الشخصية والابداع

الشخصية والابداع
ذياب فهد الطائي
من المهم ان نميز في تناولنا اية شخصية اشكالية مبدعة بين امرين،الأول السلوك الشخصي ،والثاني المنجز الابداعي ،لأننا قد نواجه شخصية لا تحمل الصفات الاجتماعية المتعارف على انها سوية ،ولكن هذه الشخصية تقدم منجزا ابداعيا متميزا ،فالشاعرحسين مردان مثلا كان شخصية اشكالية بسلوكه المتصعلك والمتمثل بعدم اهتمامه بمظهره واصراره النوم تحت جسر الشهداء بعد جلسة صاخبة ،ليذهب الى الدوام في عمله،ومردان هو من قدم قصيدة النثر للمشهد الثقافي العراقي،وكذلك الشاعر جان دمو والشاعر الحصيري
وربما استذكر هنا قول الخليل ابن احمد الفراهيدي وهو يرد على أحد منتقديه:
تعلم بعلمي ولا تنظر الى عملي…….ينفعك علمي ولا يؤذيك تقصيري
ان هذا التمييز يحعلنا اقرب الى الموضوعية في تناول المبدع كشخصية انسانية وانجازه كابداع متميز في مجاله
اقول هذا في خضم الحديث الدائر اليوم بقوة حول سقطات سعدي يوسف السياسية وهو الشاعر الذي يملك حضورا شديد التأثير في المشهد الشعري العربي عموما
في عام 1958 اشتريت ديوان سعدي يوسف (51 قصيدة ) وقرأته في ذات الليلة ثلاث مرات وكتبت فيه بضعة ابيات شعرية نشرتها جريدة الاستقلال البغدادية (من المهم الاشارة الى ان كل المراهقين العراقيين هم شعراء بالفطرة )
سعدي يوسف ،ما عرفته بعد ذلك ،شديد النرجسية ،وفي مقولته الشهيرة :سيدخل الجنة الشيوعي الأخير (سعدي يوسف ) والبعثي ألأخير (صدام حسين )
اعتقد انه مصيب في هذه المقاربة لأنه تلمس جوانب التشابه بينه وبين صدام حسين
يذكر لي مسؤله الحزبي ،انه حين اطلع على قسيمة طلب سعدي يوسف الانتماء للحزب الشيوعي وجد انه اختار الاسم الحركي (مسيلمة ) وحين نبهه الى ان هذا الاسم مقرونا بالكذب في التاريخ والثقافة العربية ،اصر على عدم تغييره، وهنا ايضا ،عبر سعدي يوسف عن حقيقة كان يعرفها وحده في حينها
لا يعنيني هنا ان يكون سعدي يوسف مع الشعب العراقي وهمومه وطموحاته أم معاد لهم كما في قصيدته (الخامسة ) التي ينعت بها العراقيين (جواميس القيامة) ،ويمكن أن استبعد الكثير من شعره السياسي ، ولكن ليس من الممكن أن أشطب على تاريخه الشعري المتميز والمبدع
كلنا نثمن ابو تمام ونعده احد ثلاثة في تاريخ الشعر العربي وهو القائل :
ما شئت لا ما شاءت الاقدار ………..فاحكم فأنت الواحد القهار !!!!!!
قاموس الكذب لسعدي يوسف بلا حدود وربما يتخيل ثم يستقر في يقينه ان ما تخيله حقيقة ،فيرويه شفاها احيانا وفي بعض مؤلفاته في احايين اخرى …..سعدي يوسف في حقيقته ليس طائفيا ولا قريب حتى من الدين ،وهو بعيد عن الفكر القومي ،إنه ببساطة نرجسي ، ما أن يسمع بشخصية في الشعر او في السياسة وحتى في الفقه الاسلامي أو العمل العسكري ، اخذت مساحة واسعة من المشهد الاعلامي ،حتى يقف منددا بها معتقدا انه سيرافقها في دائرة الاهتمام (شتم القرضاوي ،وقال عن عبد الوهاب البياتي ساذجا وشعره بدون قيمة فنية ،وهجا المعارضة العراقية وأخيرا تناول العسكري عبد الوهاب الساعدي )
وربما سيدخل الجنة مع البعثي الاخير ،ولكن كل هذا يجب ان لايدفعنا الى الشطب على تاريخه الشعري ويحب ان يجري الفصل بين سلوكه كسياسي فاشل يتلمس طريق الشهره عن طريق التشهير بالناجحين ، وشاعريته وموهبته المتميزه

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here