مع الصدر في نهضته (١)

أبوذر الكندي

حينما قررت الإنخراط في سلك الحوزة العلمية واجتزت اختبارات القبول عند السيد الشهيد محمد الصدر قدس سره ومن ثم باشرت بالدرس الحوزوي وبدأتُ بالنزول إلى مدينتي البصرة – في أيام العطل كان يجتمع حولي مجموعة من الإخوة والأصدقاء رحم الله تعالى الشهداء منهم وحفظ الباقين، حيث كان النقاش محموماً بين الشباب حول المرجعية والقيادة الدينية الصالحة ومرجع التقليد الاعلم، فسألني أخي الأكبر أبو يوسف : كيف رأيت السيد محمد الصدر وما هو الدور الذي يمكن أن يقوم به ؟، وبالرغم من أن هذا النقاش كان في سنة ١٩٩٦ ميلادية حيث لم يأمر السيد الشهيد طاب ثراه بصلاة الجمعة بعد إلا أنني لمحت في شخصه المبارك أملاً كبيراً، فكان جوابي : ” أنني أرى أن هذا الرجل وكأنه لم يُخلق لهذا الزمن .. فأما أن يغلب الزمن فيغيره وأما أن يغلبه الزمن ويمنعه من عمل أي شيء “، وكنت أعني بالزمن الظروف الصعبة المحيطة بالعراق من استبداد السلطة القائمة آنذاك وضعف الوعي الديني وضعف الحالة الاقتصادية للفرد العراقي والتي تقف حائلاً عن قيام أي نهوض ديني ووعي حضاري في العراق.
وفي الواقع أن الذي حصل فيما بعد أن السيد الشهيد محمد الصدر قدس سره قد غيّر الزمن ولوى يده وتجاوز ظروفه الصعبة ليُحدث انقلاباً في الوعي والعمل الديني في العراق وأسّس لنهضة شاملة تبدأ من طريقة التفكير واتخاذ الموقف وتنتهي بالعمل المعطاء والسلوك التضحوي لدى شريحة كبرى من أبناء الشعب العراقي، ولكن البقية الباقية من الزمن الرديء آثرت أن تثأر لنفسها ولسلطتها ولأنانياتها وأصنامها من هذا الرجل الذي تحداها وحطم أوهامها وقضى على آمالها فكان أن اجتمعت كل هذا الأسباب لتصفية سيدنا الشهيد جسدياً، ولتورث فينا حرقةً لا تنطفئ أبداً . فقد فقدنا عالما ومرجعا وقائدا في ظروف كان الشعب العراقي في حاجة ماسة الى تلك القيادة والعقلية العبقرية الشجاعة في التصدي للطاغوت وقيادة المرحلة التي كانت تحتاج الى قيادة حقيقية تقود الجماهير بطريق الحق والفضيلة والصلاح في الدين والدنيا..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here