ثورة الشعب – قصيدة من الماضي البعيد –

بهجت عباس

( نُشرتْ في جريدة الثورة البغدادية في 13 كانون الثاني 1959 بمناسبة مرور 6 أشهر على ثورة 14 تموز 1958. ربّما كنتُ مصيباً في أوّلها ومُخطِئاً في آخرِهـا. ومن أراد معرفة قصّة ثورة / انقلاب 14 تمّـوز التي عشتُها وكتبتُها بحياد تامّ ، كما أعتقد، أرجو فتح الرابط أدناه والمعنون – من ذكريات 14 تمّـوز 1958 –المنشور في موقع صوت العراق في 14 تمّـوز 2006)

يا ثورةَ الشعبِ، صُبِّي وابلَ الغضبِ
وحطِّمي كلَّ فـكـرٍ شـاردٍ جدِبِ

وقوِّضي كلَّ ما يَبـنونَ مـن عُرُشٍ
فقد أبَـوْا أنْ يسـيرَ الركبُ بالأرَبِ

وحطِّمـي كلَّ بـاغٍ من خسـاستـه
أنْ يقذفَ الشعبَ بالأهـوال والكُرَبِ

ماذا يُريدونَ؟ لـنْ نـرتـد ثانـيــةً
إلى الوراء ونُغضي الطَّرفَ في التُرُبِ

وأذكـرُ الأمسَ، دوّى في جـوانـبهِ
صبحٌ من الذعر،ِ أو ليلٌ من الـرُعُبِ

وشُـرِّدتْ فيه أرواحٌ، وكمْ سُـفكـتْ
فيه الدِّماءُ على السّـاحاتِ والرّحَـبِ!

وغاض نبْـعُ حياةٍ مـنْ جـداولها
تحت الأديم، ومجرى الموت في سَرَبِ

حتى انجلى الليلُ عن صبحٍ قد ابتَسمتْ
فيه المُنى غـضَّةً عن عارضٍ شَنَـبِ

دُكَّـتْ معاقـلُهمْ، فالكـلُّ منذهـلٌ
ممّا أصابَـهمُ، والـكلُّ فـي حَـرَبِ

ينـأوْن بالفكر للماضي، فيُحـزِنُهمْ
أنِ انطوى أمسُهمْ في غابرِ الحُـقُـبِ

وأنَّ ذا الشعبَ، إنْ همَّـتْ به فـئةٌ
كيداً، فـفي كـفِّه عصفٌ من اللّهـبِ

بغدادُ، شُـقِّي طريقَ المجد للعـربِ
وبـشِّـري بسـلامٍ دائـمٍ عَـذِبِ

سرى ضياؤك يطوي الأرضَ مبتسماً
مُصـافحاً كلَّ حُـرٍّ في السّجون أبي

وعانقـتْ نسَماتُ الفجر ضاحـكةً
رياضَـكِ الخُضْـرَ في أثوابها القُـشُب

فبِـاسْم ِذا الشعبِ مُحتَـفّـاً بقائـده
عبد الكريـم، سـنحمي كلَّ مُنـشعَبِ

ونـقذف الخصمَ، لا يلوي، بداهيةٍ
لهيـبُها كـلَظى تموز في السّـُهُـبِ

وللخـيانةِ، إنْ بانَـتْ نواجـذُهـا،
سـهمٌ من الشعـب يُردي كلَّ مُنقـلبِ

فاْضربْ بعـزمٍ ولا تأْخذْكَ لائمـةٌ
فإنَّ في الغيب ما يَخفى على النّـُجُـبِ

فقد رأيتُ عيوناً، وَهْيَ مُـغمَضةٌ،
تـرنو إلى أُفُـقٍ في الجـوِّ مُـلـتهبِ

فالريحُ تجري رُخاءً وَفْـقَ مأمَـلِها
وإنْ تشـأْ، ركبتْها سَـوْرةُ الغَـضبِ

وقد يثورُ من الأمواج أهـدأهـا
فيقذف الشاطئَ السَّـهْـمـانَ بالنّـُوَبِ

لنْ تستطيعَ الليـالي أنْ تـردَّ لهمْ
مـا قد أضاعوه مـنْ لهـوٍ ومن لعِبِ

فمَـنْ يُـرِدْ قهْرَ شعبٍ في تحرُّره
فليقـهَرِ الموتَ في تيّـاره العَـبَـبِ

ومن أراد رُسُـوّاً في مَـرافئِـنا
فقد فـرشنا الثَّرى بالمـوت والعَـطبِ
——————————–
من ديوان (زنابق السّنين – مطبعة فيشون – السّويد 2007)
الرابط
file:///E:/Bahjat%20-%20Sotaliraq_com%20-%20memory%20July%201958.htm

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here