استئناف التسوية يصطدم بتحفّظات شيعيّة على بنود “إجراءات الثقة”

بغداد / محمد صباح

توصل اتحاد القوى العراقية والتحالف الوطني، بعد مفاوضات سرية، لاتفاق على تحديد موعد لإعلان البدء بإجراءات التسوية، الذي سيكون بحسب التسريبات في نهاية الأسبوع الجاري. وستختار القوى السياسية ممثليها للدخول بالتفاوض المباشر بهدف إعداد ورقة تسوية موحدة. و تمهيداً لهذا الإعلان المرتقب تتركز المباحثات حاليا على إيجاد حل للتحفظات الشيعية على بعض بنود ورقة التسوية السنية.
وطرح التحالف الوطني، برئاسة عمار الحكيم، مبادرة التسوية قبل عدة أشهر وتهدف الى تصفير الأزمات والمشاكل الداخلية، تحضيرا لمرحلة ما بعد القضاء على تنظيم داعش في المناطق الغربية.
وانفردت جريدة (المدى) بنشر نص (التسوية التاريخية) في عددها 3771 الصادر بتاريخ 31 تشرين الأول ٢٠١٦، وتم تداولها بشكل واسع محلياً وعربياً، وفتحت باباً للجدل حول إمكانية بلورة رؤية وطنية عراقية لما بعد داعش.
ولم تحظ مساعي رئيس التحالف الوطني بمباركة المرجعية الدينية التي نأنت بنفسها عن المشروع. كما وجه زعيم التيار الصدري انتقادات لاذعة للتسوية، مطالبا بالعمل على التوصل لتسوية مجتمعية.
ويقول القيادي في المجلس الأعلى فادي الشمري، في تصريح لـ(المدى)، إن “الهيئة القيادية للتحالف الوطني عقدت مساء السبت اجتماعا ناقشت فيه إمكانية الشروع بملف التسوية التاريخية والبدء بتنفيذ إجراءاتها”، مؤكدا بالقول “نحن على أعتاب البدء باستكمال مراحل التسوية واستئناف العمل بها”.
وكان رئيس التحالف الوطني عمار الحكيم قد أكد بعد إعلان تحرير مدينة الموصل ان “المرحلة الحالية هي نقطة شروع لعمل كبير يتمثل بإتمام مهمة تحرير كامل ترابنا الوطني من الزمر الإرهابية الضالة المتطرفة والبدء بإجراءات التسوية التاريخية”.
ويوضح الشمري بأن “المرحلة السابقة كانت مرحلة تحضيرية لإنضاج مشروع التسوية ومرحلة لدفع كل المكونات لكتابة ملاحظاتها بما تراه مناسبة لبناء الدولة”. وأكد أن “التحالف الوطني، بمشاركة قوى سياسية فاعلة، سيعلن في الأيام القليلة المقبلة البدء بإجراءات التسوية التاريخية والشروع بمراحلها”.
وبحسب أعضاء من الفريق التفاوضي، ممن ساهموا في كتابة بنود ورقة التسوية، فان المشروع وضع على خمس مراحل، الأولى تتمثل في إعداد ورقة شيعية، والثانية تسلم أوراق المكونات الكردية والسنية وباقي الأقليات، والثالثة مناقشة الملفات، والرابعة التفاوض والحضور، والخامسة الإعلان عن نتائج هذه الورقة.
وينوه القيادي في المجلس الأعلى الى ان “المرحلة الثالثة ستتضمن في البداية اختيار الممثلين من اجل الدخول بالمفاوضات المباشرة لكتابة ورقة تسوية موحدة تمثل كل مكونات الشعب العراقي دون إقصاء أو تهميش لأي جهة”.
ومازالت التحفظات الشيعية تلاحق (ورقة إجراءات بناء الثقة) التي قدمها أسامة النجيفي الى جانب الورقة السنية التي قدمت الى أمين عام الامم المتحدة انطونيو غوتيريس في زيارته الاخيرة الى بغداد منتصف آذار الماضي.
وكانت (المدى) قد كشفت بنود إجراءات الثقة الملحقة بورقة “التسوية السنّية” في عددها (3898) الصادر بتاريخ 2017/04/09. الوثيقة، التي تضم 27 فقرة، تضمنت مطالب بسقوف عالية بحسب التحالف الوطني، وهو ما يبرر تستر اتحاد القوى على مضمونها منذ أكثر من أسبوع. ويطالب الملحق بإصدار عفو خاص عن آخر وزير دفاع في عهد نظام صدام الجنرال سلطان هاشم وجميع الضباط المعتقلين معه.
كما تطالب الوثيقة بالعفو عن النائب أحمد العلواني المحكوم بالإعدام على خلفية قتله عددا من منتسبي جهاز مكافحة الارهاب في اشتباك مسلح في الرمادي نهاية 2013.
كما تتضمن وثيقة (بناء الثقة)، التي دفع بها رئيس كتلة متحدون أسامة النجيفي مع ورقة التسوية السنّية الى تجميد الإعدامات لمدة عامين، وإخراج قوات الحشد الشعبي من المحافظات والمدن السنّية.
وتطالب الوثيقة بإنشاء أقاليم في 3 محافظات هي ديالى ونينوى وصلاح الدين، ومنح المحافظات الاخرى صلاحيات أمنية واسعة.
ويؤكد فادي الشمري ان “الأمم المتحدة معنية بالجلوس مع كل المكونات لكتابة أوراق تنسجم مع أفكار ورؤى مشروع التسوية لبناء الدولة”.
وأجرت (المدى)، اتصالا مع مستشار رئيس مجلس الوزراء لشؤون المصالحة الوطنية والمشرف على ملف التسوية محمد السعدي الذي اكد عدم امتلاكه معلومات دقيقة عن ملف التسوية، لكنه ألمح الى “ترتيبات تديرها رئاسة التحالف الوطني للإعلان عن البدء بإجراءات ومفاوضات التسوية”. واستعداداً لهذا الإعلان المرتقب، يجري التحالف الوطني مشاورات سرية مع رئيس مجلس النواب سليم الجبوري لحلحلة بعض النقاط الخلافية التي وردت في الورقة السنية.
وتقول وحدة الجميلي، مستشارة المصالحة الوطنية في مجلس النواب، ان “نهاية الأسبوع الجاري ستشهد اتضاح كل الأمور المتعلقة بملف التسوية التاريخية”.
وتوضح المستشارة وحدة الجميلي، في تصريح لـ(المدى)، ان “هناك مفاوضات يجريها سليم الجبوري باعتباره رئيس القوى السنية مع كتل التحالف الوطني من اجل الاتفاق على بعض النقاط الخلافية التي وردت في الورقة السنية”، مؤكدة ان “اللقاءات بين الطرفين مازالت مستمرة لحل بعض الإشكاليات”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here