثل للشعب العراقي في السلطة والدولة ، فمن مظاهر الخداع هي دعوتهم الى الدولة المدنية بعدما لحظوا دعوة المرجعية ، وهذا يتقاطع بشكل حاد مع مرتكزاتهم الفكرية والايدلوجية وبشكل مماثل لخداع الحزب الشيوعي حينما تبنى الديمقراطية ومرتكزاته الفكرية تدعو الى ديكتاتورية البروليتاريا !!! ، واما خلق البيئة الطائفية فهي من الضرورات الملحة لوجود هذه الاحزاب وديمومتها ، وبدون الطائفية فان التلاشي والاختفاء في المشهد السياسي سيكون نصيبا محتوما لهذه الاحزاب ، ولذا فليس تنبؤا وقراءة حاذقة القول ان الخطاب الطائفي سيزداد اوجه منذ اليوم والى الانتخابات المقبلة ، ومن هنا نفهم مؤتمر تحالف اتحاد القوى السني الذي القى طوق الانقاذ الى التحالف الوطني الشيعي لتبدأ عملية الشحن الطائفي الى الانتخابات …..
والملفت هي دعوات التسويات والمصالحات في خطاب الاسلام السياسي ، وحقيقة الحال ان المصالحات والتسويات في المجتمع العراقي ستفضي بالضرورة الى اضعاف وجود هذه الاحزاب وتلاشيها في المشهد السياسي ، وهذا ما يدعونا الى قراءة ما خلف خطاب التسويات والمصالحات التي ينادي بها خطاب الاحزاب الاسلامية ، وفي ظننا الراجح ان دعوات التسويات والمصالحات انما هي شعارات من باب كلمة حق يراد بها باطل ، فمن باب هذه المصالحات والتسويات ستتحرك سياسة التخادم بين الاحزاب الاسلامية الشيعية من جهة والاحزاب الاسلامية السنية من جهة اخرى ، حيث نلاحظ التحالف الوطني الشيعي تشبثه في ضده النوعي طائفيا المتمثل بتحالف اتحاد القوى السني ، فدعوات التحالف الوطني الشيعي الى التسويات والمصالحات تستهدف اتحاد القوى السني لفرض حالة مرفوضة اجتماعيا ودينيا وهي التمثيل الشيعي والسني ، فلا حياة للمتغايرين طائفيا ان تلاشى احدهما ، من هنا نقولها وبضرس قاطع بان الكتل السياسية الحاكمة تحاول جاهدة لاعادة تدوير نفسها بفعاليات وخطابات التسويات والمصالحات لتبقى مهيمنة على العراق ناهبة لثرواته ومدمرة قدراته .
لفتة :
قرأ احدهم في محضر الحجاج سورة النصر فقال ” …. ورأيت الناس يخرجون من دين الله افواجا ” فقال الحجاج ويحك يدخلون وليس يخرجون ، اجاب القاريء بلى كانوا يدخلون وانت اخرجتهم … .
الحجاج = الاحزاب الاسلامية

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here