صحيفة بريطانية: أنعدام الخدمات في الموصل يجبر العوائل على البقاء في المخيمات

دعت منظمات حقوق الإنسان الحكومة العراقية الى حماية الأبرياء والتحقيق في وفيات المدنيين، إن بعض المدنيين ما زالوا يتعرضون لمخاطر جسيمة بعد أن تحملوا مأساة كارثية.

وتأتي دعوات ناشطي منظمات حقوق الإنسان والإغاثة في وقت تخوض فيه القوات العراقية قتالاً لإستعادة آخر بقعة يسيطر عليها مسلحو داعش في الموصل.
ويقول لين معلوف، مدير بحوث منظمة العفو الدولية في الشرق الأوسط ان “الفظائع المروعة التي شهدها أبناء الموصل وتجاهل حياة البشر من قبل أطراف الصراع يجب ان لا تمر دون حساب. عائلات بأكملها زالت من الوجود ولازال الكثيرون مدفونين تحت الأنقاض. شعب الموصل يستحق ان يعرف من حكومته ان هناك عدالة وترميم ومعالجة للآثار المروعة لهذه العملية”.
هزيمة مجموعة داعش تركتها بلا معاقل حضرية في العراق ما يجعلها تتراجع الى جذور التمرد في الصحراء بعد سقوطها من ذروة السيطرة على مساحات واسعة من أراضي سوريا والعراق.
ويعيد تحرير الموصل التركيز على محنة المدنيين في المدينة حيث هناك الآن آلاف النازحين ومن المحتمل ان يظلوا يعانون الحرارة الحارقة لعدة شهور حتى إعادة بناء المدينة.
وسبق ان إستخدم المتطرفون السكان دروعاً بشرية من أجل مقاومة التقدم العسكري للقوات العراقية، كما قتل الكثيرون منهم نتيجة الضربات الجوية للتحالف الدولي. ومن المرجح تدقيق الكثيرين لتحديد ما اذا كانت لهم صلات مع داعش أو تعاونوا معها وهي عملية أدت في السابق الى حالات إختفاء تعسفي رغم تعهد المسؤولين مراراً بمنع حدوث أعمال إنتقامية خارج نطاق القانون.
من جانبه، دعا مسؤول حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الحكومة العراقية الى ضمان احترام حقوق الإنسان، حيث قال زيد رعد الحسين الثلاثاء ان سقوط الموصل كان “نقطة تحوّل” في الصراع ضد داعش، لكنه حذّر من ان المجموعة مازالت تعرّض الناس الى رعب يومي في معاقلها الباقية مثل تلعفر والحويجة. وأضاف ان “الأعمال الإنتقامية لا تقل ترويعاً عن جرائم داعش”.
ومن الموصل قال ميلاني ماركام، المتحدث عن المجلس النرويجي للاجئين، “كلما إقتربنا من الخطوط الأمامية غربي الموصل كلما زادت الحاجة الى تلبية إحتياجات المدنيين، فمعظمهم محاصرون منذ شهور ويعيشون دون طعام أو ماء أو إمدادات طبية، وضعهم بائس لكن القتال يمنعنا من الوصول اليهم”.
وأضاف ان الحكومة العراقية والتحالف الدولي مسؤولان الآن عن حماية المدنيين الذين شعروا بالإحباط مراراً من الإغاثة ومن مشاريع إعادة الإعمار والعدالة مقابل معاناتهم. وتقول المنظمات الإنسانية ان اللاجئين يعانون في المخيمات حيث يفتقرون للطعام الكافي والماء والكهرباء كي ينجوا من حرارة الصحراء اللاهبة.
ويقول صالح محمد من غربي الموصل والذي لازال في أحد المخيمات قرب الموصل أنه لا يستطيع العودة الى المدينة لإنعدام الخدمات وبسبب تدمير الحي الذي كان يسكنه”.. إثنان من أشقائي مازالا مفقودين ولا أدري ان كانا على قيد الحياة. منزلي تعرّض للدمار خلال القتال. جئنا الى هنا الأسبوع الماضي، ليس هناك أمان في الموصل الآن ، لأن خلايا داعش النائمة مازالت موجودة حتى في شرقي الموصل”.
وتقول سيدة من غربي الموصل أيضاً ان الكثير من أقربائها مازالوا مفقودين “خسرنا كل شيء، منازلنا وسياراتنا ورجالنا. لن أعود للموصل قريباً لإنعدام الحياة فيها. الحياة في المخيم ليست مثالية لكن هناك أمن ولا أحد يهددنا أو يبتزنا. مستقبل الموصل بيد الأهالي والحكومة وعليها العمل معاً اذا أرادوا تحسين الحياة في المدينة”.
دعا تقرير نشرته منظمة العدل الدولية، الثلاثاء، الى تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في مقتل المدنيين، حيث وثّق التقرير 45 هجوماً أودى بحياة 426 مدنياً.
ومن المعروف ان هزيمة داعش قد أنهت معركةً لكنها لم تنه حرباً، وقد يلجأ مؤيدو داعش من المتطرفين للإنتقام من خلال تفجيرات إنتحارية في الغرب وفي مدن عراقية وسورية، وربما ينزلق العراقيون أنفسهم الآن الى صراع بعد ان إنتهت حاجتهم المؤقتة الى التوحّد ضد داعش.
ان ثلاث سنوات من الحرب ضد المتطرفين قد خلقت إحساساً وطنياً تغلّب على النزاعات العرقية والطائفية. لكن مع هزيمة داعش ربما تعود التوترات القديمة. وإحدى المشاكل العراقية المتجذرة إزدادت سوءاً منذ سيطرة داعش على الموصل في 2014، ففي الأشهر الأولى للصراع ولمنع المجموعة من الإستيلاء على مدينة أربيل، سيطرت القوات الكردية على مناطق واسعة من سهل نينوى شرق الموصل والتي كانت منذ وقت طويل موضع خلاف بين العرب والكرد.
وحدث نفس الشيء في محافظة كركوك الغنية بالنفط. بموجب الدستور من المفترض إن يتقرر مصير هذه المناطق بإستفتاء تأجّل إجراؤه مراراً. اليوم ظهرت حقائق جديدة على الأرض، فلغاية 2014 كانت بغداد هي التي تسيطر على المناطق المتنازع عليها وان لديها دافعاً لتأخير أي تغيير فيها، أما الآن فالكرد هم الذين يهيمنون عليها.
ويعتبر التحدي الآن هو ضمان تشكيل حكومة محلية جديدة للموصل تأخذ مصالح السنّة بالحسبان وتنهي شعورهم بالإستياء، وعلى بغداد أيضاً ان تجد وبسرعة موارد لإعادة بناء المدينة المتناثرة ومساعدة المدنيين المصابين بالصدمة.
عن: الغارديان
ترجمة: المدى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here