عبد الكريم قاسم الإنسان والزعيم

علي الزاغيني
عبد الكريم قاسم القائد الذي غير مجرى تاريخ العراق واحدث انقلابا مهما في حياة العراقيين بعد ثورة 14 تموز الخالدة وكانت هذه الثورة رمز التحرر والانتصار بعد تغيير نظام الحكم الملكي الى نظام جمهوري , ان الثورة التي قادها قاسم مع الضباط الأحرار لا تزال خالدة في ذاكرة العراقيين واقصد هنا من عاصر الثورة وعاش جميع الاحداث واحتفظ بذكرياته عنها او من سمع بها من ذويه او محبي الزعيم وثورته أو قرأ عنها في الكتب التي سطرت الأحداث وما انجزته هذه الثورة من انجازات لا تزال شامخة انتصر من خلالها الزعيم للشعب العراقي .
على الرغم من مرور 59 عاما على ثورة 14 تموز الا انها لا تزال خالدة وحاضرة في ذاكرة من عاصر الثورة سواء من المؤيدين لها او المعارضين , ان الثورة حققت للشعب الكثير من المنجزات رغم الفترة الزمنية القصيرة التي حكم الزعيم عبد الكريم قاسم وحاربتها الكثير من الدول لأنها أطاحت بمصالحها وانتصرت للشعب ومن اهم منجزات الثورة القضاء على الاقطاع وتوزيع الاراضي على الموظفين وذوي الدخل المحدود وبناء المدارس والقضاء على الامية وتحسين المناهج الدراسية و تحسين المستوى الصحي ببناء المراكز الصحية و المستشفيات وكذلك تطوير المواصلات بين المحافظات والعاصمة والعمل على ايصال الطاقة الكهربائية والماء الى جميع القرى والارياف وغيرها من المشاريع التي كان العراق بحاجة اليها .
لو اجرينا مقارنة بسيطة بين من قاد و يقود العراق الان و بين الزعيم عبد الكريم قاسم لوجدنا الفرق الشاسع في وطنية ونزاهة الزعيم وعدم امتلاكه لاي ثروة مالية تذكر وهذا ما يذكره أعدائه قبل محبيه بل انه لم يملك اي دار او عقارات مثلما يملك السياسيين اليوم , بل كانت عليه ديون مالية سددت بعد وفاته او استقطعت من راتبه التقاعدي , الزعيم كان يصب كل جهوده من اجل الوطن وابنائه واخر ما كان يفكر فيه مصلحته الشخصية فهم لم لا يملك منزلا او عقارا على عكس ساسة اليوم الذين يستغلون مناصبهم ويحاولون ان يجنوا الأموال بشتى الوسائل والطرق .
ثورة 14 تموز رغم انها حققت للعراق الكثير الا انها تختلف عن باقي الثورات في العالم العربي ولاسيما مصر التي سمحت للملك بالرحيل بعد تنازله عن العرش, ولكن على ما يبدو انه لم يكن هناك تخطيط مسبق عن مصير الملك وعائلته او الفوضى التي حدثت او حب الانتقام من قبل البعض من اشترك بالثورة او الجماهير الغاضبة لذا شهد يوم الثورة مقتل الملك وعائلته والوصي عبد الإله وهذا ما يحسب على الثورة ولعل اللوم كل اللوم يقع على عاتق النقيب عبد الستار سبع العبوسي الذي هو اول من اطلق النار على العائلة المالكة , وبذلك قضى على تاريخ العائلة الهاشمية بالعراق منذ تأسيس الدولة العراقية .
لا يمكن بأي حال من الاحوال ان يرضى الجميع عن ثورة ما او حكومة ما فهناك دائما المرحب بها ويحاول ان يظهرها بالصورة الأجمل وبالمقابل هناك المعارض الذي يتربص الاخطاء والهفوات وبكل تاكيد لا تخلو منها اي ثورة او انقلاب وخصوصا كانت لا تزال مرتبكة وغير قادرة ادارة الامور بالشكل الصحيح لذا نجد الانقسامات واضحة بين محبي ومؤيدي الزعيم عبد الكريم قاسم وبين معارضيه والذين يعزون سبب ذلك انه كان السبب الحقيقي لتسلم البعث للسلطة وتساهله معهم (عفا الله عما سلف ) عبارة الزعيم عبد الكريم قاسم المشهورة والتي اراد من خلالها الصفح لمن اراد اغتياله مرات عديدة حتى تمكنوا من ذلك , ولكن ان التاريخ لا يمكن ان ينسى ولا يغفل عما قدمه الزعيم والإنسان عبد الكريم قاسم للعراق وشعبه و لاسيما الفقراء منهم فقد ظهرت للعيان الخدمات التي قدمها للشعب خلال الفترة القصيرة التي حكم بها العراق , فقد بنى العديد من المدن في بغداد والمحافظات , قد يعتقد البعض ان الزعيم عبد قاسم قد استغل منصبه واستولى على الاراضي والدور ولكن بالحقيقة انه لم يكن له منزل يسكنه واستأجر واحدا يدفعه من راتبه الشهري , والجميع يشهد بنزاهته وهي الحقيقة التي لا يتغاضى عنها الجميع على حد سواء .
ومن الجدير بالذكر ان الزعيم عبد الكريم قاسم من مواليد1914 بغداد( محلة المهدية) من عائلة فقيرة مما اضطر والده للانتقال الى قضاء الصويرة للعمل وهناك اكمل الزعيم دراسته وعمل معلم في احدى المدارس وبعدها التحق بالكلية العسكرية ليتخرج منها برتبة ملازم ثانِ عام 1934 وتدرج بالمناصب والراتب وشارك بالعديد من المعارك ونال العديد من الاوسمة والتكريمات .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here